آلاف العراقيين يبحثون عن الشهادات العليا في الخارج

181

علي غني /

مازال الإقبال على الدراسات العليا في الخارج يثير التعجب والاستغراب، فأين كانت هذه الأعداد الكبيرة في السنين الماضية؟ ولماذا هذا الإقبال المستمر؟ إذ تزداد الأعداد كل سنة، يقابلها سكوت رسمي وشعبي.
فحسب نقيب الأكاديميين العراقيين الأستاذ المساعد (الدكتور مهند الهلال)، فإن هناك أكثر من (60) ألف طالب في يدرسون إيران، وأكثر من (27) ألفاً في لبنان، وأكثر من (13) ألفاً في مصر، وأكثر من (12) ألفاً في تركيا، وأكثر من (7) آلاف في الأردن، وأكثر من (6) آلاف في تونس. وهذه الأعداد لا تشمل طلبة الدراسات العليا في داخل العراق أو في الدول الأجنبية، وتصوروا أن كل هؤلاء يريدون الحصول على شهادتي الدكتوراه أو الماجستير، لزيادة مخصصاتهم والطموح بتغيير مناصبهم في الدولة، فماذا سيحدث لو بقيت هذه الظاهرة دون دراسة؟
فرصة للتعيين
نعود إلى الدكتور مهند الهلال، نقيب الأكاديميين العراقيين، الذي وضع النقاط على الحروف وأصاب كبد الحقيقة، عندما كشف عن أسباب توجه الطلبة العراقيين لإكمال دراساتهم العليا، مبيناً “أنها تمنحهم -بالدرجة الأساس- فرصاً للعمل والتعيين، ومن ثم التباهي والمكانة الاجتماعية، فضلاً عن الموظف الراغب في الحصول على امتيازات الشهادة من مخصصات الشهادة واللقب العلمي، أسوة بالتعليم العالي. لكن المشكلة –للأسف- أن بعض الوزارات تمنح مخصصات خدمة جامعية لحملة الشهادات في تلك الوزارات، مع أنهم ليسوا أعضاء في هيئة التدريس، بينما تمنح الخدمة الجامعية في كل العالم إلى أعضاء هيئة التدريس في الجامعات. هذا جزء من سوء التخطيط والقرارات والقوانين التي صدرت في العقدين الأخيرين، التي لم تكن محسوبة بدقة، فأنتجت هذه الهوة في المرتبات، والحصول على حقوق وامتيازات غير مبررة، فكيف يحصل موظف في الأوقاف والشؤون الدينية على خدمة جامعية وهو مؤذن في مسجد وتحتسب له خدمة جامعية؟ أما بعض السياسيين فإنهم يحصلون عند إحالتهم إلى التقاعد على راتب تقاعدي أعلى، الى جانب (البريستيج).. يعني التباهي.”
تدني المعدلات
بينما يرجع (الأستاذ الدكتور موسى الموسوي)، رئيس جامعة بغداد السابق، الأسباب في تفضيل الطلبة العراقيين الدراسة خارج العراق للحصول على الشهادة العليا، إلى “صعوبة الحصول على القبول في الجامعات العراقية بسبب تدني معدلاتهم او عدم وجود الاختصاص والطاقة الاستيعابية، إلى جانب سهولة الحصول على القبول في عدد من الجامعات الأجنبية في بعض الدول، رغم أنها تستوفي أجوراً دراسية باهظة، وعدم اشتراط الجامعات الأجنبية تفرغاً تاماً للدراسة.”
الوجاهة والتفاخر
بينما يرى (الأستاذ الدكتور أحمد عسكر) من جامعة الكرخ للعلوم أن “ما يحدث في بلدنا الآن من التزاحم على نيل الشهادات العليا، مردّه ليس لغرض تقدم عجلة التقدم العلمي، الذي بات لا يعني شيئاً مقارنة بالوجاهة والتفاخر، أياً كان التخصص، ومهما كانت الوسيلة، ما أدى بالتالي إلى محاولات اقتناص الفرص لفتح المزيد من الجامعات والكليات الواهنة غير المعترف بها، التي أقيمت خصيصاً للباحثين عن حرف د ونقطة، ومهما كانت التكاليف، لأن الجو العام لكل من وجد نفسه باحثاً عن المجد ستكون الشهادة العليا هي التي تمكنه من نيل المراد، وبسرعة البرق، ليبرز في حزبه ويتبوأ أعلى المناصب في الدولة، ليحصد بعدها الثروات التي ستنهال عليه كالمطر في بلد ماله سائب وخيراته منهوبة.”
مشروع وطني
وبالعودة إلى الدكتور مهند الهلال الذي كشف لنا عن مشروع وطني بمنح شهادة مهنية في العراق للراغبين بالحصول على شهادة الماجستير أو الدكتوراه، موضحاً أن “الشهادة المهنية تختلف عن الشهادة الأكاديمية في أنها تعطى الراغب بالحصول عليها حق العمل في غير المجال الأكاديمي، أي التدريس في الجامعات، هذا موجود في دول عديدة، منها روسيا واليابان ودول أخرى يمكن أن تمنح شهادة مهنية لمن يعملون في وزارات لا تخص العمل الأكاديمي، أما الشهادة الاكاديمية فهي حصراً في عضوية هيئة التدريس في الجامعة.”
إلغاء التسهيلات
يقول (الدكتور موسى الموسوي)، رئيس جامعة بغداد السابق، إنه “لغرض الإفادة من أصحاب الشهادات من خارج العراق واختصاصاتهم، وتقليل تسرب العملة الصعبة من البلاد إلى خارجها، يجب أن يقوم مجلس الوزراء أو مجلس النواب، بإلغاء التسهيلات والقرارات الصادرة التي تسمح بالدراسة عن بعد، أو الجمع بين الدراسة والوظيفة، والعودة إلى التعليمات السابقة التي لا تسمح بذلك مطلقاً.”