الألمان سرقوا نصفها، والعراقيون اكتشفوا النصف الغاطس منها.. . بوابة عشتار.. قصة مدخل مدينة العجائب

238

أربيل / كولر غالب الداوودي/
صرح بابلي يمثل أهم المدن الحضارية وأقدمها، الذي لروعته تصدر القائمة الأولى لعجائب الدنيا السبع، إذ إنه كان موجوداً الى جوار حدائق بابل المعلقة، إنها البوابة الثامنة في مدينة بابل، وأكبر البوابات في المدينة الأثرية التي شيدها الملك نبوخذ نصر الثاني سنة ٥٧٥ ق.م للإلهة عشتار، وكانت مكرسة لها، وعد بناؤها جزءاً من خطة نبوخذ نصر لتجميل عاصمة امبراطوريته.
مرت هذه البوابة بـ (تعليات) عديدة، آخرها جرى فيها نقل بقاياها من قبل بعثة التنقيب الألمانية الى ألمانيا، حيث حفظت في متحف (البركامون). وبعد أن رفع الألمان المتبقي من البوابة، ظهرت تحتها بوابة أخرى مطابقة للبوابة الأصلية، وحاول الألمان التنقيب عنها ونجحوا في اكتشاف نصفها الشمالي، لكنهم توقفوا بسبب خسارتهم في الحرب العالمية الأولى. وبقيت البوابة نصف منقبة، الأمر الذي دفع دائرة الآثار الى تشكيل بعثة لتكملة التنقيب عنها في عام ١٩٣٨م.
إعادة تأهيل
يقول مدير مشروع (مستقبل بابل)، أسامة هشام، من (منظمة صندوق الآثار العالمي) إن “بعثة أميركية أسهمت بتمويل صيانة بوابة عشتار، وكذلك ترميم جزء من المدينة الأثرية، ولاسيما المداخل المرتبطة المؤدية الى البوابة، لإعادة رموز بابل الأثرية الى الواجهة السياحية، وركزوا أعمال الصيانة على بوابة عشتار، لأن الأضرار التي لحقت بها أكثر من الأجزاء الأخرى في المدينة الأثرية.”
وأضاف: “توجهت الفرق الأجنبية والمحلية الى بوابة عشتار وشرعوا بصيانتها، فيما قام عناصر الهيئة العامة للآثار من بغداد بنصب الكاميرات وأجهزة الإنارة، هذه الكاميرات تغطي جميع أرجاء المدينة، وهي من ضمن مشروع محافظة بابل عاصمة الحضارة، الذي ينفذه مقاول تابع لمحافظة بابل، التي وفرت السيطرة والحماية ومراقبة كل الذين يحاولون العبث بالآثار بالكتابة على جدرانها، في إطار جهود تحويل المدينة الأثرية الى محطة استقطاب سياحية عالمية، وقد خصصت البعثة الأميركية ثلاثة ملايين دولار لإجراء الترميم.”
أرشفة إلكترونية
ويوضح أسامة أن “منظمة صندوق الآثار العالمي WMF عملت على صيانة بوابة عشتار، التي تضررت بفعل العوامل الطبيعية، ومنها ارتفاع مناسيب المياه الجوفية، والصيانة القديمة الخاطئة، ولذلك كانت الجدران الاستنادية مليئة بالرطوبة، لذا استبدلت بجدران وفق المعايير الدولية، المتكونة من مواد لها خصائص مميزة، كما جرت المشاركة مع الخبراء في أعمال وقائية وأرشفة البوابة الموجودة في المدينة الأثرية، أولها كان إنجاز الأرشفة الإلكترونية للبوابة، وهو نظام غير معمول به في كل العراق، ومن خلال هذه الأرشفة الإلكترونية لبقية الموارد الأثرية، التي تشمل الطابوق الموجود في بوابة عشتار، إذ وضعنا لها أرقاماً، مع صيانة جميع الذكريات المكتوبة على الطابوق، ففي حال حدوث ظرف على الموقع يكون بالإمكان إعادتها حسب الأرشفة الإلكترونية.”
خلطة خرسانية
وبيّن أن “الخبراء الذين عملوا على صيانة بوابة عشتار استعملوا خلطة من مجموعة مواد حضرتها خبيرة آثار إيطالية استعملت في صيانة الجدران وترميم الشروخ الموجودة في بوابة عشتار من الداخل الى الخارج، والعمل على رفع جزء من الخرسانة داخل البوابة بعدما لاحظوا أن هذه الخرسانة تسمح بتسريب المياه الجوفية الى البوابة وتتغلغل في الجدران الأصلية، ما يؤدي الى تفتيت الطابوق، لذا رفعت هذه الخرسانة في محاولة لتقليل نسبة المياه الجوفية. كذلك أعيدت (درازة) كل آجرة في البوابة، بعد تصنيع مواد مقاربة للمادة الأصلية الرابطة المستعملة في البوابة، ونتأمل إكمال المدخل الشمالي للبوابة الذي سوف يوفر انسيابية في دخول السائحين.”