مطار بغداد الدولي.. حلمٌ يُعانق السماء ومستقبلٌ للطيران العربي

41

أحمد عبد ربه /

منذ أكثر من أربعين عامًا، ظل مطار بغداد الدولي يشكل نقطة تلاقٍ بين الشرق والغرب، لكنه رغم تاريخه العريق لم يُمنح فرصة التحول إلى رمز حقيقي للطيران الحديث. وعلى الرغم من ارتفاع أعداد المسافرين حتى 3.5 مليون مسافر سنويًا، بقيت مرافقه رهينة الزمن، وعاش المطار في ظل شحٍّ في التحديثات الكبيرة.
في خطوة غير مسبوقة، أبرم العراق في أيلول 2023 اتفاقًا مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة لمجموعة البنك الدولي، التي ستنهض بالمطار من غياهب التأهيل المتهالك إلى رحاب العصر الحديث. الاتفاق الذي وُقع برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ينطوي على شراكة ستراتيجية تهدف إلى بناء مطار يعانق السماء بمرافقه الحديثة، ويرتقي بالخدمات ليصبح متماشيًا مع المعايير العالمية.
مرحلة جديدة
وفي تصريحات خاصة لمجلة “الشبكة العراقية”، كشف ميثم الصافي، المتحدث باسم وزارة النقل، عن أن “المؤسسة قدمت مؤخرًا دراسة جدوى فنية واقتصادية توضح كيف يمكن للمطار أن يصبح منصة تواكب تطورات العصر.” وأضاف أن “14شركة عالمية أبدت رغبتها في المساهمة في المشروع، وهو ما يعني أن العراق بدأ يخطو نحو مرحلة جديدة من الاستثمار العالمي في قطاع الطيران. وفي مرحلة من النقاشات النهائية، سيتقرر من سيكون الشريك المثالي لإطلاق أكبر مشروعات تأهيل المطارات في المنطقة، مضيفاً : أن إشراف المؤسسة الدولية يُعد علامة فارقة، حيث يمثّل عنصر جذب إضافي للمستثمرين، ويعزز الثقة في أن العراق لا يزال قادرًا على إعادة تأهيل قطاعه الحيوي، وفي الوقت نفسه يفتح أبواب الأمل لتحقيق تطلعاته في أن يكون قطاع الطيران العراقي في مصاف المطارات العالمية الكبرى.”
الصافي أشار إلى أن من بين المقترحات البارزة للمشروع بناء صالة ركاب جديدة، ما يسمح بزيادة الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 10 ملايين مسافر سنويًا. وكأن بغداد، التي لطالما كانت ملتقى الحضارات، تستعد الآن لتكون محطة التقاء للركاب من كل أنحاء العالم.
عوائد ضخمة
من جهته، قال الباحث الاقتصادي مصطفى حنتوش في حديثه لمجلة “الشبكة العراقية”: “العراق يمتلك موقعا ستراتيجيًا بين الشرق والغرب، فهو يربط قارتين عبر أقصر المسارات الجوية، وهذا الموقع الذهبي يفتح أمامنا فرصًا عظيمة، ولاسيما في مجال خدمات الترانزيت.”
أضاف حنتوش أن “مطار بغداد الدولي يملك مساحات شاسعة يمكن استثمارها لإنشاء مرافق خدمية متكاملة، مثل فنادق فاخرة واستراحات للمسافرين. وإذا جرت الاستفادة من هذا الموقع الحيوي بالشكل الصحيح، يمكن أن يصبح المطار مركزًا للترانزيت على غرار تركيا وقطر، ما يسهم في استقطاب ملايين الركاب سنويًا”.
وأشار حنتوش إلى أن إعادة تأهيل المطار واستثمار قطاع الترانزيت بشكل فعال يمكن أن يسهما في تحقيق إيرادات سنوية تزيد على ملياري دولار، وهو ما سيعود على خزينة الدولة بعوائد ضخمة. وأضاف أن الجهود يجب أن تركز على تقديم خدمات مميزة لجميع المسافرين، مع التركيز على الكفاءة والراحة بدلًا من الاقتصار على فئات معينة.
مفتاح النجاح
في ذات السياق، أكد الأكاديمي أحمد الجنابي أن العراق قد أضاع الكثير من الفرص بسبب غياب خدمات الترانزيت التي كانت ستُدر عليه إيرادات مالية ضخمة. وأوضح الجنابي في حديثه لمجلة “الشبكة العراقية”: “كان بإمكان العراق أن يحقق إيرادات طائلة من مرور الطائرات عبر أجوائه، لكن ذلك لم يحدث نتيجة غياب البنية التحتية الجيدة لخدمات الترانزيت.”
ورأى الجنابي أن مطار بغداد الدولي يحتاج إلى تطوير شامل ليصبح مطارًا عالميًا يواكب متطلبات العصر ويستوعب عددًا أكبر من الطائرات والمسافرين. ولفت إلى أن شراكة حقيقية مع شركات النقل العالمية ستكون مفتاح نجاح هذا المشروع.
وقال الجنابي أيضًا: “نحتاج إلى إشراك القطاع الخاص في تطوير المطارات العراقية لضمان تنوع الاستثمار وتحقيق الفائدة القصوى. مبيناً إن هذا المشروع سيكون حجر الزاوية في تعزيز الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل جديدة، وفي نفس الوقت تحسين صورة العراق كمركز طيران حيوي في المنطقة.”