ليلى محمد لـ” الشبكة”: شارع الرشيد جعلني أحب الفن

2٬740

أحمد سميسم /

رصيدها الفني حافل بالإنجازات المبهرة سواء أكانت على الصعيد المسرح، أوالتلفزيون، أوالسينما. دخلت مجال الفن في وقت مبكر وعمرها (12) عاماً فجابت معظم فنونه الإبداعية، بدءاً من الموسيقى، والرقص الشعبي الاستعراضي الذي تميزت به، ومن ثم احترافها التمثيل، ما جعل نجمها يسطع لتكون محط إعجاب الكثيرين عراقياً وعربياً.

لا سيما عند حصولها على لقب (ملكة جمال الربيع) في إيطاليا في نهايات تسعينات القرن المنصرم، وفوزها كأفضل ممثلة سينمائية عام 1987 عن فلم (شيء من القوة)، وافضل ممثلة مسرحية عن مسرحية (دزدمونة العراق) في قرطاج عام 1988، لتتوالى النجاحات الواحدة تلو الأخرى. تؤمن أن الرقص ليس بمعناه المعروف عند الناس بل هو (حركة) تعبيرية توظَّف بشكل لائق وصحيح.

“مجلة الشبكة العراقية” التقت الفنانة الدكتورة “ليلى محمد” في حوار صريح بعد غيابها الطويل عن الصحافة:

* رغم أن بداياتك الفنية كانت في معهد الدراسات الموسيقية ولديك تجارب في الغناء، إلا أنك تركت الموسيقى واحترفت الرقص الشعبي، وفي خاتمة المشوار أصبحت (ممثلة).. كيف مرت هذه المحطات في حياتك؟

– كنت سعيدة عندما مرت هذه المحطات الفنية المهمة في حياتي، مع أن كل محطة تختلف عن الأخرى بالرغم من تقاربها كفنون، لذا فأنا محظوظة جداً كوني درست على أيدي أسماء لامعة في الفن الموسيقي أمثال الشيخ جلال الحنفي، وشعوبي ابراهيم، ومنير بشير، وآخرين، وأيضاً أسماء كبيرة من الأساتذة الأوروبيين في مجال الرقص الشعبي، هذا الخزين من التجارب العلمية والمهنية ساعدني عند انتقالي الى مجال التمثيل، لذا تجدني أشرك كل تلك الفنون او المحطات في أعمالي المسرحية والدرامية وأوظفها بشكل جيد.

* رسالتك في الدكتوراه كانت في (الكيروكرافيا) فماذا تعني؟

– هي الكوروكرافيا ولكننا نلفظها بالياء الكيروكرافيا لأنها اصلاً مفردة (إغريقية)، لكن الذي اخذته انا يختلف عن الذي يستخدم، الكيروكراف يعني “حركة جسد الممثل على المسرح” سواء أكان صامتاً او متكلما، حتى الاحتفالات الرياضية هي كيروكراف، وأيضاً ترمز المفردة الى الجوقة، أي عمادة المسرح الأغريقي، حيث كان اليونانيون القدماء يعبرون عن الفكرة بالحركة، وأنا أول من كتب عن هذا المصطلح ووظفته في رسالة الدكتوراه.

* متى رقصتِ آخر مرة؟

– في إحدى المناسبات (حفل عرس) لإحدى صديقاتي.

* كيف تنظرين الآن الى ما يقدم من (رقص) من بعض الممثلات او الراقصات في المسرحيات الشعبية؟

– لا أعتقد أن لدينا من الممثلات من تجيد الرقص بشكل احترافي، رغم أني لم اشاهد مسرحية شعبية منذ عام 2000 لكثرة ارتباطاتي.

* كيف تنظرين الى مبادرة دعم الدراما العراقية التي أطلقتها شبكة الإعلام العراقي؟ وهل لك مشاركة فيها؟

– مبادرة جيدة وخطوة رائعة، لكن أتمنى أن تتوسع تلك المبادرة لتضم أعمالاً درامية كثيرة لا أن تحجَّم بعدد قليل من الأعمال، أما عن مشاركتي في تلك المبادرة فقد تمت مفاتحتي في عمل درامي كوميدي بالاشتراك مع الفنان الكبير قاسم الملاك لكن لا أعلم متى ينفذ، رغم أني لا أميل الى التلفزيون لأني اعتبره مضيعة لجهودي ويستهلكني وانما أفضل السينما والمسرح.

* ما الذي أخذه الفن منك وما منحه لك؟

– لم يأخذ مني شيئاً لأني اخترته بإرادتي ولم يفرض عليّ، بل إنه منحني الكثير ما جعلني شخصية متوازنة وفجّر لدي الطاقات والمشاعر فضلاً عن أنه أضاف لي الإحساس بالآخر.

* كانت لك تجارب ناجحة في الكتابة المسرحية، فقدمت ثلاث مسرحيات من تأليفك: (نورية)، و(لعبة البوح والجنون)، ومسرحية (حرير) التي عرضت في تونس، كيف أخذت موقع التأليف وما تقييمك له عنما يكون الممثل مؤدياً وكاتباً؟

– لا اعتبر نفسي كاتبة مسرحية محترفة، على الرغم من نجاح مسرحياتي التي كان لها صدى عراقي وعربي، ورغم أن توجهاتي الأكاديمية علمية وليست أدبية إلا أنني أغوص في بحر الكتابة المسرحية، الآن تؤرقني فكرة مسرحية أود كتابتها عن قصة اغتصاب (الإيزيديات)، لا أريد كتابتها بالطريقة المألوفة او الواقعية إنما بطريقة أخرى فلسفية فنطازية مغايرة لأنني لا أحبذ الواقعية في الكتابة المسرحية.

* هل كان فوزك بلقب (ملكة جمال الربيع) في إيطاليا بمثابة جواز مرورك نحو الشهرة بشكل لافت للنظر؟

– ليست الشهرة، بل أن اللقب سلط علي الضوء وعرّفني بالناس وقتئذ، فقد كان حدثا مهما و كان لقبا يمنح للمرة الاولى على المستويين العراقي والعربي، خاصة أنني عندما توّجت باللقب كان عمري (16) عاماً تقريباً ولعدم معرفتي باللغة الإيطالية، لم اعرف انني الفائزة لكني كنت أراهم منشغلين بالنظر إلي ويلتقطون الصور ، و سألت مترجما عما يجري ؟ قال لي: تم اختيارك ملكة جمال الربيع ففوجئت وفرحت في الوقت ذاته لأني كنت أعتقد أن الجائزة للفرقة الشعبية وليست لي.

* سنة 2018.. هل كانت بالنسبة لك سنة خسارة أم ربح؟

– أكيد كانت سنة ربح ، على الصعيد العملي ربحت جائزة افضل مسرحية من تأليفي واخراجي في القاهرة عن مسرحية (حلم الغفيلة) في مهرجان (باديب)، بالاشتراك مع الفنان محمد هاشم وآخرين، وبجهودي الشخصية وإنتاج دائرة السينما و المسرح التي لم تقل لنا كلمة (شكراً) وكثير من الفنانين وقفوا ضدي في هذه المسرحية لأسباب أجهلها!!

* توفي والدك وعمرك خمس سنوات.. لو كان أمامك الآن فماذا كنت ستقولين له؟

– صعب أن أعبّر بكلمة عن والدي، رحمه الله، لكوني لم أعرف أحساس الابن على الوالد لأني لا اتذكره، توفي وعمري خمس سنوات، أتمنى لوكان والدي على قيد الحياة قبل عشرين عاماً لكي نكون أصدقاء ونتحدث ونسافر معاً.

* كنت محجّبة سابقاً والآن أنت بلا حجاب، هل خسّرك الحجاب أدواراً معينة؟ وهل له علاقة بضياع الفرص؟

– بداياتي مع الحجاب امتدت منذ زمن بعيد، فأنا أول فنانة عراقية ترتدي الحجاب عام 1999 وكنت في قمة عطائي الفني، ولم يفرض عليّ من أحد إنما كان نابعاً من قناعتي الشخصية سواء عند ارتدائي او خلعي له، نعم، الحجاب خسّرني أدواراً كثيرة وكبيرة وكنت أرفض أن أتخلى عن حجابي مقابل دور ما، لكنني غير نادمة على تلك الأدوار إطلاقاً.

* لكنك في مسلسل (الملاذ آمن) مثلت دوراً وكنت ترقصين وأنت محجبة!

– هذا صحيح، حينها اصطدمت مع المخرج لأنه طلب مني أن أخلع الحجاب ورفضت، بل جعلت الجمهور ينسى أن ليلى محمد كانت مرتدية الحجاب أم لا! وجعلتهم ينشدّون الى الدور الذي لعبته وليس لشكلي.

* من زرع لديك حب الفن؟

– عندما كنت طفلة كنا نسكن في فترة معينة في شارع الرشيد ببغداد، وكنت أتسلل حينها خلسة من المنزل وأذهب بشوق الى دور السينما المنتشرة هناك وأتطلع بدهشة في الشاشة الكبيرة بسحرها وجمالها، حيث لم يكن لدينا جهاز تلفاز وكنت أدخل السينما مجاناً، شارع الرشيد زرع في داخلي حب الفن والموسيقى الذي بدأ ينمو بتطور السنوات.