محدودية نقاط الدفع الإلكتروني تهــــدر أمـــوال المواطنين

176

مصطفى الهاشمي /

يحتاج المواطن، في تعاملاته اليومية، إلى تحقيق الجدوى الاقتصادية، والحد من الهدر المالي الموجود في نفقاته ضمن الفئات النقدية الصغيرة، وذلك من خلال تفعيل الدفع الإلكتروني بالبطاقات الذكية لجميع التعاملات التجارية، وحتى دفع الفواتير والغرامات وتعبئة الوقود وغيرها.
وأعلن البنك المركزي عن أهدافه في السعي لتقليل التداول بالنقد (الكاش) من خلال تفعيل منصات الدفع الإلكتروني ونقاط البيع، إلا أن هناك قصوراً واضحاً في انتشار هذه النقاط، ما يجعل عملها يقتصر على سحب الرواتب فقط، دون إجراء أية تعاملات تجارية أو تحويلات مالية بين المستخدمين، أو دفع الرسوم لدى مراجعتهم الدوائر الحكومية.
مظاهر هدر المال
يقول المختص في الشأن الاقتصادي (الدكتور حسين الخاقاني) إن “غياب الفئات الصغيرة من العملة يشكل عبئاً على جميع المستهلكين، وهو مظهر لهدر المال الفردي، إذ أن سعر قنينة الماء مثلاً هو 150 ديناراً، وبالتالي فإن أصغر فئة نقدية متداولة من العملة هي 250 ديناراً، وبالتالي ضاعت من المواطن 100 دينار بلا نفع.”
أضاف الخاقاني في حديثه إلى “مجلة الشبكة” أن “من مظاهر الهدر المالي الفردي لحاملي بطاقة الدفع الإلكتروني من الموظفين والمتقاعدين، أنهم سرعان ما يذهبون إلى تسلم رواتبهم نقداً من مكاتب الصيرفة، مخصومة منها العمولة، وهذا ما يتقاطع مع أهداف البنك المركزي للحد من استخدام الكاش، والحد من التداول النقدي.”
وبيّن أن “عدم توفر أجهزة قراءة بطاقات الدفع الإلكتروني، التي يفترض توفرها عند كل الجهات الرسمية والمحال التجارية لتحصيل ديونها، كالدوائر التي تستحصل الرسوم، الضرائب مثلا، والمولات والأسواق التجارية، الكبيرة والصغيرة، وسائقي سيارات الأجرة، ومحال بيع الخضر والفواكه والأفران والمطاعم، بما يجنب المواطن التعامل بالعملات التالفة والمزيفة والدفع أكثر من المطلوب، ما يقلل كثيراً من استخدام العملة الورقية ويحافظ عليها من التلف.”
الدعم بالحوافز والغرامات
ولفت الخاقاني إلى أن “الجهة التي فرضت البطاقة الإلكترونية على الموظفين والمتقاعدين، قادرة أيضاً على فرض استخدام نقاط البيع في جميع التعاملات التجارية والرسمية، في تحصيل ديونها، مع دعمها بحوافز، وفرض غرامات عند عدم استخدامها، وبذلك نحافظ على العملة الورقية لأطول فترة، ونساعد المواطن في السيطرة على مصروفاته وتسديد ديونه من دون تبذير، بما يحقق العدالة ويقلل الهدر المالي في الفئات الصغيرة.”
بدوره، قال الأكاديمي الاقتصادي (الدكتور صباح نعمة)، الأستاذ في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد، إن “نظام الدفع الإلكتروني هو طريقة لإجراء الدفع مقابل السلع والخدمات من خلال وسيط إلكتروني دون استخدام النقد.”
أضاف نعمة في حديثه إلى “مجلة الشبكة”: يواجه التجار ورجال الأعمال بعض المشكلات، أهمها كيفية توفير بوابة دفع إلكترونية فيها خاصية تعدد العملات.” مشيراً إلى أنه “يمكن للتاجر حل هذه المشكلة من خلال الاستعانة ببوابة دفع إلكترونية، مثل فاتورة لحلول الدفع الإلكتروني.”
ويرى نعمة أن “خدمات الدفع الإلكتروني في العراق لاتزال ضعيفة، نظراً لقلة الإمكانيات والمؤهلات المتاحة، ومع ذلك، فقد سعت الحكومة، من خلال تبنيها سياسات متعددة، إلى تقليل التعامل بالأوراق المالية، والتحول تدريجياً إلى نظام الدفع الرقمي للأموال.” لافتاً إلى أن “هذه الخدمات الرقمية تستخدم من قبل نحو 6 ملايين مواطن من الموظفين والمتقاعدين، وهي تتمثل بسحب الأموال الكاش من نقاط البيع أو الصرّافات الآلية.”
القانون والأمن السيبراني
كما أكد أن “غياب النص القانوني الواضح الذي يعرّف التجارة الإلكترونية وينظمها، والعمل على إيجاد أجواء مثالية لتعزيز الدفع الإلكتروني في العراق، يمثلان أهم التحديات التي تواجه الدفع الإلكتروني، كما أن التخوف من عدم وجود أمن سيبراني كافٍ ومعلوماتي واضح يعدان من المشاكل الأخرى.”
وأشار إلى أن “ثقافة السكان وخبرتهم بمزايا الدفع الإلكتروني في العراق شبه معدومتين، ما يؤدي إلى ضعف انتشار نقاط البيع، إذ أن المواطنين يعتمدون -إلى حد كبير- على أنظمة الدفع التقليدية (الكاش)، فضلاً عن أن ضعف المؤهلات والخبرات المتاحة والخبرة المصرفية يعيق انتشار وسائل الدفع الحديثة.”