الجامعات العراقية ترتقي في التصنيفات العالمية

29

بغداد / علي غني/
شيء مفرح أن تتقدم الجامعات العراقية الرسمية والأهلية في التصنيفات العالمية، لكن الغريب في الأمر هو أن تصنيفاً واحداً بقي عصياً على جامعاتنا، على الرغم من التقدم البطيء، وهو تصنيف شنغهاي، إذ إن أكثر من (51) جامعة حكومية وأهلية ينتظرها أن تتجاوز عقدة (شنغهاي)، فماذا قالت وزارة التعليم العالي عنه؟ وأين هي البحوث التي نشرها أساتذة الكليات في مستوعبات (سكوباس)؟ وماذا عن التصنيفات العالمية الأخرى التي يحقق العراق فيها انتصارات علمية؟
لماذا شنغهاي؟
كنا نسمع بين فترة وأخرى عن تقدم الجامعات العراقية في تصنيفات عالمية، مثل تصنيف كيو إس (Qs)، وترتيب (ويبوميتركس) وغيرهما، فنزداد فخراً، لكن تصنيف (شنغهاي) أعادنا الى المربع (الأول)، فهل كنا في غفلة علمية؟ أم أن شنغهاي لا يجامل، واحترت من أين ابدأ؟ ولمن أوجه السؤال الاول؟ فعندما اتصلت بالأخ الدكتور (حيدر العبودي) هاتفياً وأخبرته عن موضوعي، فإن الرجل وعدني وصدق بوعده، اذ أجابني: “الجامعات العراقية تشهد تصاعداً في مؤشر التنافس العالمي في التصنيفات، فقد جاء العراق في المرتبة 37 عالمياً، بعد أن حققت 13 جامعة مواقع تنافسية في تصنيف (The Times)، فيما سجلت الجامعات والكليات العراقية تنافسها المتصاعد في التصنيفات العالمية الأخرى التي منها تصنيف شنغهاي للموضوعات (Global Ranking of Academic Subjects) للعام 2023، الذي ظهرت فيه جامعة بغداد ضمن تخصص (Dentistry & Oral Sciences) وتصنيف (QS) الذي توجد فيه أربع جامعات، وتصنيف (Scimago) الذي توجد فيه سبع وأربعون مؤسسة، وتصنيف (Greenmetric) الذي زاد فيه عدد المؤسسات التعليمية العراقية إلى أربع وسبعين جامعة وكلية، وتصنيف (RUR) الذي توجد فيه خمس وأربعون جامعة عراقية، يضاف إليها تصنيف (Webometrics) الذي سجل حضور وتنافس أكثر من مئة جامعة وكلية عراقية.”
وتابع العبودي: “وعلى صعيد تصنيف شنغهاي، فإن جامعة بغداد قد حققت موقعاً مهماً في هذا التصنيف العالمي للموضوعات (Global Ranking of Academic Subjects)، إذ أظهرت نتائجه حصول جامعة بغداد على مركز تنافسي بين (201-300) ضمن تخصص (Dentistry & Oral Sciences)، وهو مركز رائد سجلته مع نظيراتها في تصنيف شنغهاي الذي قدم تقييماً أكاديمياً لألف وتسعمئة جامعة من مئة وأربع دول حول العالم.”
الطلبة الأجانب
لكن الأستاذ الدكتور موسى الموسوي (رئيس جامعة بغداد سابقاً)، الذي تربطني وإياه علاقات صداقة قديمة قبل تسنمه المنصب، لم يقصر، إذ عبر عن رأيه بوضوح قائلاً: “يعتمد دخول الجامعات التصنيفات العالمية على عوامل عدة، منها وأهمها نوع وكمية البحث العلمي للجامعة، وعدد الطلبة الأجانب الذين يدرسون فيها واستقطابهم، ونوع وعدد الجوائز والتكريمات الحاصلة عليها الجامعة، فضلاً عن مساهمة الجامعة في حل مشكلات المجتمع، الى جانب حصولها على براءات الاختراع والاكتشافات، وكذلك استقلالية الجامعات، وموقع الجامعة الإلكتروني، مع تطور المختبرات والأجهزة الحديثة، الى جانب المناهج الحديثة التي تدرس في الجامعة، وغيرها من العوامل الأخرى.”
وتابع (الموسوي): “يوجد العديد من التصانيف العالمية التي تتفاوت في اعتمادها على العوامل ومقدار الوزن الذي تعطيه لكل محور، لكن الأسباب الرئيسة لعدم حصول العراق على أي موقع في تصنيف شنغهاي، ترجع الى صعوبة دخول الجامعات العراقية في التصانيف العالمية، وذلك لعدم توفر واحد أو أكثر من العوامل التي ذكرت أعلاه، إذ لا تتمتع الجامعات باستقلال حقيقي، ولا يوجد لديها طلبة أجانب، فضلاً عن عدم حصولها على جوائز عالمية رصينة. ولكي نعالج هذا الموضوع الخطير (والكلام للبروفسور الموسوي)، ولغرض فسح المجال أمام الجامعات العراقية للحصول على تصانيف عالمية، وأن تتصدر تسلسلاتها، فلابد من إيجاد تشريعات وتسهيلات تمكن الجامعات من تحقيق أمنياتها.”
مكانة العراق
فيما يقول الأكاديمي والباحث الدكتور (أسامة الجعفري) إن “الإخلال بجودة التعليم في أي بلد يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، والتعليم حق من حقوقه وفق المواثيق الدولية، وهذا الحق لا يقتصر على مجرد توفير فرص التعليم، وإنما يشمل حق الإنسان في تعليم يمتاز بالجودة والرصانة.”
واقترح الجعفري تشكيل غرفة طوارئ من وزارة التربية ووزارة التعليم لتشخيص الأسباب ومعالجة الآثار وإعادة جامعات العراق الى مكانها الطبيعي في جميع التقييمات العلمية، لأنها أساس التقدم والرقي الأكاديمي، ولاسيما أننا أصحاب حضارة راقية لها الفضل الكبير على الإنسانية جمعاء، ولدينا جامعات رصينة.”
إعادة نظر..
من خلال استطلاعي الذي أجريته مع بعض الأساتذة الجامعيين، وجدت أن من الضروري إعادة النظر في ضوابط النشر التي تؤدي الى الترقية، سواء الماجستير أم الدكتوراه، لأن غالبيتهم يشتكون من ارتفاع الأسعار التي تطلبها المجلات الأجنبية مقابل النشر فيها، واقترح بعض المهتمين تفعيل المجلات العلمية التي تصدر في العراق، لكي نختصر الوقت والأموال، وهذا يؤدي إلى زيادة وتنوع البحوث العلمية التي تساعد العراق في إثبات جدارته العلمية، وازدهار البحث العلمي.