زهرة النيل آفة خطيرة تستنزف مياه دجلة وتعيق تدفقها

1٬647

 جبار بجاي/

 هي أشد الآفات التي تعيق تدفق المياه في الجداول والأنهار وبالذات نهري دجلة والفرات معتمدة على سرعتها في النمو وإشغال مساحات واسعة في الأنهار التي تنمو فيها، وخطرها الكبير يتمثل بحاجتها المتواصلة للمياه الى جانب كونها تؤدي الى غلق أنابيب السحب بالنسبة لمضخات الإرواء ومضخات سحب المياه في المجمعات المائية،
انها زهرة النيل التي تمثل اليوم أكبر مصدر تهديد لاستنزاف المياه وغلق الممرات المائية.
الداء الأخضر
زهرة النيل ذات اللون الجميل أصبحت تشكل تحدياً كبيراً لنهري دجلة والفرات وبالأخص دجلة بسبب انتشارها الكثيف فيه، بل أنها صارت مشكلة جديدة  تضاف الى مشاكل المخلفات وعمليات الطمر التي طالت أجزاء كبيرة من النهر وتخريب أكتافه في ظل غياب المحاسبة ونقص الأموال، لذلك أطلق عليها المعنيون «الداء الأخضر»
دجلة والفرات
هذا الداء الخطير قد يغير في الفترة المقبلة ملامح نهري دجلة والفرات فضلا عن نهر الغراف وباقي الجداول والأنهار الكبيرة بسبب نقص الأموال المخصصة لإزالته، فبعد أن كانت تخصيصات المديرية العامة لمعالجة زهرة النيل في الأعوام السابقة تصل الى خمسة مليارات دينار، فان ماحصلت عليه مديرة معالجة زهرة النيل والإعشاب المائية (الجهة الفنية المعنية بمعالجة هذه الآفة) للعام 2015 الماضي 48 مليون دينار فقط مخصصة لمساحة عمل تشمل نهري دجلة والفرات و11 محافظة أخرى ابتداء من الموصل شمالي العراق وانتهاء بمحافظة البصرة، لكن المساحة الأكثر أهمية هي من مؤخر سدة سامراء الى مقدم سدة الكوت.
مديرية لمواجهتها
يؤكد المهندس حسين أحمد رسن مدير دائرة معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية، إحدى المديريات العامة التابعة لوزارة الموارد المائية إن «هذه الدائرة من الدوائر المهمة في وزارة الموارد المائية وكانت قد استحدثت كمديرية عامة أول مرة عام 2006 بعد الظهور المفاجئ والسريع لنبات زهرة النيل الذي أمتد ليغطي مساحة واسعة من نهر دجلة على وجه الخصوص.»
ويوضح رسن في حديثه لـ « الشبكة « أن  مساحة عمل مديرية معالجة زهرة النيل والأعشاب الماشية تشمل نهري دجلة والفرات ونهر الغراف وعددا كبيرا من الجداول والمشاريع الاروائية الكبيرة في 11 محافظة ابتداء من محافظات نينوى وصلاح الدين وبغداد وانتهاء بالمحافظات الجنوبية.»
تخصيصات
واشار رسن الى أن « مهمة هذه الدائرة صعبة جدا وينبغي توفير التخصيصات المالية الكافية لها حيث أنها تتعامل مع أخطر نبات مائي سريع الانتشار (زهرة النيل) الذي يمكن أن يؤدي الى غلق الانهار وإيقاف محطات الضخ ومشاريع الماء وحتى مشاريع الطاقة الكهربائية والمشاريع الأخرى فضلا عما يلحقه من ضرر بالثروة السمكية، لكن المديرية تواجه مشكلات كثيرة في عملها للتصدي الى هذه الآفة الخطيرة أهمها التخصيصات المالية التي حصلت عليها مديرية معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية للعام الماضي 2015 حيث كانت فقط 48 مليون دينار مقابل خمسة مليارات دينار تخصيصات السنوات السابقة والتي لم تكف لمعالجة هذا الداء الخطير والقضاء عليه.»
مصدات وفرق معالجة
ويضيف المهندس رسن مدير دائرة معالجة زهرة النيل والأعشاب المائية فيقول، «بهدف تحجيم هذا النبات الخطير وتقليل انتشاره ومنعه من الوصول الى محطات الضخ فقد انشيء 11 مصدا على امتداد نهر دجلة من شمالي المحافظة الى جنوبها وهذه المصدات موزعة حسب المناطق التي يتكاثر فيها نبات زهرة النيل بهدف الحد من جريانه مع المياه وانتشاره، إذ أن تلك المصدات عبارة عن عوامات مربوطة بحبل أو سلك توصيل مابين ضفتي النهر حيث تقوم بمسك أو صد أو حجز  كميات من نبات زهرة النيل تجري مع تيار الماء ليتم تجميعها في هذه المصدات ورفعها من قبل فرق المعالجة الموجودة في المحافظة وعددها في الوقت الحاضر تسع فرق تعمل على رفع هذا النبات باستخدام الآليات التخصصية وبجهود كبيرة، خاصة في موسم ذروة انتشار هذا الداء اذ يبلغ مجموع المساحات التي يزال النبات منها نحو عشرة آلاف متر مربع يومياً من نهر دجلة ضمن حدود محافظة واسط وفي بعض الأحيان يتزايد النبات كثيراً ويشغل مساحات واسعة من حوض النهر وباقي الأنهار الرئيسة في المحافظة كالغراف والدجيلة وغيرهما.»
مشيراً الى أن « هذا النبات الخطير والسريع الانتشار سوف يغمر نهر دجلة بالكامل ويوقف مشاريع الضخ كافة ويهدد مشاريع المياه والأحواض العائمة لتكثير الأسماك إذا ما تمت السيطرة عليه بشكل نهائي.»
الشمبلان
ويضيف مدير دائرة زهرة النيل في واسط أن « مديريته هذه كانت قد استحدثت أول مرة كمديرية عامة متخصصة بمعالجة زهرة النيل عام 2006 وكان مقرها في محافظة واسط وتتولى الإشراف على متابعة زهرة النيل في نهري دجلة والفرات وتم تزويدها بالآليات التخصصية من حاصدات ودفلات (مكائن لقطع الشمبلان) فضلا عن عدد من البرمائيات والآليات الأخرى بحيث بلغ عددها حالياً (180 آلية) مختلفة الأنواع تعمل ضمن عدة قواطع.»
موضحاً أن « هذه الآليات تستهلك شهريا (64000 لتر) من زيت الكاز وهذه الكمية نحصل عليها حالياً من وزارة النفط وفق نظام الدفع بالآجل من خلال التنسيق بين وزارتي النفط والموارد المائية.»
ولفت الى أن « الميزانية التقشفية لهذا العام البالغة 48 مليون دينار تحول دون إجراء الصيانة لتلك الآليات التي تتعرض الى الأعطال والتوقفات، فضلا عن أن غالبية السواق العاملين على تلك الآليات هم من العقود ومن دون رواتب منذ شهور عدة.»
من النيل الى القصور الرئاسية
ويؤكد الخبير الزراعي عبد الكريم علي  أن « زهرة النيل هو نبات مائي يتكاثر في المسطحات المائية وبشكل سريع، إذ ان البذرة الواحدة منه تعطي مليون زهرة وهو  يستهلك كميات كبيرة من المياه تصل الى لتر واحد لكل نبتة منه.»
وأضاف أن « للنبات مخاطر كثيرة منها أنه يمتص الأوكسجين المذاب في الماء ما قد يؤدي الى تغيير طعمه فضلا عن أنه يهدد الثروة المائية وبخاصة الأسماك.»
موضحاً أن « هذا النبات تم جلبه من مصر في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي وكان الغرض منه، زراعته في البحيرات الرئاسية على اعتبار انه نبات زينة لكن اتضح العكس فمن استورده أو جلبه من مصر الى القصور الرئاسية لم يكن يعرف عنه شيئاً لذلك أخذ بالانتشار حتى كاد يسبب مشكلة في الأعوام السابقة لكنه تم القضاء عليه بشكل تقريبي عام 2012 من قبل الدائرة المختصة.