قمة كلاسكو 26 .. العــراق خــارج اتفاقية المــناخ

2٬154

ترجمة وإعداد: هالة السلام/

تزامناً مع انعقاد مؤتمر تغير المناخ برعاية الأمم المتحدة التي يعد العراق واحداً من دولتين لم توقعا على اتفاقية باريس لحماية المناخ، حذرت تقارير دولية من أن العراق سيعاني من تأثيرات المناخ ويواجه مزيداً من النقص في المياه، وزيادة في الانبعاثات الملوثة المصاحبة لحرق الغاز.
وبينما يجتمع زعماء العالم للمدة بين 31 اكتوبر (تشرين الأول) – 12 نوفمبر(تشرين الثاني) في مدينة كَلاسكو، اسكتلندا، لإجراء مفاوضات بشأن أزمة المناخ الدولية بوساطة الأمم المتحدة، ينصب التركيز على حث الدول على مضاعفة الالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والوقود الأحفوري، ومناقشة التزامات أشد لحماية واستعادة غابات الكوكب كمصارف للكربون ووقف إزالتها.
في هذه الفترة تسلط الصحافة العالمية ومنظمات حماية البيئة الضوء على أزمة المناخ ومقترحات حلولها، من خلال التركيز على بحوث المراكز المختصة برصد مشاكل البيئة وتأثيراتها على المناخ، ويعمل الباحثون، ولأول مرة، في هذه التقارير على تحديد كيفية قيام غابات العالم بحبس ما يقرب من 13 مليار طن من الكربون في الغلاف الجوي وعلى مر قرون، وهو ما يتجاوز الكمية الإجمالية للكربون في احتياطيات النفط في الكويت، على سبيل المثال.
زيادة في الانبعاثات
في العشرين عاماً الماضية، أظهر العديد من هذه المواقع زيادة في الانبعاثات، حتى أن بعضها تجاوز كمية الكربون التي كانت تزيلها من الغلاف الجوي. وبعد أن اشارت نتائج التقارير إلى تحذيرات من القيود المفروضة على الأشجار والغابات كحل للمناخ، يناقش مؤتمر المناخ العالمي طرق الحد من تلك القيود، أهمها ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ تعد زراعة الأشجار واحدة من أربع أولويات رئيسة لحلها، وفقاً لما حددته حكومة المملكة المتحدة، التي تترأس الحدث.
إن حماية الغابات وزراعة الأشجار لها إمكانات هائلة لامتصاص الكربون من الغلاف الجوي، ولكن في عالم سريع التغير من الطقس البري، يمكن أن تصبح الأشجار في المناطق المعرضة لحرائق الغابات جزءاً من المشكلة، وليس الحل، كما بينت منظمة اليونسكو ذلك في تقاريرها.

عاملان رئيسان
ويعلل باحثو اليونسكو ذلك بأن هناك عاملين رئيسين يتسببان في تحول الغابات من أحواض إلى مصادر: أولهما الظواهر المناخية المتطرفة التي يغذيها تغير المناخ بما في ذلك حرائق الغابات والعواصف والجفاف، وثانيهما ضغوط استخدام الإنسان للأراضي مثل قطع الأشجار غير المشروع وقطع الأخشاب والممارسات الزراعية مثل رعي الماشية.
خفض الانبعاثات
في ضوء ذلك تعهدت ثلاث من أكبر الدول المسببة للانبعاثات: الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي، بخفض انبعاثاتها بحلول عام 2030. في حين كانت لدى الصين خطة لخفض الانبعاثات قبل عام 2030، وبدلاً من ذلك تلتزم بالوصول إلى ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030 وتحقيق صافي الصفر من الانبعاثات بحلول عام 2060.
تهدف اتفاقية باريس لعام 2015 إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين على الأقل، او 1.5 درجة من الناحية المثالية، وقد وقعت جميع البلدان على الاتفاقية وقدمت أولى مساهماتها المحددة وطنيا (النسبة المحددة لخفض الاحتباس الحراري)، عدا إريتريا والعراق، فهما الدولتان الوحيدتان اللتان لم توقعا بعد على اتفاقية باريس، لكنهما قدمتا المساهمات المحددة وطنياً.

العراق.. بيئة مهددة بالاكتئاب
في تقرير حديث له، كشف الاتحاد الدولي لجمعيتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن المستقبل الكئيب الذي يهدد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع زيادة تغير المناخ، مشيراً إلى أن المجتمعات الأكثر تضرراً هي الأكثر فقراً في العالم والمهمشة بالفعل بسبب عوامل مثل الحرب والكوارث، محذراً من أن العراق سيعاني مزيداً من النقص في المياه.
وأوضح التقرير بالتفصيل أزمة المياه التي يمر بها العراق، مشيراً إلى آثار تغير المناخ كعامل يؤدي إلى تفاقم تأثير الصراع وسوء إدارة المياه، وتوقع مستقبل قاتم للبلاد.
وحذر التقرير من أن متوسط درجة الحرارة السنوية في العراق سيرتفع بمقدار درجتين، وأن متوسط هطول الأمطار سينخفض بمقدار تسعة سنتيمترات بحلول عام 2050 على المسار الحالي، ما سيؤدي إلى موجات حر وجفاف أكثر تواتراً.
ووفقا للبيانات، فإن التصحر، الذي يمثل مشكلة فعلية في العراق بسبب استنزاف إمدادات المياه من نهري دجلة والفرات الرئيسين، يشكل خطراً على نحو 54 في المئة من الأراضي، مع 28 في المئة فقط من المساحات الصالحة للزراعة حالياً، الأمر الذي أدى الى غرق المزارعين في الديون بسبب الظروف الجوية القاسية لإبقاء حيواناتهم على قيد الحياة.الأطفال العراقيون هم أيضاً ضحايا تغير المناخ، فهم لا يحصلون على المياه النظيفة، إذ أن أقل من نصف المدارس لديها إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة، و 60 في المئة من الأطفال معرضون لخطر جسيم من ناحية “صحة الأطفال وتغذيتهم ومعرفتهم وسبل عيشهم المستقبلية”.
لفتت تقارير سابقة لوزارة الزراعة إلى حاجة العراق إلى أكثر من 16 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، مشيرة إلى بعض الخطط الموضوعة من قبل المنظمات المهتمة والمؤسسات الحكومية المختصة لتنفيذ مشاريع التشجير المنظم لتحسين الوضع البيئي، إلا أن توالي الأزمات في البلاد تسبب بإهمال مشاريع الأحزمة الخضر حول المدن، ما أدى إلى تعرضه إلى تغيرات مناخية كبيرة، وقد بات العراق بحاجة إلى عدد كبير من هذه المشاريع ليقلل من العواصف الرملية على المدن.
وعن ذلك أكد السيد “تشاباغين”، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمرين، على أن الاتحاد سيوضح خلال مؤتمر COP26 وما بعده، أن العمل العاجل والاستثمار على المستوى المحلي ضروريان لحماية المجتمعات من النزوح المرتبط بالمناخ والاستجابة لتأثيره المدمر عند حدوثه.
ورشة عمل
على الجانب المحلي، عقد برنامج الأمم المتحدة للبيئة في العراق، الأسبوع الماضي بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة، ورشة عمل تدريبية لمدة يومين في أربيل حول تغير المناخ ضمن تنفيذ مشروع خطة التكيف الوطنية العراقية (NAP) التي تهدف إلى “تمكين المؤسسات من بناء القدرة على دفع عملية خطة التكيف الوطنية في العراق،” لزيادة وعي أصحاب المصلحة (بما في ذلك الفئات الضعيفة والقطاع الخاص) بشأن سيناريوهات تغير المناخ الحالية والمستقبلية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والإجراءات ذات الأولوية وفرص الاستثمار لزيادة القدرة على التكيف مع المناخ المتغير عبر العراق.
تعد هذه الورشة هي الأولى في سلسلة من ورش العمل المخطط لها لعرض الآثار الخطيرة لتغير المناخ على البلاد، والتي تأتي ضمن حملة تستهدف المحافظات الأخرى في العراق لمعالجة آثار تغير المناخ في البلاد. ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف الشديد، وتراجع هطول الأمطار، والتصحر، والتملح، وتزايد انتشار العواصف الترابية، كلها حوادث بدأنا نشهدها بالفعل.
تقدم سلسة ورش العمل هذه عروضاً عن مخاطر المناخ وأنظمة الإنذار المبكر وعن استخدام نظم المعلومات الجغرافية لدعم تدابير التكيف.
إضافة إلى توضيح تأثيرات تغير المناخ على الصحة والزراعة وموارد المياه والتنوع البيولوجي والمستوطنات البشرية.
وتدير سلسلة مناقشات وتأملات في القطاعات ذات الأولوية الأكثر تأثراً بتغير المناخ في الدولة وضرورة تطوير ستراتيجيات قصيرة ومتوسطة لمعالجة هذه الآثار، مع إيجاد مساحة للحوار في مبادرات المجتمع المدني الحالية التي تقود التكيف مع المناخ، كمقترحات عن الحد من حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط في العراق الذي يُعد العامل الرئيس لتلوث المناخ، وبالتالي يشكل خطراً حقيقياً على صحة السكان، ومقترحات مماثلة عن أزمة الأهوار، والبحيرات وغيرها.
يأتي كل ذلك في الوقت الذي كشف فيه معهد الأبحاث Transnational أو (عابر الحدود)، في تقرير له عن أن أكبر ملوثي البيئة في العالم ينفقون على تسليح حدودهم ما يعادل 15 مرة أكثر من تمويل المناخ في محاولة لإبعاد اللاجئين والمهاجرين، الذين من المتوقع أن تزداد أعدادهم مع تفاقم تغير المناخ..