وزارة الموارد المائية نعتها إلى الأبد قلب ساوة ينبض من جديد

402

يوسف المحسن/

البحيرة التي توقع المراقبون والمختصون موتها، عادت تنبض بالحياة، فبعد تراجع تدفق المياه من العين وسط البحيرة، ارتفعت معدلات جريانها من باطن الأرض بالتزامن مع توقف عمليات السقي من الآبار الارتوازية في البادية الجنوبية بفعل بداية عمليات الحصاد.
دلالات
يقول المهندس المقيم في البحيرة راي محمد علي إن “موعد الانحسار والعودة صار تقليداً يتكرَّر في السنوات الأخيرة.” وأضاف “اعتدنا خلال العامين الماضيين على أن تنخفض المياه في بحيرة ساوة ابتداء من موسم الخريف، وتحديداً في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول، ثم تعود للارتفاع والتدفق في نهاية شهر نيسان.” محمد علي أشار الى أن “ارتفاع مناسيب المياه الجوفية المغذية للبحيرة هو الذي يتحكم بكميات المياه فيها، وانخفاض هذه المناسيب يعني جفاف البحيرة، كما حصل خلال الأشهر الماضية.”
وتابع في حديث لـ (الشبكة): “الأسباب هي ذاتها التي بينتها الفرق البحثية المتمثلة بمركز إنعاش الأهوار، ومركز علوم البادية وبحيرة ساوة في جامعة المثنى، ومركز علوم البحار في جامعة البصرة، وهي تعود بنسبة تسعين بالمئة الى العامل البشري المتمثل بالاستخدامين الصناعي والزراعي للمياه الجوفية، وحين تتوقف هذه الاستخدامات تبدأ مياه العين المُجهِّزة بالارتفاع تدريجياً وتنساب الى حوض البحيرة.”
الخبير البيئي والمهندس يوسف سوادي جبار، مدير دائرة بيئة محافظة المثنى، الذي زار البحيرة أكد “عودة نسبة من المياه، وإن كانت بسيطة، الى البحيرة، وهي في تصاعد، حيث تتسع، يوماً بعد آخر، الأرض المغمورة في حوضها.” مرجحاً الترابط بين عمليات حصاد محاصيل الحبوب في البادية وتوقف عمليات السقي (السيحي)، وبين عودة المياه للتدفق في عين التجهيز، إذ قال “هنالك ارتفاع طفيف بمناسيب المياه في بحيرة ساوة، وهذا شيء طبيعي بسبب توقف الموسم الزراعي لهذا العام وإيقاف المشاريع الصناعية القريبة منها مثل مشاريع الملح ومشاريع السمنت.”
معلومات غير دقيقة
التغيرات الجديدة في ملف بحيرة ساوة، بعد عملية الجفاف التي شغلت الرأي العام العراقي طوال الشهرين الماضيين، دحضت التكهنات والتحليلات التي وصفتها الدكتورة صوفيا جبار بالمعلومات المُضلّلة عن مصدر تغذية البحيرة بالمياه، ودعت الحكومة الى تشكيل لجنة من وزارات عدة ومركز علوم البحار في جامعة البصرة، بالإضافة الى مركز دراسات البادية وبحيرة ساوة، التابع الى جامعة المثنى، اللجنة التي كانت عبارة عن فريق بحثي متخصص قدمت تقاريرها وتوصياتها من أجل الحفاظ على الخزين المائي والاستغلال الأمثل لمكامن المياه الجوفية.
منظومة التنقيط
وعن التوصيات والحلول، يقول رئيس المهندسين راي محمد علي: “هنالك مقترحات عدة، كاستخدام طرق الري المتطورة (المرشات ومنظومات التنقيط)، التي تحد، بنسبة خمسين بالمئة، من هدر المياه، ووضع مقاييس وأقفال على الآبار المتمثلة بالاستخدامات الزراعية والصناعية، وهي إجراءات تحافظ على خصوبة التربة وتوسع المساحات الخضر.” ويؤيد الخبير الجغرافي والأكاديمي في جامعة المثنى الدكتور سرحان الخفاجي جميع الخطوات التي تحافظ على الخزين المائي من عمليات الهدر الجائر، مع تأكيده، من خلال دراسة أجراها، على أهمية تنفيذ مشروع (حصاد المياه)، الذي يهدف الى تجميع مياه السيول في الوديان و(الفيضات) الصحراوية للانتفاع المباشر منها، او تغذية المخزون من المياه الجوفية في عموم مكمن الدمام الأرضي، الذي تعتمد عليه عين التجهيز في بحيرة ساوة والآبار الارتوازية في البادية، وهي بحدود ألف وثلاثمئة وخمس وثلاثين بئراً وإحدى عشرة عيناً.
وجفاف بحيرة ساوة، التي ضمت لاتفاقية (رامسار) لحماية المسطحات المائية والأراضي الرطبة، منذ العام 2015، وإن كان الحدث الأشد وقعاً خلال العام الجاري بالنسبة للسماويين، لما للبحيرة من حضور تاريخي وعاطفي وثقافي في نفوس الأهالي، ولعشاق الطبيعة في كل مكان، كونها البحيرة الأكثر غرابة، المرتبطة بتاريخ من الحوادث والأساطير والمعتقدات وهجرة الطيور النادرة،
إلا أن انحسار مياهها كان مؤشراً فتح الباب أمام مشكلات بيئية أكبر، وآثار كان يمكن أن تتفاقم، من بينها -بحسب الدكتورة صوفيا جبار مديرة مركز دراسات البادية وبحيرة ساوة- نضوب الخزين الوطني من المياه الجوفية، الذي يمثل ثروة عالية القيمة وعاملاً في استقرار ملف التنوع الإحيائي والحياتي في البادية الجنوبية، فنضوب ماء البحيرة كان القربان والصرخة التي لفتت الأنظار.