أمين مسجد الكوفة: نسعى للحفاظ على التراث الإسلامي وإعادة إشعاعه الفكري والثقافي

70

الكوفة / أحمد الكعبي /

تصوير : حسنين الخالدي/

تعد المؤسسة الدينية كياناً اجتماعياً تنظيمياً كباقي المؤسسات الأخرى، يستند إلى القوانين والتعليمات بما يخدم المجتمع في المجال الديني، ولا تقل أهمية عن المؤسسات الأخرى في المجتمع. ولهذه المؤسسة دور فاعل في تنمية المجتمع وتطوير الوعي الاجتماعي والديني، هذا الدور المتمثل في البناء الاجتماعي والتربوي والثقافي، وغيره من الأدوار المقدمة للمجتمع، باستخدام أساليب متنوعة، واعتماد وسائل مختلفة بقصد الوصول إلى تحقيق هدفها المرسوم في أفضل صورة.
ومن هذه المؤسسات أمانة مسجد الكوفة المعظم، حيث أجرت مجلة “الشبكة العراقية” حواراً مع أمينها المهندس الأستاذ (علي صاحب الجبوري) لتسليط الضوء على أهم الأدوار والمشاريع التي تقوم بها، التي يحصد ثمارها الزائرون والوافدون كخدمات مختلفة، إضافة إلى دورها التوعوي والثقافي والإرشادي.
الشبكة العراقية: ما أهمية مسجد الكوفة تاريخياً وحضارياً؟
السيد الأمين: هناك الكثير من المزايا التي يتمتع بها مسجد الكوفة، ما يسهل على المختصين تعريفه وتصديره إلى العالم، إضافة إلى أنه يعد رابع مسجد في الإسلام بعد الكعبة المشرفة ومسجد النبي (ص) والمسجد الأقصى، فقد وردت فيه كثير من الروايات عن أهل البيت (ع) توضح مكانته وأهميته، حتى جاء عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال “لو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج.” كذلك فهو يتمتع بقيمة تاريخية عظيمه تعتبر محط أنظار كل المؤسسات الآثارية العالمية، إذ إن المنشأ الحالي لمسجد الكوفة يتجاوز السبعمئة عام، إضافة إلى الأحداث السياسية المستمرة الكبيرة التي جرت في أروقته، إذ لا يخفى على أحد أن أمير المؤمنين (ع) قد استخدمه مقراً لحكومته، وبحسب ما نعتقد سوف يكون هذا المسجد مقراً لحكومة صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه).
الشبكة العراقية: ما المشاريع التي تقوم بها الأمانة.. وهل هي خدمية فقط؟
السيد الأمين: أمانة مسجد الكوفة هي مؤسسة حكومية، وما تقوم به من مشاريع هو عمل مكمل للمشاريع الحكومية الأخرى، مع الالتفات إلى أن مشاريع الأمانة تتخصص في خدمة الزائرين للمراقد المقدسة، إضافة إلى مشاريع السياحة الدينية التي تعود إيجاباً على الدولة من خلال تنشيط الحركة التجارية في المدينة، ولدى الأمانة حزمة من المشاريع الخدمية التي تنوي تنفيذها ضمن خطتها العشرية التي أعدتها هذه السنة، ومن أهمها مدن سياحية دينية ومشاريع ثقافية وقرآنية، وتبليغ ديني ومبانٍ خدمية، إضافة إلى مشاريع الصيانة التي تحافظ على المباني والمعدات، منها ما جرت المباشرة بها، مثل مشروع صحن أبي طالب بمساحة (ستة عشر ألف متر مربع)، ومشروع مسقف الإمام الحسن (ع)، يتجاوز (ثلاثة آلاف متر مربع)، ومشروع تدعيم أسس جدار مسجد الكوفة، ومشروع مسقف يربط بين مسجد الكوفة ومزار ميثم التمار (ره) وغيرها من المشاريع،
الشبكة العراقية: وهل هناك مشاريع تخص المدينة؟ وأين وصلت نسب الإنجاز؟
الأمين: تبنت الأمانة ضمن خطتها العشرية كثيراً من المشاريع التي تتعلق بمدينة الكوفة، باعتبارها مدينة زائرين، بما تقدمة من خدمات وجهود للوافدين إليها في بيوتها وشوارعها ومواكبها، لذا كانت من أولويات الأمانة في هذه المشاريع زيادة المناطق الخضر، وفتح شوارع جديدة، وبناء مواقف للسيارات، إضافة إلى السعي لتحديث التصميم الأساسي للمدينة بما يلائم تخصصها الديني وقداستها. أما نسبة الإنجاز للخطة السنوية فقد تجاوزت حتى الآن 70%، على الرغم من أن هذا الموضوع نسبي، إذ لا تمثل الخطة السنوية كل طموحاتنا، لأننا محددون بالتخصيصات المالية التي تصرف للأمانة، التي هي في العادة أقل بكثير من الاحتياج الضروري لتغطية خدمات الزائرين.
الشبكة العراقية: ماذا يتضمن برنامجكم الثقافي؟
الأستاذ علي: يتضمن برنامج مسجد الكوفة الثقافي الكثير من الفعاليات والنشاطات الثقافية التي تقام على مدار السنة، من أبرزها مهرجان السفير الثقافي الدولي الذي يتناول محاور عدة تتعلق بشخصية مسلم (ع)، والكوفة العلوية ودورها في العالم الاسلامي، ويشارك فيه باحثون من مختلف دول العالم، إضافة إلى نشاطات تتعلق بحفظ القرآن والإرشاد الديني، والمنبر الفقهي والعقائدي، ومعرض دولي للخط العربي والكتاب، والموسم الثقافي، والتواصل مع الجامعات والمنظمات المجتمعية بصورة عامة.
الشبكة العراقية: التطور التقني والتكنولوجي يسابق الزمن.. هل يا ترى تواكب الأمانة هذا التطور؟
السيد الأمين: العالم الرقمي أصبح الآن هو الأسلوب الجديد الذي يتبع في كل دول العالم، مؤسسات وأفراداً، لذا بالتأكيد فإن أمانة المسجد دخلت في هذا المجال من خلال برنامج الحوكمة الإلكترونية لكل تعاملاتها الإدارية، كمخاطبات ومراسلات وأرشفة وثائق، إضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الهندسية والأمنية، إذ تعمل كاميرات مراقبة المراقد والمسجد، وهي كاميرات ذكية، بقابليات متطورة، إضافة الى استخدام أنظمة السيطرة الرقمية على كل معدات الأمانة.
الشبكة العراقية: اهتمام الأمانة بالمؤسسات التعليمية والتربوية.. كيف يكون؟
الأستاذ علي: لا يخفى على الجميع أن جامع الكوفة هو من أوائل المؤسسات التعليمية والتربوية في العالم، وبحسب الروايات الصحيحة كان الإمام الصادق (ع) يلقي الدروس فيه بمجالات علمية عدة، من الكيمياء والفلك وغيرهما، إضافة إلى التبليغ الديني ونشر عقائد الإسلام، لذا نجد أن هذه المشاريع دائماً ضمن اهتمامات الأمانة، ومن أبرز مظاهرها دعم المؤسسات التربوية والتعليمية بشكل مباشر من خلال إقامة المؤتمرات والمسابقات العلمية لتحفيز المميزين والتواصل المباشر مع الأوساط الجامعية، كما أعدت الأمانة برنامجاً متكاملاً يتعلق بتعليم القرآن الكريم ضمن دورات على مدار السنة، تتخصص بالحفظ والتلاوة لمختلف الأعمار داخل المدينة وفي الأقضية والنواحي، كما أن هناك خطة للوصول إلى المحافظات، إضافة إلى المسابقات القرآنية الدولية التي تقيمها الأمانة مثل المسابقة الوطنية ومسابقة الجامعات.
الشبكة العراقية: هل من كلمة أخيرة..؟
السيد الأمين: قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ)، فكل ما نقوم به هو للحفاظ على التراث الإسلامي الأصيل، ومحاولة إعادة ولو جزء يسير من دور المسجد المعظم في المجتمع الإسلامي حين كان مركز إشعاع ثقافي وديني، وأتمنى للعاملين في مجلة “الشبكة العراقية” دوام الموفقية، ونسأل الباري جلّ وعلا أن يتقبل أعمالهم.