ماذا تعرف عن منصة بيع الدولار في بغداد؟

11

بغداد / علي كريم إذهيب

مع بداية السنة المالية الجديدة 2025، أعلن البنك المركزي العراقي، وبشكل رسمي، عن إيقاف العمل بآليات المنصة الإلكترونية المتعلقة ببيع الدولار، فيما أشار إلى استمرار آلية منح الدولار للمسافرين في المطارات العراقية.

وقال نائب محافظ البنك المركزي، عمار خلف، في تصريح، اطلعت عليه مجلة (الشبكة العراقية) إن “آلية العمل بالمنصة الإلكترونية المتعلقة بالتحويلات الخارجية توقف العمل بها، لكن تمويل التجارة الخارجية مستمر عن طريق بنوك المراسلة وفق آليات مختلفة توازي ما معمول به في دول العالم.”
وأشار خلف إلى “استمرار منح الدولار للمسافرين في المطارات وفق الآلية المعتمدة التي تعد الأفضل في حصر حصول الدولار للمسافر.”
تأسيس النافذة
بالعودة إلى الوراء في الزمن، فإن نافذة العملة الأجنبية أنشئت عام 2003 وفق اتفاق العراق والولايات المتحدة لبيع الدولار بالسعر الرسمي، حسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، الذي قال إنه” ليس من وظائف البنوك المركزية في العالم القيام بعمليات تمويل التجارة الخارجية في بلدانها، فالبنوك المركزية هي بنوك تعمل على الاستقرار النقدي كونها بنوك إصدار العملة الوطنية، فضلًا عن وظيفة الرقابة على النشاط المصرفي وضمان سلامته واستقراره.”
وأضاف صالح في حديثه لمجلة (الشبكة العراقية) أن “ظروف العراق الريعية، وبسبب أن التدفقات النقدية الأجنبية الداخلة إلى البلاد، التي تنشأ من خلالها الاحتياطيات من النقد الأجنبي المتأتية من عائدات الصادرات النفطية، قد فرضت مثل هذه الضرورة في تمويل التجارة الخارجية للقطاع الأهلي عبر انشاء نافذة العملة الاجنبية (المزاد)، وذلك منذ شهر تشرين الأول من العام 2003، التي أدت دوراً مزدوجاً في أعمال سياسة البنك المركزي العراقي النقدية، سواء في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية (التعقيم النقدي)، وتسمى عملية السوق المفتوحة، التي تتطلب مبادلة الدينار بالدولار لأغراض التحويل الخارجي المرتبط بتمويل التجارة الأهلية، أو تحقيق هدف السيطرة على استقرار سعر صرف الدينار العراقي في آن واحد.”
قواعد دولية
ويلفت المستشار المالي إلى أنه “وبغية العودة إلى اصول تمويل التجارة، من خلال المصارف التجارية نفسها مباشرة عن طريق فتح الاعتمادات المستندية لدى المصارف المراسلة في الخارج ، فإن حساباتها الخارجية المفتوحة لدى مراسليها من المصارف الأجنبية ستغذى بطلباتها من العملة الأجنبية من خلال البنك المركزي العراقي، بغية تمكينها من فتح الاعتمادات المستندية لتمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص وبطريقة اكثر شفافية وتخضع في الوقت نفسه لقواعد الامتثال الدولي عبر الدور الذي ستؤديه تلك المصارف الدولية ذات التصنيف الائتماني العالي.”
العمر الافتراضي لنافذة بيع العملة الأجنبية كان سنتين فقط، لكنه وللأسف استمر لأكثر من 20 سنة، بحسب صالح. ليتابع بالقول: “كفاءة استخدام العملة الأجنبية سترتفع من دون شك، ذلك من خلال استمرار السيطرة على مناسيب السيولة المحلية وفرض الاستقرار في سعر صرف الدينار العراقي، لكن بطريقة مختلفة تتناسب والتطبيقات المصرفية الجديدة المعتمدة كليةً في العام 2024.”
تأثيرات محتملة
في المقابل، هناك تأثيرات اقتصادية واجتماعية محتملة في السوق العراقية نتيجة إلغاء نافذة بيع الدولار، وفق الخبير الاقتصادي الدكتور بلال الخليفة، متحدثًا لـمجلة (الشبكة العراقية) من خلال 4 تأثيرات:
1. تأثير على سوق الصرف:
تقلبات في أسعار العملة: إذا كانت المنصة تلعب دورًا مهمًا في توفير السيولة أو تحديد أسعار الصرف، فقد يؤدي إيقافها إلى تقلبات في أسعار العملة بسبب انخفاض السيولة أو عدم وجود آلية واضحة لتحديد الأسعار.
زيادة الطلب على السوق الموازي: قد يلجأ الأفراد والشركات إلى السوق الموازي (غير الرسمي) لشراء العملة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في هذا السوق وزيادة الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي.
2. تأثير على الأفراد والشركات:
صعوبة الحصول على العملة: إذا كانت المنصة هي المصدر الرئيس للحصول على العملة الأجنبية، فقد يواجه الأفراد والشركات صعوبات في الحصول على العملة اللازمة للاستيراد أو السفر أو غيرهما من الاحتياجات.
زيادة التكاليف: قد يضطر المستهلكون والشركات إلى دفع أسعار أعلى للحصول على العملة الأجنبية، ما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد وارتفاع الأسعار المحلية.
3. تأثير على الاقتصاد الكلي:
انخفاض الثقة في النظام المالي: قد يؤدي إيقاف المنصة إلى انخفاض الثقة في النظام المالي والاقتصادي، خاصة إذا كان الإيقاف مفاجئًا أو بدون تفسير واضح.
تأثير على الاستثمار الأجنبي: قد يتردد المستثمرون الأجانب في الاستثمار في البلاد إذا كان هناك عدم استقرار في سوق الصرف أو صعوبة في تحويل العملات.
4. تأثير على الحكومة والبنك المركزي:
زيادة الضغط على الاحتياطيات: إذا كانت المنصة تعتمد على احتياطيات البنك المركزي.
مغادرة الريعية
في الجهة الأخرى، ونتيجة إلغاء منصة بيع الدولار. يحث المهندس الاستشاري منار العبيدي على “أهمية تنويع موارد الدولة العراقية من العملة الأجنبية (الدولار) بدلاً من الاعتماد الأوحد على واردات النفط الخام، إذ يجب الآن التفكير بحلول خارج الصندوق، فعصر النفط، شئنا أم أبينا، منتهٍ ويوجد تباحث في توقيت انتهائه.”
يقول العبيدي في حديث لمجلة (الشبكة العراقية): “بالرغم من امتلاك العراق لفرص استثمارية، والقدرة على جذب الزائرين وعدد من المغتربين العراقيين خارج العراق، وامتلاك آلاف العراقيين لاستثمارات في مختلف الدول، إلا أن الدولة العراقية لم تستطع تشجيع كل هذه القطاعات لتخلق إيرادات من العملات الأجنبية، واستمرت في محاولة زيادة العملات الاجنبية من مبيعات سلعة واحدة هي النفط الخام.”
يضيف المهندس قائلًا: “ألم يحن الوقت لمحاولة زيادة الاستثمارات الأجنبية التي هرب أكثر من 18 مليار دولار منها لخارج العراق، بحسب بيانات البنك الدولي، وتشجيع الاستثمارات بالمشاريع الاستخراجية لتنويع صادرات السلع الاستخراجية، بدلًا من تصدير سلعة واحدة وهي النفط، إضافة إلى تشجيع صادرات المشاريع الصناعية المحلية وتبني سياسة تصديرية واضحة لمختلف الدول القريبة والبعيدة؟”
يكمل العبيدي: “ألم يحن الوقت لتنظيم دخول السياح ومحاولة الاستفادة من وجودهم في العراق وزيادة إنفاقهم بشكل يخلق إيرادًا آخر للدولة العراقية، من خلال تشجيع السياحة الدينية من الدول الأعلى دخلًا، وبالتالي الأعلى إنفاقًا، بدلًا من الاعتماد على دولة فقيرة في جذب السياح؟”
استثمارات خارجية
يقول العبيدي أيضًا: “ألم يحن الوقت لإنشاء وزارة المغتربين العراقية للتواصل مع المغتربين العراقيين لتشجيعهم على الرجوع إلى بلدانهم، ونقل جزء من استثماراتهم الخارجية إلى داخل العراق للإسهام في خلق مدخول بالعملات الأجنبية؟ إضافة إلى الاستفادة من آلاف الكوادر العراقية القادرة على بيع خدماتها لمختلف الشركات في دول العالم المختلفة، بنظام العمل عن بعد لتوفير مدخولات بالعملات الأجنبية.”
كما يؤكد العبيدي أن إنشاء صناديق استثمار خارجية سيخلق عائدًا حقيقيًا يسهم في توريد أرباح هذه الصناديق كعملة أجنبية إلى داخل العراق.”
وبحسب الاقتصاديين، فإن العراق يمتلك عوامل أخرى عديدة لزيادة احتياطياتهِ ومدخولاتهِ الشهرية من النقد الأجنبي (الدولار)، من خلال عوامل عدة أهمها تقليل الاعتماد الكلي على النفط الخام.