مادلين طبر لـ”الشبكة”: محظوظة لأني عملت مع العمالقة

880

 سنان السبع/

عُرفت بأدائها للشخصيات التاريخية والجادة، لكنها لم تترك نمطاً فنياً إلا وعملتْ به وتركت خلاله بصمة فنية، فلم تقتصر أدوارها على شخصية الفدائية والسلطانة والمرأة القوّية، بل اشتغلت كذلك في حقل الكوميديا مع ألمع نجومها العرب،

إذ تعتقد بأن لابدّ أن تحضر الجودة والاتقان في العمل الفنيّ وليس التميّز في المواضيع فحسب، وقد اعتادت على مفاجأة جمهورها بأدوار مختلفة ومنوّعة، فمن “كفرون” إلى “الطريق إلى إيلات” إلى أعمال عديدة أخرى تدرجتْ في أعمالها الفنية حتى أصبحت من الأسماء المهمة في عالم الفن العربيّ.

إنها الفنانة اللبنانية “مادلين طبر” التي حاورتها “الشبكة” عن بداياتها وأعمالها وآخر مشاريعها الفنية.

استوديو الفنّ

عن البدايات قالت: “تم اكتشافي على يد “سيمون أسمر” وهو شخصية معروفة في عالم اكتشاف المطربين في برنامج مشهور اسمه “استوديو الفن” وكان عمري في ذلك الوقت 17 سنة، وبعد الانطلاق كمذيعة وإعلامية تم الانتقال إلى مجال التمثيل وقمت ببطولة ثلاثة أفلام لبنانية “الانفجار” و “لعبة النساء” و”عودة البطل”. وبعد ذلك اشتركت ببطولة فيلم “كفرون”، ومنه انتقلت إلى مصر واستقريت فيها وغيرت مجالي من الإعلام والعمل الصحفي وتقديم البرامج إلى التمثيل والمزيد من التخصص في هذا المجال.
ترى “مادلين طبر” أن انتقالها من الإعلام إلى الفنّ ينطوي على سرّ يتمثل بوجود شخصية الممثلة في أعماقها: “كانت هناك في داخلي ممثلة نائمة. والعرض الأول الذي جاءني لفيلم “الانفجار” حرّك كلّ عواطفي تجاه التمثيل، فاكتشفت أن هذا ما أحبه من المجالات، أي أن السبب كان شخصياً”.
لكن وبرغم ذلك لا تخفي “طبر” وجود علاقة ما تجمع الإعلام والفنّ “مجالات الإعلام كلها قريبة من بعضها حيث المادة السينمائية والوثائقية تعرض من خلال وسائل الإعلام.

ودراستي للإعلام خدمتني كثيراً في تواجدي السينمائيّ والتلفزيونيّ.

الطريق إلى إيلات

كثيرون يجمعون على أن فيلم “الطريق إلى إيلات” أهمّ أعمال الفنانة “مادلين طبر” إذ هو انطلاقتها الحقيقية في مصر، تقول عن ذلك: “هذا الفيلم هو فيلم قومي عن مقاومة الفلسطينيين لإسرائيل وكانت مناسبته هي حرب أكتوبر المجيدة. والبحرية المصرية أحبت ان تؤرخ هذه البطولات من خلال فيلم جمع ثلاث عمليات حدثت في الأراضي المحتلة، وبناءً عليه تم اختياري كوجه عربي جديد داخل مصر بأن أقوم بدور الفدائية “مريم”. وأهمية الفيلم بالنسبة لي أنه كان انطلاقتي السينمائية في مصر.

حين صفق لها الزعيم

اشتراكها مع الفنان الكبير”عادل إمام” في مسلسل “صاحب السعادة” كان تجربة مميّزة، بالتأكيد، وهي ترى في هذه التجربة كما كلّ تجاربها مع كبار الممثلين في مصر علامة فارقة في مسيرتها:

“كنتُ محظوظة لأني اشتغلت مع العمالقة. أشتغلت مع “عمر الشريف” في مسلسل “حنان وحنين”، ومع “نادية الجندي” في مسلسل “مشوار امرأة”، ومع “سميرة أحمد” في مسلسل “أحلام في البوابة”، مع “محمود عبد العزيز” و”محمود ياسين” و”صلاح السعدني”، مع أغلب الفنانين الكبار. فكان لابدّ من تتويج عملي مع هؤلاء الكبار بالعمل مع الأستاذ “عادل إمام”. ومسلسل “صاحب السعادة” أضاف لي في مسرتي الفنية نوعاً من الثقة بالنفس كوني أستطعت أن أكون ممثلة كوميدية أيضاً لأن أعمالي السابقة كانتْ دائماً جادّة وتاريخية، ولأول مرة أكون كوميدية، وأمام من؟ أمام زعيم الكوميديا في العالم العربيّ الذي صفّق لي في الاستوديو وقال لي: أنتِ كوميديانة متميزة!

تنوّع أدوار

لا ترى “طبر” أن هناك عملاً لها بعينه هو من أوصلها للجمهور، بل أن تعدد أذواق الجمهور وتنوّع أمزجتهم جعل كلّ عمل من أعمالها مشهوراً ومعروفاً في بلد عربيّ دون الآخر “لو ذهبتَ إلى سوريا تجدهم يحفظون عمل “عند جهينة الخبر اليقين”، ولو ذهبت إلى بيروت سيقولون لك نتذكرها مذيعة متميزة في برنامج “استوديو الفن”، ولو رحت للأردن سيقولون لك الأعمال الكارتونية للأطفال، وهكذا في كلّ بلد لي علامة مختلفة، لكن لاشكّ في أن سنواتي الأخيرة هي الأكثر ثباتاً في ذاكرة الناس بسبب أعمال قدمتها في مصر مثل “مشوار امرأة” و “ريش ناعم” وغيرهما من الأعمال التي أخذت الكثير من اهتمام الناس وحبّهم.

سينما عراقية شابة

وماذا عن العراق والنشاط الفنيّ فيه؟ فوجئتُ بأن “مادلين طبر” متابعة جيدة لمسيرة الفنّ العراقيّ، وأكثر ما أثار اهتمامها المسرح العراقيّ المميّز، ولاحقاً بعض الأعمال السينمائية العراقية التي شاهدتها “لاشكّ أن في العراق طابعاً ثقافياً مميزاً منذ وقت طويل، ولكن ذلك حدث في المسرح تحديداً، وكان المسرح العراقيّ هو السبّاق وهو واضح على الخريطة الثقافية العربية. في السينما كانت هناك محاولات قليلة وفردية لا ترقى لأن تكون صناعة سينمائية، لأن صناعة السينما تتطلب عدداً أكبر من النتاجات ومنهجية مختلفة”، لكنها برغم ذلك تتابع الأفلام القليلة التي ينتجها الشباب العراقيون “حالياً الشباب يحاولون ونراهم في كلّ المهرجانات العالمية بأفلام طويلة وقصيرة ووثائقية وهم متميزون. أنا عضو في لجنة التحكيم للأفلام الوثائقية في مهرجان مالمو السينمائيّ السادس، وهناك مشاركة عراقية جيّدة. والشباب العربي بكلّ جنسياته مجتهد ويحاول أن يجد نفسه ويضع اسمه على خريطة العالم السينمائي”.

عمل عراقيّ جديد

وقت الفنانة “طبر” مزدحم، فهي بعد أن أنجزت مسلسل “السلطان والشاه” بإنتاج عراقيّ، تتهيأ لمسلسل لبنانيّ، السلطان والشاه مسلسل أنتجه العراقيّ محسن العلي وأخرجه محمد عزيزة، وقد جسدت شخصية السلطانة “كولبهار” وهي سلطانة تركية في زمن الصراع التركي الإيراني، والعمل عن “سليم الأول” جدّ السلطان سليمان وعملت هذه الشخصية بطريقتي، وأنا فخورة جداً بهذا الدور، هناك أيضاً مسلسل لبناني لم اقرأه بعد، لكن أرسل لي لكي أشارك في الدراما اللبنانية للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً وأحببت الدور لأني في لبنان يعرفوني مذيعة وقد آن الأوان أن يعرفوني ممثلة أيضاً”.

رسائل حبّ

أخيراً تمنتْ “مادلين طبر” أن تكون في العراق الذي تحبّ، وأن يكون لها عمل فنيّ عراقيّ “لطالما أحببت أن أكون في العراق وفي بابل بالذات، أنتم أصحاب الحضارات الأولى منذ سبعة آلاف سنة تمتلكون الكثير على أرضكم. أتمنى أن يجمعنا عمل عراقي متعدد الجنسية، وكان لي شرف العمل في مسلسل “السلطان والشاه” لأنه عمل عراقي تأليفاً وإنتاجاً، فضلا عن الممثلين فيه كذلك، فأنا بدأت خطوة أولى باتجاه العراق وأرجو أن تتبعها خطوات أخرى. وأتمنى للعراق الحفاظ على الوحدة ولهذا الشعب الطيب الشجاع أن يصمد ويحتمل كل المآسي التي نراها يومياً على أمل أن تشرق شمس العراق من جديد”.