الثور المجنح (لاماسو) يطير من سارقيه مرتين!
خالد إبراهيم – أربيل/
عثرت البعثة العراقية الفرنسية المشتركة للتنقيب على جسد الثور المجنح (لاماسو)، في موقع (خورسيباد) الأثري في محافظة نينوى، هذا الموقع الأثري بحسب المدونات التاريخية كان عاصمة الملك الآشوري سرجون الثاني. وذكرت البعثة أن التمثال المكتشف يبلغ طوله ثلاثة أمتار ويزن عشرة أطنان.د
وهو مصنوع من الحجر الجيري الأبيض، صنع بأمر من الملك الآشوري سرجون الثاني (721 – 705 ق.م) في مملكة آشور، التي هجرها سنحاريب بن سرجون الثاني، الذي نقل العاصمة إلى مدينة نينوى. وكان التمثال يرمز إلى القوة والحكمة والشجاعة والسمو. وقد اشتهرت الحضارة الآشورية بالثيران المجنحة، ولاسيما مملكة آشور وقصور ملوكها في مدينتي نينوى وآشور في شمال بلاد ما بين النهرين. للحديث عن الموقع الأثري والثور المجنح المستظهر التقينا السيد (خيرالدين أحمد ناصر) مدير مفتشية آثار نينوى، الذي تحدث لـ “مجلة الشبكة” قائلاً:-
إن “استظهار الثور المجنح الواقع في البوابة رقم ستة ضمن الضلع الغربي لسور مدينة خورسيباد الأثرية، كان من قبل البعثة العراقية الفرنسية المشتركة العاملة بالتنقيبات في هذا الموقع الأثري، وذلك للتأكد من وجوده وحالته الآنية، إذ كان اكتشافه منذ تسعينيات القرن الماضي على يد بعثة تنقيبية عراقية، لكن جرت بعدها سرقة رأس هذا الثور من قبل عصابة قامت بقطعه وسرقته ومحاولة تهريبه، لكن السلطات في حينها ألقت القبض على هذه العصابة، وأعادت الرأس إلى المتحف العراقي في بغداد، كذلك قامت بردم ما تبقى من جسد هذا الثور حفاظاً عليه. ومؤخراً ارتأت البعثة المشتركة الكشف عنه لمعرفة ما إذا كان قد تعرض إلى أضرار نتيجة الأحداث التي مرت على محافظة نينوى، ولله الحمد كان التمثال بحالة جيدة، وجرت تغطيته حالياً، ونحن بصدد التعامل مع الهيئة العامة للآثار والتراث لغرض نقله إلى المتحف الحضاري في الموصل، أو إبقائه في مكانه.”
التنقيب الآثاري
تعمل الجهات المعنية العاملة في المجال الآثاري والتاريخي على بذل كل ما في وسعها للحفاظ والتنقيب عن المواقع الآثارية، عن هذا الجانب أضاف خير الدين قائلاً:-
“في الحقيقة منذ الوهلة الأولى لتحرير محافظة نينوى عام 2017، دأبت المفتشية، وبتوجيه من وزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثار والتراث على توثيق كافة الأضرار والدمار الذي تعرضت له المواقع الأثرية في المحافظة بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي الذي سرق ودمر العديد من الآثار، إذ وصلت نسب الدمار إلى ثمانين بالمئة من المواقع الأثرية. نقوم حالياً، بالتنسيق مع البعثات الأجنبية والجامعات العالمية الرصينة كافة، بعد الحصول على تمويل من محافظة نينوى ووزارة الثقافة والسياحة والآثار، برعاية الدكتور أحمد فكاك البدراني، نقوم بكشف العديد من المواقع الأثرية والتراثية لغرض التنقيب والصيانة وإعادة ما يمكن إعادته من آثار شاخصة في المحافظة، لغرض جعلها قبلة للسياح من أنحاء العالم كافة، إذ نعمل حالياً مع (جامعة بنسلفانيا) الأمريكية في موقع نمرود الأثري، ومع منظمة أمريكية أيضاً في نفس الموقع، كذلك العمل مع (جامعة هايدلبرغ) الألمانية في التنقيبات غرب مدينة نينوى الأثرية، وكذلك مع (جامعة بولونا) الإيطالية التي تعمل في منطقة شرق نينوى الأثرية، كذلك البعثة الفرنسية العاملة في موقع خورسيباد، وحالياً لدينا أيضاً بعثة كندية تعمل في بوابة (شنش) ضمن مدينة نينوى الأثرية، إضافة إلى المنظمات العاملة في الموصل القديمة مثل منظمة اليونسكو، كذلك لدينا أعمال مشتركة مع منظمة إيطالية في موقع الحضر.”
السياحة الآثارية
يرى العاملون في مجال الآثار والتراث والتنقيبات أن مثل هذه المكتشفات سوف تسهم في تنشيط السياحة الآثارية. في هذا الصدد يضيف مدير مفتشية آثار نينوى قائلاً:-
“مثل هذه الاكتشافات التي تعد شواخص آثارية وتاريخية مهمة، تعود بالفائدة على العراق بشكل عام، ومحافظة نينوى بشكل خاص، إذ إنها تمثل إرثاً حضارياً للبشرية جمعاء، وليس للعراق حصراً، وكذلك هي مدعاة إلى جذب السياح من أنحاء العالم الغربية أو العربية كافة. في الحقيقة نحن على تواصل بشكل مباشر مع الهيئة العامة للآثار والتراث ومع وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني، الذي يقوم بنفسه بتذليل أية مصاعب تواجه عمل المفتشية، كما أن لدينا علاقات متميزة مع الأجهزة الأمنية في المحافظة، كذلك مع الدوائر الخدمية، ما يسهل الإجراءات كافة في حال وجود أي تنقيب في أي موقع، أو عند إجراء عمليات صيانة في تلك المواقع.”