التربية مدعوة لحسم هذا الموضوع مبكراً “الدور الثالث” إجراء ارتجالي يخرق القانون

420

علي غني

بين من يعد امتحانات الدور الثالث فرصة للطالب كي يتاح له تحسين درجته او تحقيق النجاح، وبين من يراه عملاً ارتجالياً يخل بتطبيق الأنظمة والتعليمات التي تنظم العمل التربوي، التي شرعت بعد مناقشات ودراسات وبحوث كثيرة ومستفيضة، فهو يجعل الطالب متراخياً ينتظر دوماً فرصة أخرى تهبها له الوزارة، ولهذا يطالب أولياء أمور الطلبة والمعنيون -على السواء- من الوزارة بحسم كلمتها في موضوع الدور الثالث، حتى لا تعيش العوائل وأبناؤها على هذا الامل، والأهم أن الدور الثالث هو خرق سافر للقوانين العراقية وعمل ارتجالي غير مدروس كانت نتائجه سلبية على التعليم.
فرصة للنجاح
تقول المدرسة نجوى الظفيري من (مدرسة الإمام الباقر) في النجف الأشرف، اختصاص رياضيات: “إن الدور الثالث فرصة لطلبة المراحل المنتهية للنجاح والعبور الى الضفة الأخرى بدلاً من اعادة سنة كاملة بحرها وبردها.”
وتعتقد الظفيري أن امتحانات الدور الثالث تراعي أصحاب الظروف الصحية، وتلائم أصحاب الذكاء المحدود، وهي من المطالبين بشدة باستحداث الدور الثالث، لكن بشروط أبرزها تحديد موعد ثابت له، وهذا يتطلب من الوزارة تغيير أنظمة الامتحانات، وتتساءل: هل تستطيع وزارة التربية اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية؟
ظاهرة الطالب (المتراخي)
يذهب الى الرأي ذاته مدير (مدرسة قمر بني هاشم) حيدر كاظم في تربية الكرخ الثانية، فيعتقد أن الدور الثالث يمكن أن يمنح الطالب فرصاً أخرى للنجاح، لكنه في الوقت ذاته يقودنا الى ظاهرة اسمها (الطالب المتراخي)، الذي يمارس لعبة تأجيل الأدوار، وهذا سيقلل من قيمة الامتحانات التي هي مقياس الشهادة العراقية التي كانت محط إعجاب العالم سابقاً، الى جانب إشغال الإدارات المدرسية بأعباء إضافية منها إفراغ المدرسة وتعطيل سير الدوام لانشغال المدرسين بالمراقبات الامتحانية.
إلغاء الدور الثالث
فيما دعت مديرة (ثانوية اليرموك للبنات) خديجة علي من تربية الكرخ الأولى الى العودة لتطبيق الأنظمة والتعليمات التي تنظم العمل التربوي بشكل عام، والامتحانات بشكل خاص، لأنها تعتمد على رصانة علمية، وشرعت بعد مناقشات ودراسات وبحوث كثيرة ومستفيضة، ولم تكن آراء ارتجالية.
عليه نطالب الوزارة بالعودة الى العمل بإجراء دورين فقط، وإلغاء الدور الثالث كونه يستهلك الجهد والوقت معاً، كما أنه لا يحقق الرصانة العلمية في التعليم، ويخلق لدى الطلبة المزيد من الاتكالية. وتابعت: إن الكثير من الطلبة للعام الدراسي ٢٠٢٠-٢٠٢١ ألحق بهم الضرر بسبب عدم وجود دور ثالث لطلبة المرحلة الإعدادية، وكان الكثير منهم يتأمل الدور الثالث، والكثير حاصل على معدلات تجاوزت الـ٩٠ وعملوا على تأجيل بعض الدروس (درس او درسين) على أمل أداء ذلك في الدور الثالث، فحدثت لهم صدمة لا مبرر لها، لذلك نفضل عدم تكرار التجربة في الأعوام المقبلة، وهي قطعاً مخالفة لنظام المدارس الثانوية رقم ٢ للعام ١٩٧٧ المعدل .
حديث صريح
يقول المشرف الإداري فيصل مدلول إن الفرق بين طالب السبعينيات والثمانينيات هو أن الأول كان يخجل من أداء الامتحانات في الدور الثاني، وعندما تظهر نتيجته مكملاً وأن عليه الاشتراك في الدور الثاني يعد في حينها شيئاً غير مقبول من العائلات والأصدقاء والأقرباء، لأن ذلك دليل على تدني مستوى الطالب، وتشعر العائلة حينها بالضيق والأسف لو أن أحداً من أبنائها قد تخلف عن النجاح في الدور الأول، وكأن هذا الطالب اقترف ذنباً لا غفران له .
توقيتات خاصة
واذا ما ناقشنا الموضوع من الناحية القانونية التنظيمية، وحسب نظام المدارس الابتدائية ذي الرقم (٣٠) للعام ١٩٧٨ ونظام المدارس الثانوية رقم (٢) للعام ١٩٧٧ المعدل ( والكلام لفيصل)، فإننا سنجد أن المشرع لهذين القانونين حدد بشكل واضح التوقيتات الخاصة بالدورين (الأول والثاني) ولا يوجد شيء اسمه الدور الثالث نهائياً، ولكي لا تدخل اللجنة الدائمة في مخالفة لذلك القانون وضعوا تسميه للدور الثالث بالدور الثاني التكميلي، وفي كل سياقات القوانين لا يوجد دور تكميلي، لا في العراق، ولا في دول الجوار (وأقولها وأنا مسؤول عن كلامي)، وهو يواصل حديثه معي، هو تشجيع على التكاسل المفرط والاسترخاء لدى الطلبة، فالكثير منهم للأسف الشديد، ولاسيما في المرحلة الإعدادية أصبح يؤدي الامتحانات على دفعات، ويقسم الدروس التي يريد الامتحان او الاختبار بها بين الأدوار الثلاثة التي شرعت وأصبحت شيئاً رسمياً ما دفع الطلبة للعام ٢٠٢١/٢٠٢٠ الى تأجيل بعض الدروس الى الدور الثالث بالرغم من أن قسماً منهم كان معدله العام باستثناء الدروس التي قام بتأجيلها يتجاوز (٩٣ الى ٩٥)، وللأسف الشديد تعرض الى انتكاسة بسبب عدم إقرار الدور الثالث (الثاني التكميلي) وضاعت عليه السنة بما فيها من تعب وانتظار.
كارثة كبرى
من جهته، يقول مدرس الكيمياء إبراهيم إسماعيل أحمد من (إعدادية القاضي محمد للبنين) في كركوك: مع الأسف أن وزارة التربية خلقت جيلاً يعتمد على الدور الثالث منذ عام ٢٠١٤، واذا أردت الحقيقة، والكلام (لإبراهيم)،فإنه مخالف للقانون، فضلاً عن أننا أصبح لدينا طالب متقاعس لا يشعر بالمسؤولية، وذهب بعيدا: إن الدور الثالث حطم مسيرة التعليم في العراق، فليس من المعقول أن يتساوى الطلبة الناجحون في الدور الأول مع أقرانهم في الدور الثالث، تلك (كارثة) كبرى!
عدم المجاملة
نعود للاختصاصي الإداري فيصل مدلول، الذي فضل العودة الى تطبيق الأنظمة والتعليمات المعمول بها سابقاً بما يخص تنظيم الامتحانات، وأن تكون دروس الإكمال للطالب، في كافة المراحل، (درسين فقط)، وليست ثلاثة، كما هو في المرحلة المتوسطة والإعادة في كل الدروس في المرحلة الإعدادية، وكما معمول به في الوقت الحالي .
الى جانب الالتزام بآليه الاشتراك في الامتحانات العامة، التي هي ضمن القانون ووفقاً لنظام الامتحانات العامة رقم (١٨) للعام ١٩٨٧ والمادة (١٥) والمادة (١٦) منه.
ولا يغيب عنا جميعاً أن عملية التعليم والتعلم، إذا ما أريد لها أن ترتقي، فيجب عدم المجاملة بالأنظمة والقوانين على حساب جودة التعليم، لأن ذلك سيخلق أجيالاً لا تحمل الكثير من مقومات الرصانة العلمية، ولاسيما أن مجال التربية والتعليم، سواء في المراحل الابتدائية أم الثانوية او حتى الجامعات، يستهلك موارد مادية ضخمة ويستلزم توفر الكثير من الجهد والعطاء، سواء أكان من الدولة ام المجتمع متمثلاً بالعائلات العراقية الكريمة، فلا نجد ضرورة تستدعي العمل بالاختراع الجديد ما بعد (٢٠٠٣): الدور الثالث، الذي يقدم بشكل مناورة اسمها (الدور الثاني التكميلي).
ما قرار الوزارة؟
ينتظر الطلبة وأولياء أمورهم في العراق -بفارغ الصبر- إقرار الدور الثالث، او الإلغاء التام له، لأن انتظار(المكرمات) من رئاسة الوزراء او الوزارة يجعل الطلاب وعائلاتهم يعيشون حالة قلق دائم (والكلام لأولياء الامور)، لذلك نريد قراراً حاسماً مثلما فعلت الوزارة مع التطبيقي والإحيائي، فألغتهما، وقررت العودة الى العلمي والأدبي.. نحن ننتظر.