انفلونزا الطيور تفتك بثلاثة ملايين دجاجة

1٬497

بشير الأعرجي/

منذ ظهور أول إصابة بوباء انفلونزا الطيور قبل أسابيع في أحد حقول الدواجن في محافظة واسط، بدأت عمليات إعدام الدجاج من دون توقف، في محاولة من قبل السلطات الصحية والبيطرة لاحتواء المرض، وقد تجاوز عدد ما تم قتله نحو ثلاثة ملايين دجاجة.
وينظر مسؤولون الى توسع صناعة الدواجن في العراق «بريبة»، لأنها ستكون هدفا تتقاتل من أجل اسقاطه، شركات عالمية تتخذ من دول الجوار العراقي مقرا لها، ليكون الثمن غاليا، وهو صحة المواطن وضياع مليارات الدنانير المنفقة من قبل القطاع الخاص في مشاريع صناعة الدواجن، فالمنافسة التجارية لا تعرف الرحمة.

فقدان الاحتكار

لغاية اليوم، لا تتوفر أرقام دقيقة عن حجم الاستهلاك اليومي للبيض أو الدجاج في العراق، غير أنها مشاريع مربحة، ليس على المستوى المحلي فحسب، انما تشمل دول العالم التي تسيطر على تجارتها شركات ضخمة عابرة للحدود، لا تجد من تناسل حقول الدواجن في البلاد خبرا سارا لها، فنجاح مشاريع الدواجن في البلاد، سيفقدها سوقا هي الأبرز في الشرق الأوسط.

شركات تصدّر الانفلونزا

تحدث رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب فرات التميمي عن خسائر بمليارات الدنانير بسبب تفشي وباء انفلونزا الطيور في العراق. وقال في تصريح لـ»الشبكة»: «لا نستبعد أبدا فرضية قيام شركات من دول الجوار بضرب صناعة الدواجن في العراق، عبر ادخال الوباء الى حقول الدواجن، خصوصا الى أطراف بغداد ومحافظة واسط، اذ تم الكشف عن وجود اصابات وبأرقام مخيفة لمرض أنفلونزا الطيور (H5N1)، وهو من الأمراض الوبائية المعدية وعالية الضراوة في حقول ضخمة بقضاء الصويرة بواسط، وناحية الوحدة على أطراف العاصمة”.

التأكد من الإصابات

وبحسب مصادر في وزارة الزراعة، فأن أولى الاصابات لم يتم التأكد منها، لكن تم اخضاعها للفحوص في مختبرات دائرة البيطرة التابعة للوزارة لتظهر اصابات مرض انفلونزا الطيور، ومن ثم تم ارسال عينات أخرى الى المختبرات المرجعية في بريطانيا WEYBRIDGE لتعلن هي الأخرى عن تطابق فحوصات دائرة البيطرة، والتأكد من حدوث اصابات لمرض أنفلونزا الطيور (H5N1) التي تؤثر بشكل خطير على البشر من ناحية ضيق التنفس والتعب المستمر والتهابات العين والكبد وغيرها من الأعراض الأخرى.
هذه الأنباء المرعبة، تلتها عدة اجراءات، والخطوة اللاحقة بعد التثبت من ظهور الوباء، جاءت بإعدام الدجاج ودفنه، ومن ثم التخلص من حقول الدواجن لمنع انتشار الوباء الى الحقول الأخرى، وهي في العموم، تكلف مبالغ ضخمة يتم احراقها ودفنها تحت الأرض، والمتسبّب يراقب بخبث ما ستؤول اليه صناعة الدواجن في العراق، ليبدأ دوره بالبيع من دون منافسة.

استهلاك يومي

استيراد الدواجن قطاع تجاري حيوي في العراق، وهناك أكثر من شركة تسيطر على السوق المحلية، وأغلبها تصدر منتجاتها من دول الجوار، على اعتبار أن هذه المواد يجب أن تتصف بميزة سرعة النقل والاستهلاك، وأي تأخير في تصريفها الى الأسواق سينجم عنه خسائر بملايين الدولارات.
وحاولت “الشبكة” التقصي عن قيمة ما يستورده العراق سنويا من منتجات الدواجن، إلا أنه لم تتوفر لدى الدوائر الاحصائية أي أرقام دقيقة عن قيمتها، المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي تحدث لـ”الشبكة” عن أنها تكلّف أموالا لا يستهان بها، لأن هاتين المادتين تستهلكهما العائلة العراقية بشكل يومي.

التاجر.. مذنب

نظرية تسبب شركات وتجار الدواجن بنشر انفلونزا الطيور في حقول الدجاج العراقية أشار إليها رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية بالقول “بدأت المشاريع العراقية لقطاع الدواجن بالتوسع، وغطت جزءا كبيرا من الحاجة المحلية، وهذا بالتأكيد لا يرضي شركات دول الجوار والتجار، لذا فأن دخول الوباء الى حقول الدواجن أمر متوقع، وقد حذرنا منه لأكثر من مرة”.
وتابع بالقول للشبكة “شخصنا العام الماضي حدوث اصابات بانفلونزا الطيور في كردستان، وتم اصدار قرار بمنع ادخال الدجاج من الاقليم الى باقي المحافظات، لكن مع هذا فقد دخلت كميات منه، خصوصا عبر سيطرات محافظة ديالى التي يعبث بها بعض المفسدين، نحو بغداد وباقي المحافظات”.

الدجاج التركي..

وتصدر السلطات الصحية والزراعية بين الحين والآخر قوائم منع استيراد الدجاج والبيض من بعض الدول، وذلك بسبب حدوث اصابات انفلونزا الطيور في منتجاتها، وواحدة من تلك الدول هي تركيا، والكثير من الأسواق المحلية تبيع الدجاج التركي، ضاربة قرار المنع عرض الحائط، فلحم الدجاج يتشابه، ومن الصعب تمييزه من قبل السلطات الرقابية للكشف عن الممنوع والمحلي، فكيف تنجح الرقابة، اذا كان ضمير التاجر مجمدا مثل الدجاج المستورد.

تعويض..

أكثر المتضررين من حدوث الوباء هم أصحاب مشاريع الدواجن، بالرغم من شمولهم بقانون الصحة الحيوانية رقم 32 لعام 2016 المادة 38 والتي يتم بموجبه تعويض المتضررين من مرض انفلونزا الطيور.
يقول صلاح مهدي، وهو شريك في حقل دواجن يقع بناحية الوحدة وقد تم اعدام ما لديه من دجاج من قبل السلطات الصحية والبيطرية: “لا تتناول فئة كبيرة من العراقيين الدجاج الا بذبح حيّ، ويمتنعون عن شراء الدجاج المستورد المجمد، وفي حال انتشار الوباء بأكثر من حقل دواجن، فأن هذه الصناعة ستخسر كثيرا”.
واضاف “الدولة ستقوم بتعويضنا، لكننا سنفقد أهم ركن في صناعتنا، وهو حقل الدواجن الذي لن نستطيع العمل فيه مجددا، بسبب مخاوف السلطات الصحية من بقاء آثار الوباء فيه.. هناك من يريد تخريب قطاع الدواجن في العراق”.

الفساد..

ويؤكد رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية فرات التميمي، أن «تفشي الفساد في منافذ التبادل التجاري بين كردستان وبقية المحافظات، فضلا عن تآمر بعض الشركات على تخريب قطاع الثروة الحيوانية في البلاد، وجشع بعض التجار باستيراد الدجاج المصاب بالاوبئة، ستؤثر كثيرا على مستقبل واحدة من الصناعات المهمة في البلاد».
واضاف «لو تم التأكد من أن عدد الدجاج الذي تم اعدامه قبل أيام والبالغ 3.2 مليون دجاجة، فأن الخسائر ستتجاوز مليارات الدنانير عن قيمة تعويضات الدولة، وهو مبلغ من المفترض أن يوجه نحو تطوير قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، لا دفعه كتعويضات عن اعدام الدجاج المصاب بالانفلونزا».