أنظمة الدفع الإلكتروني لتعبئة الوقود تهدد عمل (البوزرجية)

200

ذو الفقار يوسف
تصوير: علي الغرباوي/
يقضي العامل (علي صادق -33 عاماً) معظم وقته في الوقوف أمام (الكابينات) لاستقبال من يريد التزود بالوقود، إذ إنه ينتظر (البقشيش) الذي يستحصله من المواطنين في كل تزويدة وقود، فحسب قوله إن مرتبه لا يكفيه لمتطلبات الحياة والغلاء وارتفاع أسعار الدولار، وغيرها من المصاعب التي يجب أن يواجهها من أجل لقمة عيش كريمة.
معلوم أن المئات من الشباب يتدافعون للحصول على مهنة (البوزرجي) التي توفر لصاحبها دخلاً جيداً من خلال البقشيش، أو فارق سعر بسيط يتجمع لديه. لكن قرار العمل بأنظمة الدفع الإلكتروني سيدفع (البوزرجيين) للتخلي عن مهنتهم بسبب ما يعتبرونه تهديداً لأرزاقهم يفرضه نظام الدفع الجديد.
فقد دعت شركة المشتقات النفطية المواطنين إلى اقتناء بطاقة (الفيزا كارد) من أجل التزود بالوقود، فيما أكدت أن الربع الأول من العام المقبل سيشهد نهاية التعامل النقدي في محطات تعبئة الوقود من أجل القضاء على البيع فوق التسعيرة الرسمية.
التزامات
يقبع علي صادق قرب ذلك الصندوق الذي يدعى بـ(الكابينة) منذ أول النهار الى نهايته لتحصيل الأموال التي تدفع مقابل التزود بالوقود، فضلاً عن النقود الرمزية التي تسمى بـ (البقشيش). وحسب المواطن (عدنان هاشم) فإنه يعتبر أن (البوزرجية) هم من الطبقات الغنية في البلد، ويقسم بأغلظ الأيمان بأن هناك منهم من يمتلك مجمعاً سكنياً بسبب هذه المهنة وما يرد لصاحبها من أموال.
مجلة “الشبكة العراقية” تجولت بين محطات الوقود لمعرفة آراء المواطنين والعاملين فيها حول قرار وزارة النفط باعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني في جميع المحطات، وتعليق التعامل النقدي ابتداء من الأول من كانون الثاني 2024، وهذا ما جعل العديد من المواطنين ينتفضون ضد هذا القرار الذي اعتبروه غير مدروس ومستعجلاً.
بنية تحتية
التقينا في جولتنا بالمواطن (حسن العقابي – 45 عاماً)، وهو أحد المواطنين الذين يتزودون بالوقود من محطة الكيلاني في العاصمة بغداد، الذي أكد لنا بأنه “يجب على الحكومة أولا أن تستطلع آراء المواطنين في توجهاتها نحو أنظمة الاتمتة، إذ لا ضير من التطور، لكن يجب أن يكون ذلك مدروساً بشكل جيد.” مشيراً الى أنه “لا توجد بنى تحتية حقيقية في المحطات لتطبيق التعاملات الإلكترونية وأنظمتها، فالخدمات التي ترافق هذه الأنظمة يجب أن تتوفر على مدار الساعة مثل الكهرباء والإنترنت لكي لا نقع في مشكلة أخرى.”
يضيف العقابي أن “معظم المحطات في العاصمة تشكو من طوابير العجلات بسبب زيادة عديدها، وهذا فقط أمام التعامل النقدي، فكيف إذا تحول نظام الدفع إلكترونياً، ونحن نعرف الوقت الذي تأخذه هذا الأنظمة لحين اكمال مهامها بصورة صحيحة.”
ثقافة إلكترونية
اما العامل (هشام الساعدي – 37 عاماً) فهو الآخر يشكو عبر منبرنا من هذه الآلية، إذ يؤكد أن “هذا النظام سيكون غير ناجح في هذا الوقت، لأنه سيفتح المجال لبعض المتصيدين ممن ينتهجون نظام الاحتيال مثل (البحارة) في بيع الوقود للمواطنين الذين لا يملكون بطاقة (الماستر كارد) المخصصة للتزود بالوقود، وهذا سيتيح خلق سوق سوداء للوقود في البلد.”
كما يبين الساعدي أن “هناك أمراً آخر يجب أن تعالجه الحكومة قبل الشروع بتطبيق هذا القرار، وهو انعدام الثقافة الإلكترونية لدى غالبية المواطنين من غير الموظفين، فسائق عجلة الأجرة الذي لا يعرف القراءة او الكتابة، فكيف باستطاعته أن يتعامل مع هذا النظام المتطور؟، كذلك نجد أن معظم العاملين في المحطات غير متعلمين، وهذا ما يجعل الأمر صعباً، لذا يجب أن توجه الحكومة فرقها وإعلامها ووزارتها في تمكين المواطن من تعلم الثقافة الإلكترونية والتعامل معها بصورة صحيحة، إضافة الى الحفاظ على أموال الشعب وعدم خلق إشكالية جديدة تضيف على المواطن عبئاً جديداً هو في غنى عنه.”
من جانبه، يعتقد الباحث الاقتصادي (حازم سباهي) أن قرار وزارة النفط سوف لن يطبق بسبب عدم وجود بنية تحتية رصينة لهذه العملية، إذ إن معظم المحطات تشكو مسبقاً من قلة الكابينات وطوابير العجلات، ما يجعلها غير مؤهلة لهذه الأنظمة.”
يؤكد سباهي أنه “يجب على الوزارة أن تطبق النظام تدريجياً، وهو أن يكون اختيارياً وليس بالإجبار، أي يجب أن تكون هناك طريقتان للدفع، النقدي أو الإكتروني، وللمواطن حق الاختيار لحين تحقيق بنية تحتية لهذا النظام، ثم التحول اليه كما نراه في معظم دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى، كذلك يجب معرفة مدى سرعة الخدمة المقدمة، والسلبيات التي تطرأ بسبب هذا النظام، إضافة الى سرعة استجابة المواطن لهذه العملية، والخدمة المقدمة من المحطات، وعدم استغلال عامليها للمواطن بسبب عدم معرفته بهذا النظام.”