أين تذهب أموال الضرائب؟
ملاذ الأمين /
تجتهد دول العالم، لتغذية موازنتها المالية، في البحث عن أبواب جديدة لزيادة إيراداتها المالية، شرط أن تكون هذه الإيرادات قانونية، مقابل خدمات ملموسة، بحيث لا تؤثر على المواطن او تثقل كاهله.
خلال القرون الماضية، كانت الحكومات تبتدع سبلاً لجني الأموال من مواطنيها تحت ذرائع شتى، ومنها الضرائب، فكانت تجبي الضرائب من التجار وأصحاب المحال والقوافل التجارية المارة في أراضيها، حتى أن بعض الدول وضعت تعرفة مالية لعبور المواطن على الجسر المقام على نهر معين، وحددت مبلغاً أعلى إذا كان يحمل متاعاً، او يقود دابة تحمل بضاعة ما.
هذه الضرائب، التي فرضت من غير حق، تسببت بملء خزائن الحكومات والملوك على حساب الشعب المضطهد، فكان مصير هذه الحكومات السقوط السريع بثورة شعبية عارمة – ثورة الجياع- لتأتي حكومة أخرى تحاول تخفيض الضرائب او إلغاءها.
ضريبة الدخل
في القرن العشرين انتبهت الحكومات والأمم الى هذه الحالة، لأجل إدامة بقائها أطول فترة، لأنه مع كل انقلاب -او ثورة او إسقاط نظام معين- تمر بالبلاد بفترة زمنية قد تطول احياناً، وهي فترة التغيير التي يسودها الاضطراب وغياب القانون وتسلط أصحاب السلاح على جميع الأمور، لذا فقد عمدت الدول المتقدمة إلى إقرار ضرائب تتناسب مع وضع المجتمع والمواطن، فكانت ضريبة الدخل، وهي ضريبة تفرض على جميع من يتقاضى أجراً، سواء أكان يعمل لدى الحكومة –موظفاً او تاجراً او عاملاً وقتياً- وهذه الضريبة حددت بمقدار يتناسب مع صاحب الأجر –الدخل- مع الأخذ نظر الاعتبار عدد أفراد الأسرة التي يعيلونها .
الكمارك
ووضعت ضريبة الكمرك على البضائع المستوردة، وهي نسبة بسيطة تفرض بحيث لا تؤثر على المستهلك النهائي، وهذه الأموال تستخدم في تطوير المنافذ الحدودية وتطوير عمل الكمارك في الحدود، كذلك تجبي الحكومة الأموال البسيطة من المواطنين المستفيدين من خدماتها، سواء أكانت الخدمات صحية أم تعليمية أم بلدية .
فيما تعمد دوائر المرور -في أغلب الدول- إلى جباية الأموال من أصحاب المركبات عند تسجيل المركبات، او إصدار لوحة الرقم، وتوضع هذه الأموال في صندوق مخصص لإدامة طرق المرور والإشارات وافتتاح طرق جديدة .
وفي العراق تجبى هذه الأموال والضرائب تحت باب- الأموال المستحصلة للحكومة- ، وتذهب الى الموازنة العامة، وتذوب أقيامها مع المشاريع الكثيرة التي تخطط لها الموازنة، وليست لها علاقة بالهدف الذي جمعت لأجله.. ما يشكل خللاً كبيراً في تقديم الخدمات للقطاعات المتخصصة التي تجبى من أجلها الضرائب.
حساب خاص
وينبغي أن توضع هذه الضرائب، او الأموال المستحصلة، لصالح دائرة معينة – كوزارة الصحة، دوائر المرور، التسجيل العقاري.. وغيرها – في حساب خاص بها، ويجري تدقيقها نهاية كل سنة لوضع خطط لصرفها على مشاريع تخص تطوير عمل هذه الدائرة، فأموال وزارة الصحة تذهب لافتتاح مراكز صحية ومستشفيات وشراء الأدوية والعلاجات، وأموال التسجيل العقاري يخطط لها من قبل وزارة المالية بالتعاون والتنسيق مع البلديات في توفير الخدمات للأحياء السكنية، وكذلك الحال مع دوائر المرور نحو تعبيد الشوارع وإدامتها وافتتاح شوارع جديدة…