ميناء الفاو الكبير.. والر بط السككي الداخلي

324

ملاذ الأمين /

من المتوقع أن يكون للعراق دور محوري في طريق الحرير الذي يختزل طرق التجارة الدولية بين الشرق والغرب، وذلك بالنظر لموقعة الجغرافي الستراتيجي كحلقة مهمة في هذا الطريق، ما يتطلب التفكير جدياً بإنجاز بناء ميناء الفاو الكبير الذي سيحتوي على عشرات الأرصفة لاستيعاب السفن والحاويات التجارية ونقلها بيسر الى أوروبا عن طريق تركيا أو الى البحر المتوسط، ما يؤكد الحاجة للإسراع بتأهيل الموانئ وزيادة أرصفتها.
إن موقع العراق في الخريطة الدولية سيفتح نافذة جديدة له لتوسيع قاعدته الاقتصادية، وتحقيق التنوع الاقتصادي فيه من خلال استغلال هذه الفرصة والاهتمام بطرق النقل ولاسيما الربط السككي بين ميناء الفاو الكبير والبحر المتوسط عن طريق سوريا او تركيا وصولاً الى أوروبا.
الحزام والطريق
قبل سبع سنوات (عام 2015) أكد وزير الخارجية الصيني (وانغ يي) أن المبادرة التي أطلقتها بلاده والتي عرفت باسم (ستراتيجية الحزام والطريق) تتضمن نحو ألف مشروع، منها ربط الدول الأوروآسيوية، التي تبلغ نحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط، وفي مقدمتها دول الشرق الأوسط التي يمر بها الطريق، بشبكة من الطرق البرية والحديدية وخطوط الطيران، فضلاً عن الأنابيب وشبكات الإنترنت، وهو ما يهيئ الظروف اللازمة للتنمية الاقتصادية.
وينبغي للعراق أن يستفيد من هذا الطريق بشكل متكامل، ومنع الربط السككي مع بعض دول الجوار لأنه سيضر بعمل وفاعلية الموانئ العراقية، ما يتطلب التفكير بتقديم خدمات أكثر فاعلية وبأسعار زهيدة، إضافة الى بناء أرصفة تتسع لعدد كبير من السفن والحاويات مع سهولة مناقلتها ووضعها في قطارات السكك الحديدية لتتوجه نحو هدفها الأخير، وبذلك سيكون العراق قبلة للسفن التجارية من والى أوروبا للاستفادة من عاملي كلفة النقل القليلة نسبياً وسرعة وصول الشحنات عبر العراق.
اختصار الوقت
ويشير المراقبون الى أن استخدام الشحنات التجارية عن طريق ميناء الفاو يختصر كثيراً من الوقت مقارنة بطرق النقل الأخرى، فالشحنة المقبلة من الهند عبر ميناء الفاو تصل الى إيطاليا بفارق زمني يزيد على الـ 10 أيام، وبكلفة أقل مقارنه بنفس الشحنة المارة عبرمضيق باب المندب وقناة السويس وصولاً الى موانئ إيطاليا، لذا فإن طريق ميناء الفاو سيجذب خطوط التجارة الدولية للاستفادة من عاملي الوقت والتكلفة الأقل لتحقيق أرباح إضافية للتجار.
لذا فإن على وزارة النقل أن تستعد منذ الآن، وقبل افتتاح ميناء الفاو الكبير، لافتتاح وتأهيل الطرق الرابطة ضمن خط سير الشحنات التجارية، مع إنشاء مناطق صناعية وخدمات ومناطق ترفيهية ضمن مسافات مقبولة قرب المدن، ما سوف يحسن البيئة التجارية في تلك المناطق ويسهم في التنمية الاقتصادية المحلية، بالإضافة الى تأهيل خطوط السكك الحديد لتتحمل ثقل الحاويات التجارية التي ستنقلها من والى أوروبا.
ربط سككي
تعد خطوط السكك الحديدية أقل كلفة لنقل الشحنات التجارية من نظيرتها عبر المركبات الكبيرة وكذلك عبر الطائرات، لذا فإن من الضمانات الأساسية لنجاح ميناء الفاو الكبير ربطة سككياً مع تركيا وصولاً الى أوروبا او روسيا، ومنع أي ربط سككي مع دول الجوار الجنوبي: إيران والكويت والسعودية، لأن ذلك سيضر بعمل الميناء وينعش عمل موانئ دول الجوار على حساب ميناء الفاو.
ويرى خبراء الاقتصاد أن الربط السككي مع دول الجوار له خاصيتان سلبيتان: أولاهما أنه سيقضي على ما تبقى من الصناعة الوطنية والزراعة، لأن دول الجوار تنتج بتكاليف منخفضة جداً لا يستطيع القطاع الصناعي والزراعي العراقي أن ينتج بهذه التكاليف، كما أنه سيقضي على مشروع ميناء الفاو الكبير لأنه سيصبح عديم الفائدة، ما يتطلب من العراق أن يبني ميناء الفاو كميناء تجاري يوازي ميناء جبل علي في الإمارات لتحقيق إيرادات كبيرة.

ثروة غير ناضبة
ورغم وفرة النفط في العراق، إلا أن هذه الثروة تتجه نحو النضوب او انخفاض الطلب عليها نظراً لتوجه العالم نحو الطاقة الرخيصة التي لا تنتج ضرراً على البيئة، بمعنى أن العراق الذي يعتمد في اقتصاده على النفط قد يتعرض خلال العقد المقبل الى أزمة كبيرة من جراء تراجع الطلب على النفط. وعلى هذا الأساس ينبغي التوجه نحو البحث عن بدائل لإنعاش اقتصاده، ومن أفضل هذه البدائل الاهتمام بإنجاز ميناء الفاو والطرق الرابطة معه من خلال تخصيص الأموال اللازمة والتخطيط لإنشاء مدن صناعية على هذا الطريق الحيوي والاستفادة من عائداته لتنمية الاقتصاد الوطني وافتتاح منشآت إنتاجية لتشغيل آلاف الأيدي العاملة وتدوير الأموال وتحقيق الأرباح، ويعد هذا التوجه هو الأنسب للبلاد لكونه يحقق الاستثمار في ثروة غير ناضبة ومستمرة.