البطاقة المدرسية كنـــــز لا يقدّر بثمن..لكن!
بغداد / علي غني
تربيون يشكون من فقدان (البطاقة المدرسية) لقيمتها التربوية، وهي البطاقة التي تدون مسيرة الطالب منذ دخوله الابتدائية حتى تخرجه في السادس الإعدادي. فمنذ بداية إقرارها وإلى اليوم تعامل كورقة رسمية في القبول والانتقال من مدرسة إلى أخرى، دون حتى قراءة سيرة الطالب أو التلميذ الذاتية المدونة داخلها.
لكن الكارثة الكبرى تحل عندما تفقد هذه البطاقة، فحينها نجد أنواع التوبيخ التي يتعرض لها الطالب أو ولي أمره. والأدهى من ذلك هو أن بعض إدارات المدارس تتعامل معها على أنها ورقة جامدة وفارغة المحتوى، على الرغم من أن بعض المعلومات المدونة في داخلها يمكن أن تكون مدخلاً ناجحاً لقراءة سلوك التلميذ، ومفتاحاً لحل مشكلاته التربوية والنفسية. فما الحل ونحن نبحث في إلغاء أو إعادة النظر في هذه الورقة التي تحوي كنزاً لا يقدر بثمن؟
مستمسك روتيني!
المُدرس خليل إبراهيم من متوسطة (الطف المسائية) أبدى امتعاضه بسبب تعامل معظم إدارات المدارس مع هذه البطاقة، التي تعدها كأي مستمسك من المستمسكات الروتينية، دون النظر إلى المعلومات المهمة المدونة في داخلها.
وقال (خليل): “علينا أن نفعّل العمل بها ونعطيها الأولوية في معرفة السلوك الحقيقي للطالب أو التلميذ، لأننا في المدارس المسائية نواجه أنواعاً من الطلبة مغايرة تماما لطلبة المدارس الصباحية، ونلاقي صعوبات عديدة في التعامل معهم بسبب عدم إدراج معلومات حقيقية عنهم في البطاقة المدرسية.”
أمراض خطيرة
فيما يرى المُدرس إحسان عبد المنعم، مدير مدرسة (موسى بن نصير) أن “المعلم المثالي هو الذي يطلع – من خلال هذه البطاقة – على معلومات التلميذ ليقرر معالجة وضعه الدراسي، التي تمكنه من رسم صورة حقيقية عن حياة طلابه الأسرية، ومنها حالاتهم المرضية.” مضيفاً: “أحياناً يلجأ بعض المدرسين أو المعلمين إلى ضرب ومعاقبة التلميذ لجهلهم التام بحالته الصحية، وهنا ينبغي تجنب ضرب التلاميذ الذين يعانون -ربما- من أمراض خطيرة. مع العلم أن توجيهات المديرية العامة للتربية والوزارة تمنع استخدام العنف مع الطلبة أو التلاميذ.”
تحليل السلوك
من جانبها، بينت المرشدة التربوية مريم محمد قاسم، في المدرسة ذاتها أنه “على الرغم من الإيجابيات الكثيرة المتوفرة في البطاقة المدرسية، كونها تمثل السيرة الذاتية والدراسية للتلميذ، وتضم درجاته من الصف الأول الابتدائي إلى السادس الإعدادي، مع أسماء المعلمين ومرشدي الصف، وهي كلها دلائل يمكن الاعتماد عليها في تحليل السلوك ومعرفة الحالة الاجتماعية للطالب، لكننا -مع الأسف- نرى عدم تعاون أولياء الأمور في ملء البطاقة المدرسية، فضلاً عن عدم الدقة في نقل المعلومات من قبل بعض المعلمين، إلا بعد تدقيق المرشد التربوي. كما يجب الإشارة إلى أن العديد من المدارس في المرحلة المتوسطة تهمل دور هذه البطاقة، على الرغم من أهميتها في معرفة سلوك التلاميذ ومشكلاتهم وتصرفاتهم.”
معلومات حقيقية
وتشخص معاونة مدرسة (ذو الفقار المختلطة)، أميرة صالح مهدي، وجود مبالغات عديدة في معلومات البطاقة المدرسية، ولاسيما فيما يتعلق بالطول والوزن والهوايات والميول، فالمفروض أن تدون فيها هوايات وميول التلميذ الحقيقية، لا التي يحددها المعلم أو المرشد التربوي.
وتابعت الست أميرة صالح: “من أهم الأمور التي نود أن تتحقق هي اعتماد المعلومات التي تحويها البطاقة، من قبل الجامعات التي يقبل الطالب فيها، وعدم إهمالها وتوقفها عند المرحلة الإعدادية، وأتمنى أن يسن قانون يجبر ولي الأمر على الإبلاغ عن كل ما يستجد من البيانات بشأن سلوك التلميذ في البيت، كما يمكننا أن نشجع المرشدين التربويين على متابعة التلاميذ والطلبة في مناطقهم، وأن تصرف لهم مخصصات إضافية في متابعتهم سلوك التلاميذ خارج المدرسة.”
وثيقة رسمية
المرشدة التربية نور محمود، من مدرسة (ابن الفقيه المختلطة)، وصفت البطاقة المدرسية بأنها وثيقة رسمية يجب أن ترافق الطالب حتى تخرجه في الكلية، إذ إنها تتضمن معلومات تخص التلميذ وعائلته، وهي مهمه جداً في عملنا كمرشدين تربويين لأخذ المعلومات التي تخص للتلميذ، التي تقوم مرشدة الصف بتدوينها وتحديثها كل سنه دراسية جديدة.” موضحةً أن هذه البطاقة صممت قبل عشرات السنين، لذا فإنها باتت تفتقر إلى المعلومات الحديثة، التي نعيشها الآن في عصر الإلكترونيات والعولمة وإدمان الشاشات، والمشكلات والأمراض الاجتماعية التي نتجت عنها، ومنها التوحد وعدم الانتباه أو التركيز، كما أنها تفتقر إلى المعلومات عن الحالات النفسية التي قد يعاني منها التلميذ، خاصة الأمراض الحديثة.”
تشكيل لجان
وزارة التربية، على لسان الست منى محمد، مديرة قسم الإرشاد التربوي، في تصريح صحفي لها عن تطوير وتفعيل العمل بالبطاقة المدرسية، كشفت عن “تشكيل لجان برئاسة المدير العام للتربية وعضوية مدير الإشراف، وأساتذة متخصصين من المديرية العامة للتربية، للقيام بزيارات ميدانية للمدارس وأخذ عينات عشوائية للتأكد من ملء معلومات البطاقة بشكل دقيق.”
وتابعت: “الذي حدث أن تزايد أعداد الطلبة قد لا يسمح لمرشد الصف أحياناً بتدوين هذه المعلومات بدقة، لكننا نراجع البيانات المدونة فيها ونسعى لإضافة المستجدات الجديدة.”