الحـــــرب جــــــزء مـــــــن مخطـــــط التهجيــر.. وغزّة مهدّدة بكارثة إنسانية

80

“الشبكة” – متابعة/
كثُر الحديث عن لصوصيّة ديموغرافية وسيناريوهات تهجير مبطنة بصيغ متعددة، سواء بالقصف الانتقامي أو استخدام أسلحة محرمة دولياً، ليكون الناتج عملية تفريغ دموية منهجية للسكان وحشرهم في بقعة جغرافية بديلة. ومما يدعم هذا التصور هو تزمت المشهد السياسي العالمي ورفضه لأية هدنة أو فكرة توقف المجازر الصهيونية،
سواء بما يطرح من تساؤلات أو خطط مسالمة على طاولات الناتو وأوروبا وأميركا. لذلك أصبحت الأنظار تتجه نحو تمرير مخطط الـ (ترنسفير)، وفكرة الاستحواذ على تاريخية فلسطين واستكمال حكاية الأرض المغتصبة شيئاً فشيئاً منذ نكبة ١٩٤٨، لأن ديمومة المشروع الإسرائيلي قائمة أساساً على تهجير المواطنين الفلسطينيين من مناطق سكناهم، لتظل الأرض بلا شعب، وقد غادرت بالفعل آلاف العائلات منازلها تجنباً للقذائف التي تنهال على البلدات الفلسطينية دون رحمة.
الهدنة صفقة صواريخ!
تصريحات ناريّة ودمويّة جديدة ومكررة لـ (شولتس)، المستشار الألماني المتعصب منذ بداية الحرب، فحتى هذه اللحظة هو يقف ضد أية هدنة لتمرير المساعدات أو فكرة وقف إطلاق النار في غزة تحمي أرواح المدنيين من صواريخ الحرب. إذ أعلن تجديد رفضه وتمسكه برأيه خلال جلسة نقاشية نظمتها صحيفة (هايلبرونر) الألمانية، معتبراً الهدنة أو وقف إطلاق النار بأنهما بمثابة سماح إسرائيل لحماس باستعادة وشراء صواريخ جديدة حتى يتمكنوا من إطلاقها مرة أخرى. علماً أن المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي (جوزيب بوريل)، وكذلك المفوض الأممي لحقوق الإنسان (فولكر تورك) اعترفا علانية بأن هناك انتهاكاَ واضحاً للقانون الدولي في قطاع غزة.
تزامنت تلك التصريحات المتشنجة مع زيارة المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف (كاثرين راسل) إلى غزة، وهناك عبرت عن صدمتها من حجم الرعب والدمار الذي خلفته الحرب بين حماس وإسرائيل، فقد صرحت لوسائل الإعلام بحزن شديد: «إن ما رأيته وسمعته كان مفجعاً، لقد تحمّلوا القصف والخَسارة والنزوح المتكرر داخل القطاع، لا يوجد مكان آمن ليلجأ إليه أطفال غزة المليون..»
تناقضات القانون الدولي
أما المتحدثة باسم الحكومة الألمانية (هوفمان)، وفي مؤتمر صحافي عقدته الحكومة الألمانية في العاصمة لإيضاح آثار وتداعيات الحرب في فلسطين، فقد عادت لتأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس بموجب القانون الدولي، مبررة -بطريقة مبطنة- ما يحدث من مجازر، ولم تعر أهمية لأية التزامات أخرى في القانون الدولي نفسه، كالالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، باعتبار أن أي شخص يتمتع بحقوق بموجب القانون الدولي، فإن عليه أيضاً التزامات بموجب القانون ذاته.
لذلك، كما أكدت هوفمان للصحافيين، فإن “من المهم بالنسبة لنا أن نؤكد التضامن مع إسرائيل في الوقت الحالي، وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وأننا لا نستطيع -إذا جاز التعبير- من هذا المكان أن نقيم الإجراءات الفردية التي تتخذها إسرائيل دون الأخذ بنظر الاعتبار حق الرد على الهجمات الإرهابية التي تنال اسرائيل من حماس..” كما سمتها.
كوارث بيئية ونزيف ارواح
منظمة الصحة العالمية أعربت عن قلقها البالغ وهلعها من الكوارث الإنسانية التي تهدد غزّة، إذ تسبب القصف الإسرائيلي المستمر منذ أربعين يوماً في تكدس السكان في الملاجئ مع نقص شديد في الغذاء والمياه النظيفة، والقلق الأكبر بخصوص انتشار الأمراض عند حلول موسم الشتاء، فقد رصدت أكثر من سبعين ألف حالة عدوى تنفسية حادة، وكذلك آلاف حالات الإسهال في القطاع المكتظ بالسكان النازحين والهاربين.
من جانبه، دعا مسؤولو صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية إلى تحرك دولي عاجل لإيقاف الهجمات المستمرة على المستشفيات في غزة، وقالوا في بيان مشترك لهم إن “العالم لا يمكن أن يقف صامتاً، إذ إن المستشفيات التي ينبغي أن تكون ملاذاً آمناً، تحولت إلى ساحات للموت والدمار واليأس، ويجب اتخاذ إجراءات دولية حاسمة الآن لضمان وقف إنساني فوري لإطلاق النار وإيقاف نزيف الخسائر في الأرواح.”