الدراجات و”الستوتات”.. تنشر الموت في الشوارع

260

علي غني /

لا يكاد يمر يوم من دون حادث سير تتسبب فيه دراجة نارية أو عربات “الستوتة أو التوك تك”، إذ يرتفع سنوياً عدد مستخدمي الدراجات والستوتات بعد أن استخدمت الأولى في خدمات توصيل الطلبات من أصحاب المطاعم والمحال الى المواطنين، كما ازداد استخدام الستوتة في عمليات نقل الأحمال المحدودة، ويدفع الزحام الذي تشهده شوارع بغداد الناس للاعتماد على الدراجات والستوتات أكثر من السيارات لقدرتها على السير في الأزقة الضيقة والتخلص من الزحام المروري، حيث تغص شوارع بغداد بالسيارات.
غياب الرقابة والتنظيم تسبب بفوضى عارمة، إذ لا قيود على سير الدراجات، ولا حساب، فكانت النتائج إزهاق أرواح بسبب حوادث الدراجات التي فاقت في بعض المناطق حوادث السيارات.
تهور
غالبية سائقي الدراجات والستوتات هم من الشباب المتهورين، وبسبب هذا التهور تحصل العديد من الحوادث، إنه لأمر محزن أن يموت الإنسان بسبب صبي متهور.
وفاة سائق
ثلاثة أبرياء توفوا في الحال لمجرد أنهم كانوا في اللحظة الخطأ يسيرون في الطريق الذي سلكه سائق دراجة متهور.
يروي محمود، الذي يعمل في الباب الشرقي، حادثة أخرى (بطلها) سائق مراهق لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره يقود (ستوتة)، دهس شيخاً طاعناً في السن وأرداه قتيلاً في الحال، وحاول الهروب، لكن مجموعة من الشباب لاحقوه، وألقوا القبض عليه وسلموه إلى الشرطة.. يراجع سائق الدراجة محمد تقي عبد، الذي يعمل في خدمات التوصيل (الدليفري) إحدى دوائر المرور لرفع الحجز عن دراجته لمخالفته السير (عكس الاتجاه).
يبرر تقي مخالفته بأن الزبائن يريدون أن تصل إليهم طلباتهم بسرعة، وقال إن هناك من يستخدم الدراجة لكسب الرزق، لكن آخرين يستخدمونها للمغامرات وإصدار الأصوات المخيفة للسابلة، وحتى سكان الأحياء، وهؤلاء هم الذين تنبغي محاسبتهم.
يروي صاحب الستوتة سجاد حامد أن “طمعه في الحصول على المزيد من المال، والسرعة العالية التي كان يسير بها، تسببا بصدمة لإحدى المواطنات، ما نتج عنها إصابتها بكسور عدة، وأنا مضطر الآن لدفع تكاليف العلاج.”
أين إجازة السوق..؟
اصطحبني عقيد المرور حسام عامر، وهو ضابط مسؤول عن منطقة تقاطع المنصور، في جولة داخل المنطقة لمشاهدة مخالفات أصحاب الدراجات، حيث وقفنا في تقاطع المنصور، فأشار الى (العقيد حازم)، أنظر إلى صحاب دراجة قادم نحونا، فاستوقفه العقيد، وتوليت انا الأسئلة: ما اسمك؟
-اسمي سجاد أكرم.
-ولماذا تسير باتجاه معاكس للسير؟
يجيب: الزبون ينتظرني ويهددني برفض البضاعة اذا تأخرت، فأنا مضطر لذلك.
-لكنها مخالفة (نبهه العقيد حسام)، فيرد عليه صاحب الدراجة: لكن الزبون يضغط علي لإيصال البضاعة.
-حياتك وحياة الناس أهم أم الزبون؟ وأين إجازة السوق؟
يجيب سائق الدراجة : لا أعرف أن هناك إجازات للدراجات.
ينبهه العقيد إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات المرورية.
حملات تفتيش
وبالعودة الى العقيد حسام عامر، الضابط المسؤول عن منطقة المنصور، الذي أكد أن قاطع مسؤوليته يكاد يخلو من حوادث الدراجات، عازياً ذلك الى حملات التفتيش التي يقوم بها أفراد القاطع والمحاسبة المستمرة للمخالفين.
يقول العقيد عامر إن الدراجات والستوتات خاضعة لقانون مخالفة المركبات في الشوارع العامة، لكن حوادث الدرجات داخل الأزقة ليست من صلاحيات دائرة المرور، إنما تتولى محاسبتها دوريات الشرطة.
مناشدة إلى هيأة الجمارك
ودعا آمر القاطع، عميد المرور محمد محمود الراوي، هيأة الكمارك والمنافذ الحدودية، إلى الحد من دخول الدراجات والستوتات لتقليل الحوادث، مؤكداً على أصحابها بضرورة تسجيلها لدى الدوائر المختصة بالمرور العامة، لأنها من وسائل النقل حالها حال المركبات. وأشار الراوي الى أن هناك ندوات تثقيفية في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية والكليات، ضمن الرقعة الجغرافية التابعة لنا، لتوعية أولادنا الطلبة عن مخاطر الاستخدام الخاطئ لهذه الوسائل، كما أننا غالبا ما ننصح أصحاب الدراجات بالالتزام بنظام المرور والسير بالاتجاه الصحيح، وتسجيل دراجاتهم في دوائر تسجيل المرور، كذلك إلزامهم بلبس الخوذة لحمايتهم من إصابات الدماغ في حال انقلاب دراجاتهم. ولفت الى أن منطقة الكرخ قليلة الحوادث بالنسبة للدراجات والستوتات، وهذا يعود الى الإجراءات المشددة بحق المخالفين، بفرض غرامة السير عكس الاتجاه الصحيح تصل الى (٢٠٠) ألف دينار، فإذا ما دفعت خلال(٧٢)، تخفف الى (١٠٠) ألف دينار، مضيفاً أن حملاتنا مستمرة لمدة (٢٤) ساعة يومياً.
شعبة الحوادث
فيما أوضح عميد المرور العامة حيدر كريم حسن، مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة، أن عدد الحوادث سنوياً -بحسب آخر إحصائية خلال عام (٢٠٢٠)- هي(٨٣٣٦) حادثة للمركبات والدراجات، ولكن في الآونة الأخيرة جرى إنشاء (شعبة الحوادث) في مديرية المرور العامة بتوجيه السيد مدير المرور العام اللواء طارق الربيعي لغرض رصد الحوادث السنوية أولاً بأول وفرزها إذا كانت مركبات او دراجات ورصد أعداد الضحايا وأسباب الحوادث. .
ضعف متانة الدراجة
ولفت العميد حسن الى أن مديرية المرور العامة أصدرت البيان رقم (٢) لسنة (٢٠٢١) الذي يخص سير الدرجات والستوتات على الطرقات السريعة لما رأته هذه المديرية من كثرة حوادث الدراجات، أما أسبابها فهي كثيرة، منها ضعف متانة الدراجة، بالإضافة الى عدم سيطرة غالبية سائقي الدراجات على دراجاتهم عند قيادتهم بصورة سريعة وتعرضهم لأي عارض مفاجئ.
وشدد على أن مديرية المرور العامة ملتزمة بمحاسبة جميع أصحاب الدراجات الذين لا يمتلكون أوراقاً رسمية، ومن خلال (مجلة الشبكة) نناشد إخواننا أصحاب الدراجات بالإسراع في تسجيل دراجاتهم للابتعاد عن المحاسبة القانونية، إذ توجد لدينا شعب خاصة في مجمعات التسجيل (المشروع الوطني) مختصة بترقيم الدراجات وحسب الأصول وآليتها تشبه الآلية الخاصة بترقيم المركبات.