نور الجنابي: حولت شغفها بالنجارة الى مشروع ناجح

2٬372

رجاء الشجيري /

امرأة استثنائية، من مواليد 1994 وأم لأربعة أولاد ، المنشار كان أداة رؤيتها للأشياء، وخلق الجمال وتشكيله، الخشب وعدة النجارة كانا أوكسجينها، إذ لم تستهوها أدوات الزينة النسائية والملابس في أي متجر تدخله، قدر شغفها بمحال عُدد النجارة وأدواتها، التي كانت تتمنى أن تشتريها كلها، لم ترد أن تكون رقما عادياً في الحياة، بل ظلت تروم التميز وتعمل فيه من خلال مهنتها وطموحها وأحلامها.. “الشبكة” التقتها داخل مشغلها في بيتها، فكانت قصتها معنا:
بداية
نجّارتنا كانت هاوية في بادئ الأمر، إذ كانت تحب أن تغير وتجدد أثاث بيتها دوماً، فإذا ما أعجبها موديل غرفة، أو “طقم قنفات” ولم تستطع شراءه، تقوم بتغيير ما لديها بإضافة لمستها فتجعله كما الذي أرادت شراءه ولم تسعفها المادة إلى ذلك..
كانت بداية نور مع صديقة جارة، إذ تقول: تعاملت جارتي مع نجار لصبغ غرفة لها، لكنها لم تتفق معه، فجاءت إلي لكي أصبغ غرفتها، لكنني عند رؤيتي الغرفة وجدت أن موديلها قديم، فاقترحت عليها أن أعيدها بشكل أكثر حداثة وجمالية، فوافقت مباشرة.. وحولتها بالفعل إلى “شازون تركي”، وعزز نجاح هذا العمل الثقة بنفسي أولاً، وثقة الناس بعملي ثانياً.. ما جعلني أفكر بإنشاء (بيج) إلكتروني خاص أروج فيه لأعمالي، وإضافة للبيج أصبحت صاحبة محتوى في التكتوك والأنستا.. ومع أنها كانت بداية للترويج لما أهدف، لكن هذه الخطوة لم تكن حلمي وما أريد تحقيقه على أرض الواقع.
ورشة ولكن!
لم تكن الورشة الإلكترونية لترضي طموح نور المنشود، لذا قررت أن تستغل مساحة من بيتها الذي تسكن فيه مع زوجها وأولادها وأم زوجها، فخصصت غرفة لتعمل فيها، وهي بمساحة مترين ونصف المتر في مترين ونصف، وبُعدد بسيطة متواضعة، حسب إمكانيتها، فقد كانت تطمح أن تشتــــــري عُدداً متطـــــــورة ومنشاراً ماركة بحجم وتقنية يساعدانها في عملها، إلا أن هذه المساحة الصغيرة لم تعد تكفيها مع تزايد مجيء أطقم قنفات للدوشمة وغرف لنجارتها وتغييرها، فأخذت مرآب البيت أيضاً وهو بمساحة ٣×٤م كما أخذت معه الحديقة، وعند تزايد العمل وجلب الناس مقتنياتهم التي يريدون نجارتها لديها، خصصت “استقبال البيت” كذلك، لذا فقد ضج بيتها بالأثاث الذي تنوي نجارته، فباتت تضعه في الشارع بجانب سياج بيتها، وهكذا صارت تعاني من صعوبة أنها لا تمتلك ورشة أو معملاً كي تعمل فيه.
مقص ومنشار..
الخياطة كانت هندسة رؤيتها للأشياء أولاً، إذ أنها بالفطرة كانت تقيس وتتخيل كيف سيكون شكل وتصميم وأبعاد القماش الذي بين يديها دون الحاجة إلى مقياس لتثبيت القياسات، فكان سؤالنا لها كيف أنها مزجت ما بين العالمين: القماش والخشب ،المقص والمنشار؟
لتجيب نور: كلاهما لم ينفصلا عن عيني ويدي وخيالي وأفكاري في تشكيل وتجسيم ما أريد.. فأنا أحب المقص جداً، وعلاقتي به وثيقة قبل المنشار، المقص كان مدخل حلمي الأول إلى عالم الأزياء، وقد أوليت ثقتي المطلقة له، فهو لم يخذلني يوماً، لذلك منحته الحرية ومازلت، كذلك المنشار وعلاقتي به، إذ أني لا أفرق بينه وبين المقص، فله ثقتي المطلقة أيضاً، وحبي وشغفي..
تصميم الأزياء
ضمن هذا التفرد في ابتكار الأشياء، أو إعادة خلقها من جديد بطريقة فنية عالية ومهارة محضة، راودني سؤال لها: أين تصميم الأزياء من أحلامها وأهدافها الكثيرة وهو ليس ببعيد عن عوالمها وإبداعها؟ تقول الجنابي: تصميم الأزياء لم يكن حلماً بل كان هدفي وطموحي الأول قبل ورشة النجارة.. فكانت لدي سلسلة أفكار وطموحات كثيرة وخطة عمل حسب ظرف تحقيق كل منها، وقد صادف أن لم تسعفني الظروف في إمكانية أن أفتتح دار أزياء، كي أصمم وأعلم فيها الفتيات، عالم تصميم الأزياء هو من يثبت موهبة وقدرة نور الجنابي حقاً، وهذا الهدف لم يغادرني ولن يفعل، فقد توافد علي الكثير من الشابات الموهوبات بشكل احترافي مبهر، وإذا ما توفرت لهن سبل العمل سيصلن إلى العالمية، ولا أبالغ إن قلت ذلك.. فلدينا مصممات أزياء مذهلات بشكل لافت، لكن لا أحد يتعرف عليهن أو يمد العون لإطلاق مواهبهن.
أحلام وطموحات
لم يكن هناك سقف محدد لأحلامها وطموحاتها وطاقاتها المذهلة، فقد ذكرت لنا أن من ضمن سلسلة ما تحلم به أن يتحقق هو حلم الأزياء، أو الورشة التي تحلم بها، فإنها كانت تعتزم أن تفتتح مطعماً خاصاً، بأفكار غير تقليدية أبداً، وبطراز وتنفيذ استثنائي، لكن الحلم والهدف الأعظم والشامل كانا إقامة ورشة، أو مدرسة تأهيلية، تتوفر على مساحة من الأرض لتقيم فيها دورات تعليم نجارة وخياطة وتصميم أزياء.
ماذا لو؟
استفسارنا لنور ماذا لو اصبحت يوما مسؤولة في مكان ما في الحكومة فما اول القرارات والخطوات التي ستتخذينها؟
-اول الخطوات التي ساقوم بها ان اقوم بتأهيل النساء الموهوبات أبدأ بتنمية تفكيرهن وأرسم خطة عن طريق ندوات او محاضرات اصل بها الى اهلهن اولا واحاول بث ثقافة كيف نحرر مواهب بناتنا ونساءنا والاخذ بيدهن لبر النجاح والتفوق،فكم هناك من رسامات ومصممات وفنانات هن اسيرات البيت والكتمان والعزل، اول اهدافي اذا ما كنت في مصدر قرار ان اصل لهؤلاء النسوة البطلات واقامة ورش ومعامل وقاعات تبرز اعمالهن..
رسالة ..
هذه المرأة المثال المشرف والمشجع لكل نساء بلدها نور الجنابي كانت لها رسالة وجهتها لهن بالاتي:على كل مرأة عراقية مميزة وموهوبة أن لا يغادرها الشغف والإيمان بكل ما تملك من مواهب ورؤيا للحياة بشكل فني أو إبداعي، و الا تستلم لمعوقات المجتمع السلبية نحوها بل تبقى مصدر طاقة إيجابية وحب للحياة وما تستطيع ان تصنع في هذه الحياة،فالعراقية امرأة لا يستهان بها أبداً خلقت منها المحن والظروف عبر مختلف الأزمان والعصور امرأة تمزج مزجاً فريداً بين الرقة والقوة وبين الصلابة والاقدام في المضي بما تملك من فكر وإبداع لا ينضب. وتضيف نور الجنابي :أنا شخصياً لم أملك شهادة اكاديمية تأهلني للوظيفة الحكومية ومع ذلك لم أطرق أبواب الرعاية الاجتماعية وغيرها لأجل التعيين والرزق بل اعتمدت على طاقتي وأفكاري وتوظيفها في العمل الخاص بي ،لذلك رسالتي ان لا يندب الشباب حظهم في كيف نتعين؟ بل يصنعون أحلامهم ويجتهدون فالشهادة وسيلة فكر وكيف تصل
به لما تريد..