البريطانيون.. يحوّلون القوارب إلى مساكن

610

رؤيا الغالب/

نمط جديد للحياة هو العيش في قارب صغير على شواطئ المملكة المتحدة ،إنه الحل للهروب من ارتفاع الإيجارات وكلفة بناء العقارات، كما أنه أقل تكلفة من العيش في شقة او منزل كبير، ناهيك عن المتعة التي يوفرها، فالأشجار الخضراء الممتدة على جانبيك وجمال الطبيعة وزخات المطر وتقلبات الجو فضلاً عن الضباب الذي يأخذك الى عالم آخر بعيداً عن زحمة المدن وتغيير الرؤية باستمرار من خلال النظر عبر النوافذ متى مارغبت بالتغيير،
كما أنه يجمعك بزوار خفيفي الظل بل رائعين مثل الطيور التي تدق بمناقيرها خشب القارب هرباً من المطر باحثة عن الدفء والطعام .

الحاجة وراء الاكتشاف

في ظل اكتشاف نمط جديد للحياة وهروباً من ارتفاع أسعار إيجارات المنازل وصعوبة إيجاد السكن ازداد عدد المتقدمين للحصول على تراخيص للسماح لهم بالعيش في القوارب لأنه أقل تكلفة من العيش في بيت أو شقة صغيرة كما أن سعر القارب أرخص بكثير من أسعار العقارات التي ازدادت في الفترة الأخيرة في ظل الهجرة المتواصلة من الدول الأوروبية ليصل العدد الى 1615 شخصاً يعيشون في منازل عائمة في لندن حسب الإحصاءات الرسمية بعد أن كان العدد لايتعدى 413 في عام 2010. ووصل عدد القوارب عام 2015 الى 3255 قارباً صغيراً، في حين ازداد عدد الناس الذين يرغبون في العيش في القوارب الى 50% .

قوارب ذات مواصفات

وتتراوح أسعار القوارب المرخصة للعيش في الأنهر بين عشرين وخمسين ألف دولار، ويوجد مصنعان في العاصمة البريطانية لندن للقوارب ذات المواصفات الحديثة للعيش والتي تعمل بالطاقة الشمسية إضافة الى الموبايل والإنترنت. ويزود القارب بغسالة للملابس وأخرى للصحون فضلاً عن التواليت الذي صمم خصيصاً للقوارب. ويحتوي القارب على غرفة نوم واحدة وأخرى للضيوف وحمام ومطبخ. وتختلف التصاميم من قارب الى آخر في الحجم والشكل، ويزود القارب بالماء والبترول او الذي يعمل بالبطارية المشحونة التي تزود القارب بالطاقة. وفي إطار حياة عصرية جديدة للعيش برفاهية داخل قارب صغير في القنوات المائية الإنكليزية التي تمتد لأكثر من 100 ميل من المياه عدا نهر التايمز، وتستطيع ان تحصل على قرض لشراء قارب للعيش بأقل تكلفة مقارنة بتكاليف الحياة الباهظة في بريطانيا .

سكان القوارب

معظم سكان القوارب هم من الذين فشلوا في زيجاتهم أو من المهاجرين الأوروبيين الذين ازداد عددهم بشكل كبير في العشر سنوات الأخيرة فضلاً عن المحاربين القدامى او من العشاق الذين يفضلون العزلة عن العالم. وتوجد تجمعات للقوارب في أماكن متفرقة في لندن مما جعلها تبدو كمناطق خاصة للسكن كما أن أصحاب القوارب يعرف بعضهم البعض

الأخر وعادة ماتجد قوارب للعيش في إعلانات الإنترنت بأسعار مقبولة وأحجام مختلفة. وتستطيع ان تعيش التجربة من خلال تأجير قارب لشهر أو أسبوع وبسعر معقول .

دفء القوارب

ويقول مانوئيل، وهو مهاجر من ايطاليا، “إن أول قارب امتلكته كان عام 2012 عندما قررت وصديقتي أن نعيش في قارب صغير وجميل بحثاً عن حياة مختلفة ومثيرة وقليلة التكاليف، فقد كنا نعيش على مقربة من نهر التايمز”، مضيفاً “أن شراء قارب بـ 16000 جنيه استرليني وبسرعة 4 كيلو مترات بالساعة أقل كلفة من استئجار شقة صغيرة في لندن، فالقارب يكلفنا 20 جنيهاً استرلينياً للوقود و 60 للبلدية ونحن لاندفع بدلاً للإيجار، وهذا يوفر لنا الكثير. مؤكداً أن القنوات المائية في لندن ليست مزدحمة مقارنة بالشوارع المزدحمة بالمركبات فضلاً عن أن سكان القوارب يعرفون بعضهم البعض وهنالك ستكون بأمان بين أناس يعرفونك وتعرفهم. ويقول “لقد عرفنا الدفء داخل القارب واستمتعنا بالتدخين فوق سطح القارب وقراءة الكتب وادخار بعض النقود “.

هارب من ارتفاع الإيجار

ويقول إيوان، وهو أحد المهاجرين من إفريقيا، إن شراء منزل في بريطانيا شبه مستحيل في هذه الظروف لصعوبة الحصول على عمل براتب جيد وارتفاع إيجارات الشقق، لذا قررت أن أشتري قارباً للعيش في النهر بـ 30000 جنيه استرليني وهذا يوفر علي دفع إيجار غرفة واحدة في لندن بـ 800 باون شهرياً وانا الآن أعيش في قاربي الصغير دون عناء دفع إيجار نهاية الشهر.

ماذا عن البصرة ؟

ويقترح أسامة حميد، مغترب من العراق، أن تنقل مثل هذه التجربة الى العراق ويقول أن العراق يمتلك نهري دجلة والفرات ومن تزاوجهما يولد شط العرب الذي يبلغ طوله 190 كيلو متراً وعرض 2 كيلو متر وهومن أعمق المسطحات المائية في العراق حيث تستطيع السفن الكبيرة الإبحار من خلاله الى داخل العراق وتحيطه أشجار النخيل في مناظر خلابه وطبيعة ساحرة فضلا عن تفرع الكثير من الأهوار التي تشق المدن البصرية، ولايزال السياب يقف هنالك يحيي الزائرين صباحاً ومساءً ويعيدهم الى أعوام ربما كانت أجمل بكثيرمن السنوات المتتالية.
ويبلغ عدد السكان في البصرة نحو 1.5 مليون حسب احصاء عام 2014، وتعتبر العاصمة الاقتصادية للعراق ولكن معظم سكانها يعيشون الفقر او نصفهم يعيش على الراتب الحكومي الذي لايسد سوى لقمة العيش، وهنالك طبقات فقيرة لاتستطيع دفع بدل الإيجار او أنهم يعيشون في بيوت غير مرخصة ومبنية من الصفيح تحيط بها النفايات وهم لا يتمكنون من شراء بيت او قطعة ارض وقد يكون شراء قارب للعيش افضل بكثير من العيش في الشوارع .

ويقف العالم الغربي في دهشة عندما يرى أكبر المدن الاقتصادية في العراق يعاني سكانها من الفقر والتشرد، فمنهم من يتسول في الشوارع ومنهم من يجمع القمامة، وكثير من أبنائهم يبيعون الأكياس البلاستيكية لمساعدة عوائلهم ولسد لقمة العيش وهم يعيشون في العراء لأنهم لايملكون دفع الإيجار، وقد تكون فكرة العيش في القوارب حماية من التشرد ولحياة أفضل.