الاقتصاد عام 2023.. العراق الأول في النمو عربياً.. و”الفساد” يتربص بمشاريع الإعمار

104

مصطفى الهاشمي/
حقق العراق مجموعة من الإنجازات الاقتصادية خلال العام 2023، توزعت بين الدولية والمحلية، رافقتها بعض الإخفاقات. وتمثلت أهم الإنجازات المحلية بمجموعة من القرارات والخطوات الناجحة للحد من الفقر ودعم البطاقة التموينية، فضلاً عن إقرار موازنة العام 2023 التي بلغت 198.9 تريليون دينار (153 مليار دولار)، شملت زيادة الإنفاق على مشاريع تنموية لتحسين الخدمات ودعم البنية التحتية.
أما الإنجازات الدولية فتمثلت بمحافظة العراق على تصنيفه السيادي، وتراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2022 من 53.8% إلى 40.8%، إذ تصدر العراق قائمة الدول العربية الأكثر نمواً في الناتج المحلي الإجمالي للعام 2023، وحل ثانياً ضمن قائمة الدول العشر الأعلى نمواً في العالم لعام 2022، حسب تصنيفات صندوق النقد الدولي الصادرة في تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي”.
إنجازات مباشرة وغير مباشرة
يقول الأكاديمي الاقتصادي في كلية الإدارة والاقتصاد، الدكتور صباح نعمة، إن “الإنجازات المحلية المتحققة في العام 2023 تنقسم الى قسمين: مباشرة وغير مباشرة.”
ويوضح نعمة، في حديثه مع “الشبكة”، أن “الإنجازات المباشرة تمثلت بتخصيص مبالغ لدعم الفقراء والبطاقة التموينية، التي تعد من أبرز الإنجازات التي حققتها الحكومة في هذا الجانب، إذ خصصت مبالغ ملائمة لشبكة الحماية الاجتماعية بعد مقاطعة بيانات المشمولين بها، ما وفر مبالغ إضافية كانت تمنح شهرياً لغير المشمولين، الى جانب تحسين مفردات البطاقة التموينية، وإجراءات الحكومة المتعلقة بدعم السلة الغذائية والأمن الغذائي والستراتيجية الغذائية لعدد كبير من الفئات المشمولة بالسلة الغذائية.”
ويشير نعمة الى أن “الإنجازات غير المباشرة تمثلت بدعم صندوق التنمية في إقامة المشاريع الملائمة ومتابعة تأهيل قطاع النقل البري عبر الطرق والجسور، وفك الاختناقات المرورية في بغداد والمحافظات، وإكمال ميناء الفاو الكبير وكل ما يتعلق به في الوقت المحدد، لكونه النافذة الاقتصادية العراقية البحرية المطلة على العالم.”
نمو مالي كبير
إلى ذلك، توقع البنك الدولي أن يعوض الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي النفطي جزئياً، إذ تشير توقعاته الى أنه سوف يتوسع بنسبة 4.0 بالمئة خلال عام 2024 وأن النمو سيكون مدفوعاً، في الغالب، بالتوسع المالي الكبير.
كذلك يرى نعمة أن “هناك دعماً للقطاع الخاص وتوفير المناخ الملائم بفسح المجال أمام فرص العمل فيه من خلال المشاريع الصغيرة التي جرى تحديد دعمها من المصارف بمنحها قروضاً بلغت نحو 20 ألف قرض.” لافتاً الى أن “هناك نشاطات متعددة معلقة بحاجة الى وقت فيما يتعلق بالجانب الستراتيجي لدعم القطاعات الاستخراجية، إذ يمكن الإفادة من بعض الصناعات التي تعتمد على النفط، ولاسيما في مجال الغاز المصاحب والغاز الطبيعي والبتروكيمياويات، إذ وقعت وزارة النفط عقوداً لاستثمار الغاز في جميع الحقول، محصية في الوقت ذاته كمياته المستثمرة، وتحقيق خطوات مهمة لزيادة الإنتاج الوطني، كما عالج العراق أطناناً من الملوثات وحقق التزاماته تجاه اتفاق باريس.”
وتابع نعمة “في الفترة 2024-2025، من المتوقع أن ينتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي مع نمو إنتاج النفط بشكل مطرد، ومن ثم تعافيه خلال عام 2024 بما يتماشى مع الزيادة التدريجية في الطاقة الإنتاجية.”
قيمة ثروات العراق
وبحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، فإن العراق يحتل المرتبة التاسعة عالمياً بموارده، وأن القيمة السوقية لثروات البلاد الخام تتجاوز 15 تريليون دولار.
في وقت أكدت فيه وزارة المالية أن العراق حافظ على تصنيفه الائتماني بحسب آخر تقرير لوكالة (ستاندرز آند بورز) للتصنيف الائتماني (S&P) عند B – / B مع نظرة مستقبلية مستقرة، مع التأكيد على الاستقرارين المالي والاقتصادي بحسب التقرير. وقد جاء التصنيف الجديد انعكاساً لسياسة الإصلاحات الاقتصادية والمالية المستمرة، والمحافظة على مستوى احتياطيات من العملة الأجنبية يفوق الدين العام الخارجي، والإيفاء بالالتزامات المالية الخارجية الأخرى نتيجة استقرار أسعار النفط الخام، فضلاً عن أن احتياطي العراق من الذهب بلغ 132 طناً خلال العام المنصرم.
إخفاقات لم تعالج
على جانب آخر، يرى الأكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني أن هناك مجموعة من الإخفاقات التي لم يجر حلها أو تجاوزها خلال العام 2023.
ويقول البيضاني لـ “مجلة الشبكة” إن “أبرز وأهم الإخفاقات هو استمرار عدم سيطرة الحكومة على سعر صرف الدولار، وارتفاع معدلات الأسعار على المستهلك، فضلاً عن عدم تحسن مستوى المعيشة للمواطنين.” ويضيف: “على الصعيد الإسكاني ومعدلات التضخم، فإنه مع بناء العديد من المجمعات والوحدات السكنية داخل وخارج المدن، إلا أن المواطنين من محدودي الدخل لن يتمكنوا من شرائها بسبب ارتفاع أسعارها، كما أن ملف الخدمات هو الآخر لم يشهد تحسناً برغم التخصيصات المالية الكبيرة، الى جانب الاستمرار في هدر الموارد والمحروقات التي تتسبب بها الاختناقات المرورية.”