الحرم الجامعي ليس منصة لعرض الأزياء دعوة إلى الزي الموحد

217

بغداد – هند الصفار
تصوير : علي الغرباوي/
آيات.. طالبة جامعية في المرحلة الثالثة قررت ترك الدوام هذا العام بسبب عدم قدرتها على شراء الملابس. تقول آيات :”إن أمي هي التي ترعانا، وليست لدينا إمكانية لشراء ملابس، وليست لدي سوى ثلاث قطع كنت ارتديها في العام الماضي”. تضيف آيات أن “الجامعة تحتاج إلى مصاريف كثيرة، والمظهر مهم إلى حد ما فيها، وأنا لا أمتلك هذه الإمكانية.”
تشاطر (سرى) آيات الرأي فتقول: “الكلية تحتاج إلى ملابس ومصاريف ما بين استنساخ أو شراء بعض الوجبات البسيطة التي تسد الجوع بسبب طول الوقت الذي نقضيه فيها.” واسترسلت: “أنا أيضاً أفكر بتأجيل السنة الدراسية لكي أستطيع جمع مبلغ أستطيع به توفير مستلزمات الدوام.”
إما التأجيل أو ترك الدوام
وبين تأجيل وترك الدوام، تقف (هيام) محتارة، فهي بحاجة إلى المال لتوفير ما تحتاجه للدوام في الجامعة، وقد قامت بالإعلان عبر مجموعات نسائية على الفيسبوك لشراء ملابس مستعملة بسعر مناسب أو الحصول على ملابس فائضة عن الحاجة تود صاحبتها التبرع بها.
ولا يقتصر الأمر على المستعمل من الملابس، بل إن عدداً من الفتيات قمن بالبحث عن صفحات تبيع ملابس نسائية (بالة)، أو تصفية مولات وبسعر مناسب، لأنهن لا يمتلكن المبالغ الكافية لتجهيز أنفسهن للدوام الجامعي.. حسب قولهن. وهذه الإعلانات ازدادت مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي في الجامعات العراقية.
بينما تصف (سكينة)، طالبة جامعة مسائي، الفتيات اللاتي يولين اهتماماً مبالغاً فيه بالملابس داخل الجامعة، بأنهن لا يمتلكن الثقة بأنفسهن، وأنهن يرافقن فتيات ربما يكون تفكيرهن سطحياً بحيث تكون الملابس من الأولويات لديهن للدوام في الجامعة. توافقها زميلتها رقية التي قالت: “أنا هنا للدراسة وليس للاستعراض، وأرتدي حسب إمكانيتي، ولا يحق لأي شخص أن ينتقد ملابسي، لأني لن أسمح لأحد بهذا التجاوز، كما أني لا أرافق من الزملاء إلا من يلائمني في التفكير.”
الاهتمام بالمظهر
بينما توضح (شهد)، خريجة جامعية، أن هذا الأمر ليس مستحدثاً، لكنه ازداد هذه الأيام لاعتبارات كثيرة. لكنها تصر على أن الإنسان يجب أن يفرض شخصيته وتفكيره وألا يهتم بالمظاهر، فالنظافة مهمة، أما نوع الملابس وموديلاتها وماركاتها فهي شيء ثانوي جداً.
من جانبها، شكت (أم أشواق) من ابنتيها اللتين أرهقتا كاهلها بمصاريف الجامعة وتحضيراتها وطلباتهن الكبيرة لشراء الملابس والأحذية والحقائب، وتتساءل: “هل هو حرم جامعي أم قاعة حفلات؟” وتضيف: “بناتي يضغطن على أعصابي، وهن يبكين تارة ويتعصبن تارة أخرى بسبب ملابس الجامعة، لأنهن لا يرغبن بالظهور بمظهر أقل من أترابهن، وأنا إمكانيتي محدودة والسوق يشتعل بالأسعار.”
رأي أكاديمي
“لقد صادفتني مثل هذه الحالات كثيراً”، بهذه العبارة بدأت الدكتورة أثيل العزاوي، أستاذة الترجمة في الجامعة المستنصرية، التي أوضحت أن المجتمع ونظرته للمادة وللمستويات المعيشية، إضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطلبة، والإنترنيت بصورة عامة، جعلتهم يتجهون إلى التفكير بالمظهر دون الجوهر، إذ أصبح المظهر هو الأهم في حياة الشباب، لذا ينصب تفكيرهم في كيفية رفع مستواهم المادي وعدم الظهور بمستوى اجتماعي أقل من أقرانهم في الجامعة. وعن حل لهذه المشكلة ترى الدكتورة أثيل أن تطبيق الزي الموحد هو الحل الأمثل لذلك.
أما (سوزان العكيلي)، وهي مدرسة جامعية، فتقول: “إن مجاميع الطلبة منقسمون حسب ميولهم ومستوياتهم الاجتماعية، ولم ألحظ أن هناك طالبات قد يفكرن بتحسين مظهرهن أو ترك الدراسة من أجل ذلك، بل لاحظت أن كل طالبة تنخرط في مجموعة من مستواها.”
رأي نفسي
وبما يخص الرأي النفسي والتربوي تحدثت الدكتورة (رغد شاكر)، المرشدة النفسية في كلية الصيدلة وهي اختصاص إرشاد نفسي وتربوي، إذ قالت: “في فترة المراهقة تنتاب الإناث حالات المقارنة بالأقران، وأيضاً النمذجة، فيتخذن من المشاهير وأسلوب حياتهن مثالاً أو إنموذجاً يحتذين به في اختيار الملابس وتنسيقها. وكما نعلم، فإن هذه النماذج لها أسلوب حياة فاخر، ما يجعل مواكبتها صعبة أو مستحيلة على الفتاة ذات أسلوب الحياة العادي، ما يجعلها تصاب بحالة من اليأس وخيبة الأمل وحالة من القلق النفسي الدائم. وهذا الأمر يطغى على الهدف الأسمى وهو التعليم الجامعي، ولاسيما أن ارتفاع الأسعار وكثرة مصاريف العائلة تجعل الطالبات لا يستطعن مواكبة مستويات الطلبة في الجامعات، وربما يشعرهن بنوع من البؤس ويدفعهن للتفكير بترك الدراسة.”