الامتحانات.. ضيفٌ ثقيل على عائلات الطلبة

892

وليد خالد الزيدي  /

يصف العديد من تلاميذ وطلبة المدارس وذويهم أيام الامتحانات
بـ”السيوف المسلطة على رقابهم”. وتأخذ أسر التلاميذ بتغيير نمط حياتها اليومية بشيء من الترقب والقلق في ضوء وضع أبنائها مع الامتحانات وبضغوط وتوتر على مدى أيامها, حيث تكرس معظم أوقاتها لتهيئة أجواء المطالعة ومراجعة المناهج حتى يؤديها الأبناء بقدر من التفاؤل وضمان النجاح.
دروس أكثر”خصوصية”!
فاطمة حامد من بابل تقول: لدي ابنتان، سحر في الأول المتوسط وسمر في الخامس العلمي, وهما تكلفاني بالتزام مالي يقصم ظهري هو أجور مدرّسات الخصوصي اللواتي يطالبن بمبالغ إضافية أثناء الامتحانات, فضلاً عن المتفق عليه، ما يشكل ضغطاً إضافياً على أهالي الطالبات لأنه يثقل ميزانية الأسرة بتكاليف غير الأجر الشهري للدروس الخصوصية, ولحرصي على نجاحهما اضطررت للدفع الإضافي أيام الامتحانات لكي أشجع المدرّسات على إعطاء المادة بشكل واف.
في مدرسة السيد الوالد
عباس زياد من بعقوبة، تلميذ في السادس الابتدائي، يقول: والدي يعمل سائق سيارة ويملك شهادة جامعية لم تسعفه في التعيين كمدرس, منذ فترة جعل في حساباته أن يعود من عمله مبكراً الى لبيت بعدما كان يتأخر لطلب الرزق في أيامه العادية ليضع منهجاً تدريسياً أيام الامتحانات، ومع اقترابها بدأ يضغط على نفسه لكونه لا يملك مبلغاً إضافياً لزجّي بتعليم خصوصي لذا يدرسني بنفسه.
وأضاف: بدأت اشعر بقلق شديد على نفسي وعلى والدي وبقية أفراد أسرتي حيث بدأ والدي بتغيير طريقة تعامله معنا جميعاً فصار صارماً في مراجعتي للدروس, وبات يطيل وقتها لساعات متأخرة من الليل, ما يشعرني بجهد وتوتر, فضلاً عن قلقه النفسي, لحرصه الشديد على تجاوزي الامتحانات بنجاح رغم مصاعب حياتنا العامة.
القاضي هو الجلّاد
أم حوراء من الخالص تقول: ارتأت مدرّسة رياضيات الثاني المتوسط أن تزج ابنتي وطالبات أخريات في دروس خصوصية مؤقتة في منزلها وبواقع (5) محاضرات ولخمسة أيام لقاء عشرة آلاف دينار للمحاضرة, وبعد جهود وتكاليف نقل لمنزلها أثناء امتحان نصف السنة وضعت أسئلة غير واضحة وصعبة فرسبت ابنتي في المادة مع بقية زميلات المدرسة, وهذا ما يجعلني أخشى تكرار المسألة في الامتحان النهائي.
وأضافت: ليس معقولاً أن مستوى ابنتي وزميلاتها رديء جداً لكي يكون حالها بهذا الشكل المتدني, لكن ربما المسألة تتعلق بصعوبة المنهج هذا العام, وطريقة تدريس غير مناسبة.
المشاكل تأتيك من “التكنيك”
أبو هادي من بغداد يخشى فشل أبنائه التلاميذ في امتحانات نهاية السنة كأمر واقع رغم المتابعة وتكاليف الدارسة, يقول: لدي ثلاثة تلاميذ في الابتدائية وأخشى صعوبة الامتحانات النهائية ومناهج هذا العام أو وضع أسئلة غامضة في مواضيع لم يركز عليها المعلمون أثناء الحصص اليومية إذ نرى بأعيننا بعضهم منشغلاً بالموبايل و”التكنيك” خلال الدروس, من دون متابعة الإدارة أو مسؤولي التربية.
المعلم الخصوصي يملأ الفراغ
“لم يفهم ابني التلميذ في الخامس الابتدائي من حصص المدرسة، بينما المعلم الخصوصي طور مستواه”,هذا ما قالته أم حيدر من بغداد وتضيف: بعض تلاميذ السوء المشاكسين يحدثون الضوضاء أثناء الحصص التعليمية من دون رادع حقيقي, حيث لا يستوعب بقية التلاميذ الدرس بسبب ذلك, فيما يتبجح المعلمون وإداراتهم بعدم جواز محاسبة المشاغبين بموجب تعليمات التربية, بينما توجد بدائل كاستدعاء أولياء أمورهم والفصل المؤقت والإنذارات الأولية والنهائية ثم الفصل النهائي ليكون رادعاً لهم ولغيرهم, فتلك المسألة وغيرها أربكت حساباتنا، لذا لجأنا للدروس الخصوصية مع موعد الامتحانات.
الكهرباء.. الهمّ الأكبر
تقول أسماء عبود من البصرة: هناك ما يقلقنا غير مستوى أبنائنا وصعوبة الامتحانات وهو انقطاع الكهرباء المتكرر هذه الأيام، ولتلافي تلك المشكلة أحضرنا المصابيح التي تعمل بالبطاريات, واشترينا شموع الإضاءة خشية الإطفاء الطويل للكهرباء أثناء المراجعة والامتحانات, وعلمنا أن دليل المعلم للثالث الابتدائي فيه أخطاء وبعض المعلمات انتبهن لها, لكن نخشى من البقية ان يضعوا الأسئلة والأجوبة بالأخطاء نفسها.
المنهج فوق استيعاب المعلم!
تقول مديرة مدرسة الهدى الابتدائية الست زهراء عبد الأمير اسحق: كان المعلم يعطي المادة بسلاسة ويسر, لكن تغيير المناهج أثر على مستواه فأصبح صعباً عليه هضم المادة, فكيف بالتلاميذ؟ ومن المهم أن يكون التربوي ملمّاً بمادة اختصاصه إذ نلمس حاجة للعودة الى المناهج السابقة ولعدم وجود وقت كاف للتربوي ليفهم المنهج الجديد.
رأي الإشراف التربوي
يشدد الأستاذ كاظم زبون، المشرف الإداري في تربية الرصافة الثانية، على ثقة الدارسين بأنفسهم لتجاوز امتحانات الصفوف المنتهية وغير المنتهية وإبعاد الهاجس النفسي نهاية العام الدراسي.
وقال زبون لـ(الشبكة): الامتحان النهائي لا يفرق كثيراً عن بقية الامتحانات لكنه شامل لمواد المنهج ما يزيد احتمالات الإجابات الصحيحة في الامتحانات لشمول الأسئلة جميع فصول المادة, وندعو إدارات المدارس الى عدم إشعار تلاميذهم برهبة الامتحانات, وتهيئة أجواء الاطمئنان لهم ولذويهم, وزرع الابتسامة على وجوه مراقبي الامتحان ما يريح أعصاب الممتحنين أثناء حل الأسئلة ويجعلهم في وضع نفسي مستقر.
وأضاف: نحن لا ننكر وجود مناهج صعبة لكنها مقررة من الوزارة, فعلى التربويين بذل جهودهم بحصص دراسية مفهومة قبل الامتحان, وعلى الدارسين الاستعداد الجيد بالتحضير اليومي أولاً, وبالمراجعة قبل الامتحان ثانياً, فالتربية تحرص دائماً على أسئلة واضحة ومفهومة وشاملة للمنهج وهدفها بيان مدى استيعاب المواد والاستفادة منها.