الأوكسجين.. علاجاً لأمراض مستعصية

1٬761

د. هديل وائل  /

يعتبر العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي أملاً جديداً وداعماً لشفاء العديد من الأمراض، ويتم عن طريق استنشاق الأوكسجين النقي بنسبة %100 وضغط عال بدرجة 2.5 ضغط جوي في غرفة علاجية مخصصة لهذا الغرض وتكون الغرفة محكمة الغلق.
إنها ليست طريقة جديدة لأنها معروفة منذ فترة طويلة في أوروبا وأميركا، ولكن لا يعلم عنها الكثيرون في الوطن العربي عامة والعراق بشكل خاص. ويستغرب البعض من كيفية استخدام الأوكسجين في العلاج والذي أحدث ثورة هائلة في الطب في القرن الحادي والعشرين.
ولأن الأوكسجين يعتبر مصدراً مهماً للطاقة لجميع خلايا الجسم، فهو المسؤول عن بناء الخلايا وحيويتها، ويؤدي نقصه الى ضمور في الخلايا او موتها، لذلك وظّف العلم والطب طرقاً عديدة للعلاج بالأوكسجين على مر العصور الى يومنا هذا.
اعتراف عالمي بالعلاج
الأوكسجين هو إكسير الحياة ولابد من أخذ الكفاية منه لبناء ونمو خلايا جميع أجهزة الجسم والتي يصل عددها في المتوسط الى 75 ترليون خلية. وأثبت العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي أهميته وفعاليته في مجالات عديدة وانتشر في معظم الدول المتقدمة. وهذه الطريقة تعالج الكثير من الحالات المستعصية والمزمنة بدون استخدام أية ادوية او كيمياويات. والعلاج بالأوكسجين معترف به عالمياً، ففي الولايات المتحدة الأميركية حيث تدرب كلية العلاج بالإوكسجين تحت الضغط المختصين بهذا العلم، وهناك أكثر من 200 مركز في الولايات المتحدة، ويوجد ضعف هذا العدد في اليابان وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والهند وكوريا.
ووصلت هذه المراكز مؤخراً الى الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والإمارات العربية وتم فتحه في الفترة الأخيرة في العراق وتحديداً في محافظة البصرة.
تقوم عملية إعطاء %100 أوكسجين وضغط عالٍ على أساس تبادل الغازات حيث تتم إزالة كمية كبيرة من الأوكسجين في البلازما، وتعادل الكمية المذابة في هذه الحالة ستة اضعاف الكمية المطلوبة لخلايا الجسم، ويتم انتقال الأوكسجين تحت هذا الضغط ويفقد جزءاً منه كلما انتقل من الأوعية الدموية الكبيرة الى الأصغر فالأصغر حتى يصل الى الشعيرات الدموية الدقيقة ليكون ضغطه من 80 ـ 280 ملم زئبق (ولاننسى ان الضغط الطبيعي 30 ملم زئبق) وهذا الضغط العالي يعمل على توسيع الدورة الدموية الدقيقة ويعمل ايضا على تخليق مسارات الأوعية الدقيقة الأخرى في الأنسجة.
القضاء على الالتهابات
ففي الظروف الطبيعية يحمل الأوكسجين عن طريق الدورة الدموية في الدم الى كل الخلايا والأنسجة في كل أنحاء الجسم، ولكن عندما يتنفس الشخص الأوكسجين تحت ضغط عال كما ذكر سابقا فإن الأوكسجين يذوب في سوائل وأنسجة الجسم ومنها يستطيع الوصول الى كل خلية ونسيج بدون الحاجة الى وعاء لكونه دموياً وبذلك فإنه يبقي على حيوية الخلايا ويساعد أيضا في إصلاح الخلايا المعطوبة حتى لو كان الوعاء الدموي مقطوعاً او مسدوداً وبدوره يساعد على محاربة البكتريا المسببة للالتهابات الجديدة كعامل محفز لكريات الدم البيض المسؤولة عن محاربة العدوى الميكروبية ويساعد أيضا على إيجاد شعيرات دموية جديدة للأنسجة التي تعاني من نقص في الأوعية الدموية ويحفز على نمو أوعية دموية في المناطق التي يكون فيها دوران الدم منخفضاً. كما وتصبح كريات الدم الحمراء أكثر مرونة بتنشيط عوامل النمو والخلايا الجذعية التي تؤدي الى عملية الشفاء والتئام الجروح والقضاء على الالتهابات.
أمراض تمت معالجتها
والحالات المرضية التي يتم علاجها بتقنية الأوكسجين تحت الضغط العالي هي كالتالي: التسمم الحاد بأول أوكسيد الكاربون، التهاب العظام المزمن عندما لا تستجيب الحالة الى الأدوية والجراحة، بعض حالات الروماتيزم، الذئبة الحمراء، مرض الزهايمر، هشاشة العظام، وهذا تم اثباته مؤخرا حسب دراسة بريطانية في جنوب انكلترا، الجروح لمرضى السكري في الأطراف السفلى الغرغرينا الغازية، التكيسات المعوية، التهاب الأمعاء اللفافة، النخر الشعاعي في الانسجة اللينة، التهاب الامعاء المزمن المشع، النخر العظمي االشعاعي، تلف الأنسجة الناجم عن تلقي المعالجة الاشعاعية للسرطان، ترقيع الجلد، الشلل المخي عند الاطفال الناتج عن نقص الأوكسجين بخلايا المخ، العلاج ما قبل وبعد الوقائي للمرضى الذين يخضعون لجراحة الأسنان في الفك المشع، التوحد، الشلل الدماغي، الصداع النصفي المتعدد، التعافي من جراحات التجميل، الإصابات الرياضية.
وفي الآونة الأخيرة لبعض الحالات غير المرضية عمل العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي على زيادة القدرة الجنسية لدى بعض الرجال حسب تقارير علمية حديثة في مصر.
من الممكن أن تسأل نفسك: هل هذا العلاج آمن؟
نعم، هو آمن نوعاً ما وتتم المراقبة في المراكز المخصصة للعلاج بشكل كثيف في غرفة العلاج لكن له بعض الآثار الجانبية حيث ممكن أن يصاحبه انسداد مؤقت في الأذنين كالذي تشعر به عندما تكون مسافراً بالطائرة او تغوص الى أسفل حوض السباحة.
وفي غرفة العلاج ممكن لك مشاهدة التلفزيون أو أن تستمع للموسيقى او أن تقوم بقراءة كتاب علمي او قصة او حتى قراءة الشعر والنثر او لك أن تنام، ويمكن أن تتحدث مع الموظفين في الغرفة المخصصة للعلاج اثناء الجلسات العلاجية.
الغرف العلاجية
يتم وضع المريض في غرفة علاجية تتسع إما لعدة أشخاص او غرفة فردية لشخص واحد ويتم إعطاء الأوكسجين عن طريق القناع والخوذة او أنبوب القصبة الهوائية، تعتمد عدد جلسات العلاج على الحالة المرضية فهي عادة تكون ما بين 20-40 جلسة ويستمر العلاج في كل جلسة من 90الى120- دقيقة للمرة الواحدة كل أسبوع، وتتكلف الجلسة من 200-250 دولاراً عالمياً، والفكرة العلاجية او الميكانزم تختلف من حالة مرضية الى أخرى.
أتمنى أن تكون هناك ابتكارات وبحوث علمية في هذا المجال تجعل الحياة أسهل وأجمل وأتمنى على العلماء العرب والعراقيين بشكل خاص في بلدي الأم العراق ومدينتي الحبيبة بغداد اللحاق بركب العلوم وان يبرعوا في هذا المجال بالذات كما فعل العلماء في اوروبا وأميركا في عصورهم الذهبية.