ألوانٌ زاهية وعطرٌ فوّاح النرجسُ.. سيدة الأزهار

130

ضحى مجيد سعيد/
تتميز طبيعة كردستان في الربيع بأجواء ساحرةٍ وخلابة وألوان مشرقة وبراقة، ومن هذه الألوان يبرق لون يفوح عطراً له وقعه الخاص في الأنفس، هو لون وعطر زهرةِ النرجس.
تغطي زهرة النرجس الأرض بألوانها الزاهية، معلنة أن الربيع هنا يختلف، إذ إن زهرة النرجس هي سيدة أزهار هذه الأرض وعنوانها الأبهى، لسان حالها يقول: “بي يبدأ الربيع وتتجدد الحياة، وبي يعرف البشر أن موسماً جديداً بدأ بألوانه الزاهية.” كل هذه الصفات جعلت شذى النرجس يفوح عبر ربوع كردستان، إذ أصبح اقتناؤه ولعاً وشوقاً بزهرة الحياة، حتى أنهم فردوا له مهرجاناً للاحتفال بالربيع. وتتغنى شوارعُ كردستان بأصوات باعة وردة النرجس (أوي نرجس نرجس)، فأينما تذهب تجدها حاضرة، حتى أنهم يزرعونها في بيوتهم، وراجت صناعة تحويلها إلى عطور مميزة، وكثر الإقبال على شرائها، فأصبحت مصدر رزق للعاملين في هذا المجال.
رائحة زكية
(سوران علي)، صاحب مشتل في (عين كاوة)، من سكنة مدينة أربيل، يقول: ” تمتاز زهرة النرجس بجمال منظرها ورائحتها الزكية عند قدوم فصل الربيع، ولها خصوصية لدى أهالي إقليم كردستان، إذ لا تخلو أية حديقة منزلية من بُصيلات نبات النرجس العطري. كما أن هنالك توجهاً كبيراً من قبل أصحاب الأراضي الزراعية لتوسيع زراعة زهور النرجس وتطويرها مستقبلاً، بحيث لا يقتصر ذلك على الجانب الجمالي واستقطاب السياح فحسب، بل إدراجها في القطاع الصناعي ضمن معامل التقطير لاستخراج العطور منها، ونقوم بزراعة النرجس سنوياً بأعدادٍ كبيرة لزيادة إنتاجها سنوياً.”
وأضاف أن “موسم حصاد النرجس في معظم مدن إقليم كردستان العراق، يكون أجمله في عقرة، وتحديداً في الجبال التي تحيط بهذه المدينة، والنوع البري هو الأفضل، أما (المُدجّن) في الحدائق فتكون رائحته أقل وعمره أقصر، مثل النرجس الإيراني، وهنالك أصناف كثيرة للأنواع المختلفة من أزهار النرجس، لها أسماؤها الخاصة.”
فيما يذكر (سرهنك علي)، من أهالي أربيل، أن “النرجس من الأزهار الشعبية، ويُباع في الغالب كأغصان مقطوفة، ونحن الأكراد نعشق هذه الزهرة، حتى أن هنالك مهرجانات تقام سنوياً لعرض أنواعها وأصنافها وأشكالها، وفي هذه الأيام يكثر باعتها في الشوارع والساحات العامة، فهي هدية يجري تبادلها بين المحبين، لا يوجد لها منافس في المزاج والذائقة الكردية الشعبية.”
وأضاف أن “زهرة النرجس أصبحت أيقونة تعبير عن الاحترام والمحبة الفائقة عندما تقدمها إلى شخص تحبه، بشذى عطرها الأخاذ، إذ أصبحت محل جذب للسياح الى الإقليم وسر تميز الربيع في هذه الأرض.”
علاج نفسي
الى ذلك، تقول (نرجس حمة حسين)، طالبة دكتوراه، من أربيل إن “اسمي هو اسم على مسمى، فأنا أعشق النرجس، لأنه بالإضافة إلى رائحته الجميلة وخصائصه العلاجية، فهو يعتبر رمزاً للولادة، ومقاوم لبرودة الشتاء الشديدة، لأنه عندما تغفو النباتات جميعها، فإن النرجس يغازل برد الشتاء، رائحته تُريح أعصابي وتأخذني بعيداً عن ضغوط الحياة، لهذا أشعر أن عطر النرجس مضاد حيوي طارد للاكتئاب.”
بدوره، (محمود أحمد يوسف)، أحد بائعي العطور في أربيل، يقول: “عطر زهرة النرجس جذاب، ونسبة مبيعاته كبيرة، ويستخدم في العلاج بالروائح، إذ إن له خصائص مثل تخفيف التوتر والقلق وتقوية الأعصاب والوقاية من الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، كما تعتبر زهرة النرجس من أزهار الزينة الجميلة المقاومة التي لها خصائص علاجية مختلفة ولها أيضاً العديد من المعجبين بين شعوب العالم.”
أما (محمد محسن علي)، بائع زهور في أحد شوارع أربيل، فقال إن بيع باقات النرجس من أهم مصادر دخله، إذ يبدأ بجمعه منذ ساعات الصباح الباكر وتستمر عملية الجمع حتى الظهيرة، ويتولى وأفراد أسرته جمع الزهرات في باقات صغيرة ومن ثم بيعها للناس.