الدفاع المدني.. إنقاذ المحتجز ين في حادث القطارة كان ضر باً من الخيال!

214

ملاذ الأمين /

مديرية الدفاع المدني تابعة إلى وكالة الأمن الاتحادي التابعة بدورها إلى وزارة الداخلية العراقية، وتتكون من المقر العام في بغداد، الذي تتبعه في كل محافظة مديرية دفاع مدني متكاملة ترتبط به من كل النواحي في جميع المحافظات عدا إقليم كردستان، إذ يبلغ عديدها 16 مديرية، مع العلم أن لبغداد مديريتين منفصلتين عن المقر العام في كلا جانبيها: الكرخ والرصافة…
أما من حيث التميز فإن الهيكل التنظيمي متطابق،.لكن هناك خصوصية لكل محافظة حسب الطبيعة الديموغرافية، فهناك محافظات تمتلك مسطحات مائية وأخرى تمتلك في مدنها مراقد دينية وفنادق شاهقة ومحافظة أخرى تمتلك آبار نفط أو مناطق زراعية شاسعة، إذ أن لكل محافظة مزاياها، وفرق الدفاع المدني متمرسة وذات خبرة متراكمة بالتعامل مع خصوصية كل منها.
القطارة
يعد حادث انهيار قطارة الإمام علي -عليه السلام- في محافظة كربلاء المقدسة، الحدث الأبرز الذي سيطر على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ولقد استنفرت فرق إنقاذ الدفاع المدني في محافظة كربلاء المقدسة وتبعها قرار من السيد المدير العام بسحب وزج فرق تخصصية من بغداد على مستوى عال من التدريب والخبرة المتراكمة بالتعامل مع حوادث الإنقاذ المعقدة، مع إسنادها بفرق أخرى من محافظات الديوانية والنجف الأشرف وبابل، حيث كان الحادث -أقل ما يقال عنه- صعباً وخطراً، فقد كانت هناك ضحايا تحت ركام الكتل الخرسانية ولا سبيل الى الوصول إليهم، إذ إن موقع القطارة يقبع بين ثلاثة جبال رملية متكلسة ولا منفذ إليهم إلا من باب مدخلها الضيق الذي لا يتجاوز عرضه 5 أمتار فقط.
لقد كان الانهيار مزدوجاً مركباً، إذ انهارت كتل رملية على سقف خرساني لينهار بدوره على الضحايا من الزائرين داخل القطارة احتجزوا تحت ركام كتل خرسانية يزيد وزن إحداها على ٥٠ طناً، وقضبان تسليح غليظة، فكانت عمليات الإنقاذ ضرباً من الخيال مع عدم القدرة على استخدام آليات الإنقاذ الثقيلة، لذا اضطرت فرق إنقاذ الدفاع المدني إلى استخدام معدات الإنقاذ الخفيفة وبأسلوب الحفر الدقيق، مع الحرص على إيصال الأوكسجين ومياه الشرب والطعام الى المحتجزين عبر فتحات ضيقة، والحرص على التواصل اللفظي معهم لطمأنة من هم تحت الركام، ما تطلب من فرق الإنقاذ وقتاً أطول واضطرها إلى هدم بوابة المزار الضيقة من أجل إدخال آليات الإنقاذ الثقيلة من الحفارات والجرارات لتعجيل أعمال البحث والإنقاذ، وأسفرت الجهود عن إنقاذ طفلين وصبي في الساعات الأولى من بدء أعمال الإنقاذ، وكانوا في صحة جيدة، واستمرت أعمال البحث لأكثر من 60 ساعة من العمل المتواصل ليل نهار، أسفرت عن انتشال 8 جثث وهم 5 نساء وطفل ورجلان وجرى غلق مزار القطارة.
5 ملايين مولدة كهرباء!
مع استمرار أزمة الكهرباء منذ أكثر من ثلاثة عقود، انتشرت المولدات الاهلية في الأحياء السكنية والأزقة في عموم البلاد، ولاسيما في بغداد الأكثر كثافة في السكان، فقد تكون هناك في الحي الواحد أكثر من مولدة، وهذا يعرض المواطنين الآمنين الى الخطر نتيجة تدلي الأسلاك وتعرض الوقود الخاص بها الى الحرائق.. فماذا أعدت المديرية لدرء خطر المولدات عن المواطن؟
هناك تخمين لمديرية الدفاع المدني عن أعداد المولدات الكهربائية الأهلية والمنزلية والخاصة توصلت إلى أن عديدها التقريبي يصل إلى 5 ملايين مولدة كهربائية!
لو أخذنا بنظر الاعتبار كميات الوقود المخزون قربها لتشغيلها لوجدنا أن المدن تطفو فوق بحيرة من الوقود، ولاسيما وقود الديزل للمولدات الكبيرة، ناهيك عن خطورة البعض منها، تلك التي تقع في أعلى سطوح البنايات التجارية والفندقية، وإذا ما حدث حريق فسوف ينسكب المنتج النفطي ويحرق البناية من أعلاها إلى أدناها، مع صعوبة إخمادها بسبب ارتفاع البناية وصعوبة تعامل فرق الدفاع المدني للسيطرة على امتداد الحريق، ما يتطلب تدخل عجلات إطفاء ثقيلة كبيرة باهظة الثمن، ومنها عجلة السلّم (السنوركل)،أما تدلي الأسلاك الكهربائية، فنحن نستظل في بعض الأحياء السكنية بظل تلك الأسلاك التي تكوّن شبكة عنكبوتية متداخلة فيما بينها. وتشكل هذه الأسلاك 47 % من نسبة أسباب اندلاع حوادث الحريق -حسب إحصائيات حوادث للعام الماضي- بالإضافة الى أنها تشكل إعاقة كبيرة لعجلات الدفاع المدني التي تصطدم بها عند دخولها الى الأحياء والمدن السكنية، ما يضطر فرق الدفاع المدني إلى ترك عجلات الإطفاء على بعد مسافات من موقع الحادث لتعذر دخولها، ويسبب استنزاف الوقت في التعامل مع الحوادث.
لذا يجب على الدوائر الحكومية والخدمية والمواطنين كافة إشاعة ثقافة الحماية الذاتية وتطبيق شروط السلامة الصادرة من مديرية الدفاع المدني وتوفير مستلزمات الدفاع المدني ومنها مطافئ الحريق ومنظومات الإطفاء الرطبة والجافة ومتحسسات الحريق بهدف التعامل مع الحوادث لحظة اندلاعها، إذ إن مستعظم النار من مستصغر الشرر.
معلومات غير منظورة
إن كثرة الحوادث باتت ترهق رجال الدفاع المدني الذين كبروا بالسن، ولا توجد تعيينات ترفدهم بدماء شابه جديدة.. إذ تصل الحوادث الى قرابة 31 ألف حادث سنوياً.