الذبح خارج المجازر الرسمية

1٬631

آمنة مكي /

على الرغم من التحذيرات المتكررة التي تطلقها الجهات الرقابية والصحية في البلاد إلا أن ظاهرة الذبح العشوائي تنتشر حتى غدت هي القاعدة وغيرها الاستثناء.

و الذبح العشوائي اذا كان محصوراً في المناطق الشعبية فإنه بات ينتشر في معظم احياء المدن وفي بغداد صار مشهد الذبح خارج المجازر الرسمية امراً معتاداً حتى في الأحياء الراقية.

ترى ما الذي ساهم في انتشار هذه الظاهرة ولماذا تعجز الجهات المسؤولة عن ردعها وايقافها وماهو دور المواطن في منع استمرار هذه الظاهرة غير الحضارية والتي فضلا عن مخاطرها على صحة الناس فإنها تشوه المدن حيث مشاهد الجزارين الذين يعلقون لحومهم غير المعروفة المصدر وقد علق بها التراب وتجمع حولها الذباب والحشرات الناقلة للامراض.

ذبح عشوائي

مدير قسم الرقابة الصحية الدكتور حسن مسلم اوضح ان وزارته ومن خلال فرق الرقابة الصحية ترصد موضوع الذبح العشوائي وتعد تقاريرها عن هذه الحالة باعتبارها مخالفة صحية غير مقبولة ومصدر خطر على الصحة العامة، اذ ان مصدر اللحوم يكون غير معروف، وهناك احتمالية أن يكون الحيوان المذبوح غير مفحوص من البيطرة او أن يكون الحيوان مصابا بأحد الأمراض التي ممكن ان تنتقل الى الانسان، فضلا عن تعرض اللحوم المعلقة على أماكن غير نظامية وغير صحية للتلوث والحشرات الضارة الناقلة للأمراض، وهي بالتأكيد لاتتوفر فيها ابسط شروط النظافة كونها أماكن غير مخصصة للذبح كما في المسالخ الرسمية او محال القصابة وحتى القائم بالذبح يعتبر شخصا غير مخول رسميا ولا يملك شهادة صحية من الصحة تؤيد خلوه من الامراض.

ولفت مدير قسم الرقابة الصحية الى اهمية الحصول على اجازة مهنة القصابة التي تمنحها وزارة الزراعة/ دائرة البيطرة، أما بخصوص اللحوم البيضاء فتكون الإجازة مشتركة بين امانة بغداد لافتتاح المحل، ووزارة الصحة لمنح الإجازة الصحية، وفيما يخص المسالخ فانها تابعة لوزارة الزراعة ضمن قانون 32 وهي التي تمنح الاجازات لها.

فوضى الرقابة

وتحدث الناطق الرسمي لوزارة الزراعة حميد النايف عن فوضى تنظيمية تخص غياب التنسيق بين الجهات المعنية بعملية الذبح ومنح اجازات ممارسة المهنة وقال: في السابق كانت المجازر الرسمية تابعة لنا كوزارة زراعة وكانت بحدود مجزرتين الى ثلاث مجازر حتى عام 2003، اما بعد هذا التاريخ فقد تغير القانون واصبحت هذه المجازر تابعة الى امانة بغداد، وهناك ايضا مجزرة تابعة للبلديات، وهذا الاجراء خلق فوضى تنظيمية لأن تعدد مراتب القوى واختلاف القرارات يؤثر على البنى التحتية لهذه المجازر، كونها تابعة للقطاع الخاص عن طريق الايجار بالمزايدة العلنية حسب قانون الايجار. أما بالنسبة لنا كوزارة للزراعة فكان لدينا طبيب بيطري يفحص ويتأكد من سلامة الحيوان قبل الذبح في المجازر الرسمية، وبعد الذبح يضع الطبيب الختم الصحي على اللحوم، لكن عمليات الذبح الحالية غير قانونية ونحن غير مسؤولين عنها كونها غير رسمية وتسبب مشاكل عديدة فقد تكون اللحوم غير صالحة للاستهلاك البشري او قد تكون بعض المواشي مريضة او نافقة، فضلا عما تخلفه هذه المجازر من فضلات وروائح كريهة تسبب العديد من المشاكل الصحية ..

مسؤولية مشتركة

فيما حدد حكيم عبد الزهرة مسؤولية أمانة بغداد بخصوص الذبح العشوائي التي تتلخص بالقيام بحملات تفتيشية مع وزارتي الصحة والزراعة، وهما الجهتان المعنيتان، من خلال توفير الآليات ورفع التجاوزات والمخالفات وازالة الكناريات ورفعها الى اماكن الطمر الصحي، علاوة على حجز ومصادرة الأغنام من خلال موقعين في الرصافة والكرخ، وهناك توجيه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء باعادة النظر بموضوع المجازر بما يتناسب مع التوسع الحاصل.

تكسّب غير مشروع

لكن القصاب (مهدي طه) الذي يمارس مهنة القصابة منذ سنين طويلة يقول: أنا معتاد على شراء المواشي الحية من أماكن بيع المواشي المعروفة (الجوبات) وذبحها في محلي المجاز رسميا، حيث انني املك إجازة لممارسة المهنة وضمانا اجتماعيا، ودائما ما تزورني الفرق الصحية المعنية بالامر للتأكد من سلامة عملي وشروط النظافة والالتزام بالتعليمات والضوابط. وأكد مهدي أنه لا يذبح المواشي المريضة ابدا، لكنه لم ينف أن هناك بعض القصابين من اصحاب النفوس الضعيفة يبيعون لحوما لمواشٍ مريضة او لحوما مجمدة على أنها لحوم طازجة، مستهجنا بشدة ظاهرة الجزر العشوائي للمواشي على الأرصفة او الحدائق العامة لأنها تتم بطرق واساليب ملتوية للتكسب الحرام غير المشروع والمتاجرة بحياة الناس.

هدر للثـروة الحيوانية

دكتور يحيى كمال خليل مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك وصف هذه الظاهرة في حديثه لمجلة (الشبكة) بأنها ظاهرة خطيرة تسبب هدرا كبيرا للثورة الحيوانية، فهو يقول: في الآونة الاخيرة لوحظت كثرة المجاز غير الرسمية وانتشارها بشكل يلفت النظر بسب غياب الرقابة الحكومية، حيث أن هناك نقاطا مهمة عند انشاء أية مجزرة عصرية، منها وجوب ان تكون بعيدة عن المناطق السكنية وأن تكون الأماكن المخصصة لعمليات الذبح خاضعة لرقابة دورية من قبل لجان تابعة لوزارة الزاعة.

أضرار نفسية

الاختصاصية النفسية الدكتورة نيران يوسف تحدثت عن تأثير منظر الدماء المسالة عند ذبح هذه الحيوانات على الأطفال وأن لها تأثيرا كبيرا على نفسية الطفل، فهي تغرس فيه حالة من الخوف الدائم من منظر الدم وعدم تقبل أكل اللحم، كما انها تدفع الطفل بعد التعود المستمر على مناظر كهذه الى العنف، حتى يصل الى مرحلة يصبح سلوكه عدائيا تجاه الآخرين ليصبح في النهاية شخصية عدوانية لا تخاف ولا تهاب منظر الدماء.