الحر الرياحي.. اختار الموت بشرف مع بضعة رسول الله (ص)

136

عامر جليل إبراهيم

تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية

هو الحر بن يزيد بن ناجية بن تميم التميمي اليربوعي الرياحي، من أشراف بني تميم في الإسلام وقبله. كان رئيساً لبني رياح ومن أبرز سادات الكوفة وأشجع فرسانها. كان جده وزيراً لملك الحيرة. ضرب أروع الأمثلة في المروءة والفروسية والشهامة والحميّة حين استجاب لصوت الضمير ونداء الوجدان، حين توجه نحو معسكر الحسين (عليه السلام) ووقف معه، معلناً التوبة عما بدر منه من خطيئة في محاصرته الإمام مع أهل بيته وأصحابه عند وصولهم كربلاء ومنعهم من الرجوع إلى الحجاز، وقد قبل الإمام (عليه السلام) التوبة منه وسمح له بالقتال والجهاد بين يديه حتى استشهد في واقعة الطف الأليمة، ليدفن في كربلاء حيث مرقده الذي يبعد عنها مسافة سبعة كيلومترات في الجهة الشمالية الغربية من المدينة.

مجلة “الشبكة العراقية” زارت هذا المزار والمرقد الشريف ضمن سعيها للتعريف بالأماكن السياحية الدينية، حيث التقت السيد (كمال عزيز الجشعمي)، الأمين الخاص لمزار الحر الرياحي الذي حدثنا قائلاً:

بني المرقد في منطقة سميت بعد دفنه فيها باسمه، ويتكون من قبة وصحن مربع الشكل من الخارج له أربعة أبواب، ومن الداخل مجموعة من الأواوين موزعة على طابقين من الجهة المقابلة للباب الرئيس فقط، أما من الجهات الأخرى فقد بنيت بطابق واحد، وكانت تستخدم من قبل طلبة العلم الذين يقصدون المدينة، وهي مبنية بالجص وجذوع النخل، وهناك أخرى بناؤها أحدث.

يستطيع الزائر رؤية الضريح عبر باب كبير من الخشب (الصاج)، حيث قبر الحر الرياحي في داخل الضريح، يحيط به شباك فوقه لوحة مكتوب عليها (السلام عليك يا حر بن يزيد الرياحي)، ومن الجانب الآخر للشباك نجد دعاء زيارة الحر. وهناك يقع الرواق المقسوم إلى جهتين: الأولى على الجانب الأيمن للرجال، والأخرى للنساء. ويأتي عدد كبير من الزائرين لغرض التبرك بمرقد الشخص الذي اختار الموت بشرف مع بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الحياة، وفي الباحة الخارجية هناك النخلة التي يرجع عمرها إلى أكثر من مئة عام مقابل مدخل الضريح.

تفاصيل المزار:

أثناء تجوالنا في المرقد الشريف، التقينا المهندس (زيدون الدفاعي)، مسؤول الشعبة الهندسية لمراقد ومزارات محافظة كربلاء المقدسة، ليحدثنا عن تفاصيل بالقول: تبلغ المساحة الكلية للمرقد 2.6 دونم وستة أولكات، مساحة الحضرة 1369 متراً مربعاً، تتكون من حرم للرجال ومثله للنساء، أما ارتفاع المئذنة فيبلغ 33,.8 أمتار، وارتفاع القبة 12.8متر، ويبلغ عرض شباك المرقد الشريف 4 أمتار وطوله 5 أمتار وارتفاعه  4.2 متر، والحضرة محاطة بأربعة أبواب موزعة على أربع جهات: الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، وذلك لاستيعاب جموع الزائرين، وهناك أيضاً المجاميع الصحية لخدمة الزائرين، التي تتكون من 26 وحدة صحية للرجال ومثلها للنساء، بتصميم حضاري حديث حسب المخططات والتصاميم الهندسية.

إعمار المرقد

بالعودة الى الأمين الخاص للمزار الذي حدثنا عن المراحل التي مر بها بناء المرقد، إذ قال: أولى مراحل الإعمار قام بها السلطان إسماعيل الصفوي في العام 914هـ، أما المرحلة الثانية فكانت في سنة 1330هـ قام بها آغا حسين همدان الذي قام بإكساء القبة بالقاشاني الكربلائي غير المنقوش، وفي العام 1935 بني الطابق الثاني من السياج الخارجي، وفي سنة 1962 جرى إكساء القبة بالقاشاني الكربلائي المنقوش بتخصيص من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم. وفي العام 1969 بنيت الطارمة الأمامية والأروقة، أما في سنة 1970 فقد جري إكساء الباب الشرقي الرئيس للصحن بالقاشاني الكربلائي المنقوش، وفي العام 1979 كسيت الحضرة بالمرمر العراقي، وفي العام 1981 جرى تغليف القبة من الداخل بالمرايا، وفي سنة 1985 جرى إيصال شبكة الكهرباء إلى المرقد، وفي العام 1996 جرى تطوير الصحيات من قبل المتبرعين، وفي سنة 1997 استبدل باب الحضرة بباب أكبر، في سنة 2002 غير شباك المزار، في العام 2005 نصب محول كهربائي بقدرة 1600 كي في من قبل الحضرة الحسينية، في العام 2006 هدم المزار وبدأت مرحلة الإعمار من قبل الوقف الشيعي، إلا أنه كانت هناك أخطاء في التصاميم، فقررت الدائرة الهندسية للديوان إيقاف العمل. وبعد انبثاق الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة حسب قانون 19 لعام 2005م وتسلمها مزار الحر عام 2007م أعدت تصاميم جديدة مدروسة خالية من الأخطاء صودق عليها من قبل ديوان الوقف الشيعي، وبدأ العمل بالإعمار في 1/2/ 2009 ولا يزال العمل مستمراً بالتوسعة وبمتابعة ميدانية من قبل الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة.

الزائرون:

يختتم الأمين الخاص للمزار حديثه قائلاً: يستقبل المزار الزائرين من جميع محافظات العراق ومن جميع دول العالم، الذين يبلغ عديدهم في الأيام الاعتيادية نحو أربعة آلاف زائر يومياً، وفي الزيارات يصل العدد إلى أكثر من عشرة آلاف زائر، وفي الزيارة الأربعينية يكون توافد الزائرين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، ويصل عديد الزوار إلى أربعين أو خمسين ألف زائر.

جدير بالذكر أن زيارة الحر الخاصة تكون آخر أربعاء من شهر صفر كل عام، إذ يتوجه عشرات آلاف الزائرين لإحياء فاجعة استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وإقامة العزاء، أما الزيارات الاعتيادية فتكون في يومي الجمعة والسبت.