أبراج طاقة أم سور الصين العظيم؟ مقترح لإنشاء شبكة وطنية خاصة بكل محافظة

193

وليد خالد الزيدي/
هل تريد الدولة أن أحمي أنا وأبناء الحي الذي أسكن فيه أبراج نقل الطاقة الكهربائية الى مناطقنا؟ يبدو انه تساؤل وجيه بدأ فيه أحد مواطني مدينة الكوت وهو يسرد لنا معاناته من كثرة انقطاع التيار الكهربائي الواصل الى منطقته، والكثير من المناطق الاخرى بسبب أعمال التدمير التي تنال خطوط النقل بين مختلف المناطق بين الحين والآخر، حسب بيانات وزارة الكهرباء التي تتكرر مع ضعف خدمة تجهيز الكهرباء في جميع المحافظات، ولاسيما الجنوبية منها, خلال ذروة الحاجة الى التيار الكهربائي أيام الصيف الساخنة.
يقول سيف مجيد (29 عاماً) من مدينة الكوت إن “مسؤولية حماية أبراج نقل الطاقة الكهربائية تقع على الجهات الحكومية, لكونها تمتلك قوات الحماية المختصة, وليس على المواطن, فهل تريد تلك الجهات أن نحمي تلك الأبراج لكي توفر لنا خدمة الكهرباء, هذا الأمر غير صحيح.”
وأضاف مجيد، في حديثه لـ “الشبكة”: “في فصل صيف تكثر مبررات وزارة الكهرباء بتقليص ساعات التجهيز في كل المحافظات تقريباً، وفي كل مرة تتعكز الوزارة على أعمال التخريب لأعمدة الضغط العالي الناقلة من منطقة الى أخرى, علماً أن تلك الاعمال تحدث خلال أيام زيادة الحاجة الفعلية للتيار الكهربائي في فترات الصيف اللاهبة، حين تشتد درجات الحرارة وتبلغ مستويات عالية، ما يتطلب توفير تيار طاقة منتظم لتشغيل أجهزة التبريد في المنازل.”
الاستعداد لكل طارئ
المواطن نهاد عدنان -من منطقة الشعلة شمال غرب بغداد- يشير الى أهمية استعدادات وزارة الكهرباء لفصل الصيف بتهيئة جميع مستلزمات تأمين تيار كهربائي متواصل لجميع المناطق.
وقال عدنان في حديث لـ “الشبكة” إن “على الوزارة المعنية بكافة دوائرها في بغداد والمحافظات تأمين خطوط نقل التيار الكهربائي, والتهيؤ لكل طارئ ممكن حدوثه لكي لا تتوقف تلك الخدمة, ومنها التفجيرات والأعمال الإرهابية التي تنال خطوط نقل الكهرباء في المناطق المفتوحة بين المدن.”
واضاف أن “مؤسسات الدولة، ومنها وزارة الكهرباء، هي جهات حكومية من موجبات مهامها العمل على تأمين الحماية الكاملة لجميع البنى التحتية التابعة بشكل متواصل ومستمر، وكذلك من شأنها التصدي لمن يسعى الى النيل من راحة المواطنين وتعطيل البنى التحتية الحيوية, لكي لا يتحمل المواطن الانعكاسات السلبية لتلك الأعمال.”
حمايات المسؤولين.. أرتال منتشرة
أم مصطفى(42عامأ)، معلمة من بغداد، تساءلت عن طول خطوط نقل الطاقة في العراق ومدى صعوبة توفير الحماية لها. وقالت أم مصطفى في حديثها لـ “الشبكة”: “هل خطوط نقل الكهرباء بطول سور الصين العظيم لكي لا تتمكن الجهات الحكومية المسؤولة من تأمينها بشكل يوفر تلك الخدمة المهمة والضرورية للعراقيين في مناطق البلاد كافة ؟”
وأضافت أن “أفراد القوات الأمنية المعنية بحماية المسؤولين في دوائر الكهرباء ليسوا قليلين, إذ نراهم ينتشرون بكثرة في الشوارع مع كل موكب من مواكب هؤلاء المسؤولين, والأولى بهم حماية خطوط نقل الطاقة الكهربائية, وتلك مهمة أكثر وجاهة من حماية الشخصيات الحكومية وكبار الموظفين في وزارة الكهرباء, كما أن توفير الحماية للمتلكات العامة -ومنها أعمدة وخطوط نقل الطاقة- أكثر أهمية من حماية الأفراد, ولاسيما أن عمل الوزارة خدمي مهم لصالح المواطن المستهلك.”
فرق للتأهيل وإصلاح الأضرار
المهندس الكهربائي علي كاظم الشمري من بغداد، أوضح أن المعالجات الفنية صعبة جداً في ظل تردي الأوضاع الأمنية ووجود فساد مالي وإداري كبير. وقال الشمري في حديث لـ (الشبكة) أن “لا حلول هندسية متخصصة لتلك المشكلة سوى بتهيئة مواد كهربائية احتياطية تعوض كل ضرر في أعمدة وكابلات تلك الخطوط بشكل سريع, لغرض إعادة تلك الخطوط الى العمل. إن على الدولة -متمثلة بالجهة القطاعية- التعاقد مع الشركات المتخصصة لتعويض الأجزاء المتضررة او المحترقة من جراء الأعمال التخريبية من خلال لجان متخصصة لتأمين تلك المواد، سواء أكانت من مناشئ محلية أم خارجية.”
نظام استباقي عالمي
الخبير في مجال الطاقة حمزة الجواهري, أكد حقيقة وجود أعمال التخريب من قبل الجماعات المسلحة تتأثر بها الطاقة الكهربائية الى حد بعيد، ما يتسبب بتقليل كمية إنتاجها وضعف تقديم تلك الخدمة الى الكثير من مناطق العراق.
وقال الجواهري في حديث خص به “الشبكة”: “هناك حلول قدمت في مناسبات سابقة منها إنشاء شبكات الطاقة الكهربائية داخل كل محافظة، لكي لا تتأثر بقية مناطق المحافظات الأخرى بتلك الأعمال, بحيث يبقى كل منها بمأمن من البقية طالما لديها شبكة كهرباء خاصة بها بعيدة عن بقية الشبكات. كما أن الدولة يجب أن تكون مسؤولة عن الشبكة الوطنية، ويمكن الاستفادة من مسألة إنشاء شبكة في كل محافظة، بحيث تأخذ من تلك الشبكات ما يفيض من الطاقة عن حاجتها وتعوض النقص الحاصل لديها, وبالعكس تعوض كل محافظة يمكن أن يحدث فيها نقص في كمية إنتاجها في حال تعرضها لأي عمل تخريبي, إذ تأخذ الشبكة الوطنية الزيادة في إنتاج محافظات محددة وتزود المحافظات التي تعاني من نقص إنتاجها من الكهرباء, وهذا الامر هو نظام تقني وفني معمول به في كل بلدان العالم التي تشهد ظروفاً مماثلة لما يمر به بلدنا حالياً, إذ أن اسباب تعطيل الخطوط الناقلة للتيار الكهربائي هي الأعمال التخريبية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية التي تنشط خلال أشهر الصيف، وتقوم بتفجير الأعمدة الخاصة بخطوط نقل الطاقة, ولاسيما في المناطق الشمالية، كنينوى وصلاح الدين وكركوك.”