الاستيراد العشوائي للسيارات وغياب التخطيط.. مشاريع كبرى لمعالجة اختناقات الشوارع
ذو الفقار يوسف
تصوير : حسين طالب/
محاولات جادة تبذلها المؤسسات المعنية، ولاسيما أمانة بغداد ودائرة المرور العامة، لإيجاد حلول لمشكلة الزحامات التي باتت تؤرق المواطن العراقي، هذه الزحامات التي يعيشها الناس تبدو وكأنها بدأت منذ الأزل، ولا حلول بالأفق في وطن نهشته الحروب، ليتبعها الفساد، لكي يستقل المواطن العراقي عجلته ويذهب الى مقر عمله بلا منغصات قد تدوم لساعات.
الحكومة بدورها أطلقت عدداً من المشاريع لفك الاختناقات المرورية في بغداد، وذلك بتبني 16 مشروعاً تتعلق باستحداث الطرق والجسور، بينما قامت بفتح طرق مغلقة منذ 2003، فضلاً عن إزالة نقاط تفتيش كثيرة في العاصمة، لكن من سيخلصنا من مسببي الزحامات المرورية من المواطنين؟
“صبّات” بشرية
يستقل مازن محمد (36 عاماً) يومياً عجلته متوجهاً الى عمله في منطقة الباب الشرقي مركز العاصمة بغداد، فهو يتجه من منطقة النهضة الى السنك ليتخلص من زحام ساحة التحرير المستمر، وما إن يريد أن يستخدم تحويلة سريع محمد القاسم حتى يفاجأ بوجود كتل بشرية تقبع وسط الشارع لتكون حاجزاً آخر يمنعه من الاستمرار في المسير. يؤكد محمد عبر حديثه لـ (مجلة الشبكة العراقية) ويقول: “لقد فاض بي الصبر، ما جعلني أقف في أحد الأيام لأتحدث مع هذه الكتل والحواجز البشرية: “ليش واكفين بنص الشارع، يعني وين نمشي” هذا ما بدأت به ليجيبني أحدهم “احنا عدنا خطوط نقل من بغداد للمحافظات، وكاعد ننتظر عبرية.”
يضيف مازن إن الموضوع حيرني أكثر، فلماذا لم يستخدموا مرآب النهضة لفعل ذلك، فسألت أحدهم: لماذا لا تقفون في المرآب؟” فأجابني: “توكل أخوية لا تتدخل.”
تنظيف موقعي
ومن (الصبّات البشرية) التي صارت سبباً آخر للزحام، الى ساكني التقاطعات، أولئك الذين يمارسون شقَّي البيع والاستجداء، فهم لا يمهلونك لتجد مغيّر سرعة عجلتك، وينسونك المقود كلما تقربوا من نافذة العجلة ليلتصقوا بها رغماً عنك. (سلام الحلفي 37 عاماً) كان آخر صيدهم، فقد قال: “ليست لدي مشكلة في إعطاء القليل لكوني لا أرد سائلاً منهم خائباً، فاشتري الماء وأعطي المحتاج، وأحاول إرضاء من أستطيع منهم، إلا أن وقوفهم في التقاطعات زاد من شدة الزحامات، فسائقو العجلات يتحاشونهم خوفاً من أن يصدموا أحد هؤلاء.”
يضيف الحلفي: “هناك نوع آخر يعطل المسير في شوارع بغداد وتقاطعاتها، أولئك الذين يجبرونك على تنظيف زجاج عجلتك رغماً عنك من خلال رش الزجاج بالماء ومواد التنظيف، حينها تنعدم الرؤية ليجعلوك مجبراً على أن تتقبل ما يقدمونه لك من خدمة تنظيف الزجاج، المشكلة أن هذه العملية تأخذ وقتاً طويلاً لذلك، وحتى إن تحرك السير فإنك ستكون مجبراً على انتظارهم لإكمال التنظيف، ما يسبب توقف سير العجلات الذي تقف خلفك، وإذ امتنعت عن القبول (يا ويلك وسواد ليلك).”
مفتعلو الزحام
مديرية المرور العامة بدورها تعاني ما تعانيه من مشكلات عدة يسببها بعض المواطنين، إضافة الى قلة الطرق البديلة أو المجسرات، فمشكلة الوقوف الخاطئ تؤرق رجال المرور، ما يسبب إرباك انسيابية السير في شوارع العاصمة وتقاطعاتها المعدود والمحدودة. وعلى الرغم من المخالفات العديدة التي يحررها رجال المرور لهؤلاء لكن الظاهرة تستمر بلا مبالاة.
يوضح مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد (زياد القيسي) في تصريح لـ (مجلة الشبكة) أن “مديرية المرور العامة وضعت خطة متكاملة لفك الاختناقات المرورية أثناء أعمال البناء وإنشاء الجسور وتعبيد الطرق ورصفها.”
وأضاف أن “الخطة شملت تعزيز الدوريات مجاور أماكن العمل لتحويل مسارات السير بالطرق البديلة، وأن الخطة ستكون بالتعاون مع الاجهزة ذات العلاقة ومنها الطرق والجسور وامانة بغداد، كما أن المديرية فرضت غرامات على المخالفات التي تسبب زخماً مرورياً، منها الوقوف المائل والممنوع والسير عكس الاتجاه وعدم الالتزام بالإشارة الضوئية والسياقة بتهور ورعونة.”
أرصفة للبيع!
ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فمسببو الزحام كثيرون في العاصمة، ومنهم من اتخذ الرصيف، الذي كان يجب استخدامه في صف العجلات من الجانب الأيمن للشارع، في أعماله الخاصة، فمنهم من وضع علامات تشير الى منع الوقوف أمام مطعمه، وآخر قد عرض منتجاته محتلاً الرصيف وجزءاً من الشارع، أما في الشوارع الصناعية فحدِّث ولا حرج، فالعجلة تجري صيانتها وهي واقفة في منتصف الشارع!
يلعب المواطن العراقي دوراً مهماً في مدى إصلاحه لبلده أو خرابه، وليست الحكومة فقط، فمن يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، ومن يقوم بحفر الطرقات، من يحتل جزءاً من الرصيف لاستخداماته الخاصة، كل هؤلاء هم سبب آخر في دمار البلد الذي نحاول النهوض به ليرتقي، فهل يا ترى أنت منهم؟