السياحة الطبية في كردستان.. بين الواقع والطموح

328

ضحى مجيد سعيد /

أدى تراجع الخدمات الطبية في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية الى زيادة أعداد الوافدين إلى مستشفيات إقليم كُردستان في الآونة الأخيرة بشكلٍ ملحوظ بعد التأكد من التحسن والتطور في المستوى الطبي والتقني الذي يمتاز به المجال الطبي في الإقليم حالياً، الذي تحقق بعد إدخال التقنيات الحديثة والمتطورة واختيار الأطباء والكوادر الطبية الكفوءة لتولي مهام هذه المسؤولية الإنسانية النبيلة، فيلاحظُ إقبال العديد من الحالات المرضية من خارج الإقليم ومن عموم محافظات العراق لمراجعة مستشفيات الإقليم لإجراء الفحوصات الطبية أو تلقي العلاج أو إجراء العمليات الجراحية الكبرى والصغرى.
وللوقوف على معطيات ومديات هذه الظاهرة، حاورنا (د. دلكڤان محمد فاتح جلال)، مدير عام صحة أربيل الذي قال: إن أعداد الوافدين للعلاج إلى مستشفيات كردستان من خارج الإقليم، ولو بشكل تقريبي، غير معروفة، ولكن ما يقارب الـ ٤٠ الی ٦٠٪ من المراجعین هم من خارج الإقلیم من محافظات العراق المختلفة، أما بخصوص الأسعار وما يتعلق بالفحوصات الطبية و(كشفيات)، أجور الفحص، الطبيب إذا ما قارنّاها مع الدول الأخرى فإنها تعتبر مناسبة وأقل كلفة من غيرها.
مستشفيات الإقليم
وأوضح فاتح أن هناك تقييمات جيده بشكل عام على مستوی الخدمات الصحیة في الإقليم، وهذا ما أشارت إليه تقاریر مُنظمات طبية عالمية مختصة وأيضاً حسب تشخيصنا ومتابعاتنا المستمرة، حسب قوله. وأضاف أن المستشفيات في إقليم كردستان هي حكومية تُقدم الدعم للمريض القادم من محافظات أخرى، لذلك فإن المراجعين من خارج كردستان يأتون إلى المستشفيات داخل الإقليم بسبب التطور المهني والصحي في المحافظة. وتابع قائلاً : ما يخص قدوم المريض الى أربيل، يكون بعد إجراء مراسلات بين الطبيب داخل الإقليم والمريض من خارجه لتشخيص حالة المريض او لتقديم النصح في ما يتعلق بالحالة الصحية للمريض، وهنالك أيضا اتصالات بین کوادرنا و کوادر من خارج الإقلیم في بعض الحالات.

كفاءات طبية
بدوره، (د. عبدالخالق كريم)، استشاري جراحة الأنف والأُذن والحُنجرة، أشار الى عدم وجود أرقام دقيقة عن أعداد الوافدين من المرضى، لكنه أكد أن الإقليم يتمتعُ بخدماتٍ صحية جيدة قياساً ببقية المحافظات العراقية، وعزا أسباب توافد المرضى من خارج الإقليم الى وجود كفاءات طبية عراقية من مُختلف المحافظات استقرت في الإقليم وتعمل في القطاع الطبي. كما أوضح أن الكفاءات الطبية العراقية تُنافس الكفاءات الطبية لدى الدول الأخرى، بل تتفوق عليها أحياناً بغض النظر عن مستوى تطور المستشفيات وما فيها من معدات. وأشار الى وجودِ مستشفيات تخصصيةٍ في الإقليم لمعالجة الأمراض الخطيرةِ ومنها السرطانية بكل أشكالها.
أما فيما يتعلق بالتكاليف العلاجية فيقول إنها أفضل من بقية الدول باستثناء إيران، وذلك لفارق صرف العملة قياساً بسعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، لكنه يشير في الوقت ذاته الى أن إقبال المرضى العراقيين على المستشفيات خارج البلد أكبر، وذلك بسبب تطور المستشفيات خارج البلد من ناحيتي الخدمة الفندقية أو الإقامة فيها. ويؤكد د. عبد الخالق أن الخدمة الفندقية في المستشفيات الحكومية هي أقل من الخدمة ذاتها في المستشفيات الأهلية داخل الإقليم، في حين أوضح أن المستشفيات الأجنبية الاستثمارية داخل الإقليم بما فيها من طواقم طبية معروفة ليست بأفضل مما هو موجود من مستشفيات أهلية داخل الإقليم، ويشير إلى أن هذه الأسماء تشتهر وتبرز دعائياً أكثر من الواقعِ الفِعلي ولا يوجد فيها أكثرَ مما هو موجود في المستشفيات الحكومية، بل على العكس قد تكون أقل كفاءة وأقل تطور وأقل أجهزة.
مراجعون من بغداد والجنوب
السيدة (ليلى جاسم) – ٦٠ عاماً- تعاني من آلام مستمرة في الفقرات، بدأت حديثها بالبكاء بسبب ما وصلت إليه حالتها الصحية من تدهور في عدد من فقرات الظهر لديها، قالت إنها راجعت العديد من الأطباء في بغداد خلال أكثر من عام ولم تتحسن حالتها على الرغم من مواظبتها على جُرعات العلاج، بل إن الألم بدأ ينسحبُ إلى أجزاء من يدها وساقها، حتى أنها باتت تتحركُ بصعوبة. ‏وأضافت أن الكثير من أقاربها نصحوها بالسفر الى الهند لوجود مستشفيات متطورة هناك، لكن الأمر يتطلب تكاليف مالية كبيرة لا تستطيع تأمينها، لذا لجأت إلى أطباء داخل الإقليم عسى أن تجد العلاج لآلام فقراتها، وتقول إنها راجعت طبيباً مختصاً داخل الإقليم وأجرت فحوصاتٍ بالرنين المغناطيسي، لكن طبيبها أخبرها أن العلاج بحاجة الى وقت طويل، وأن أحكام العمر لها تأثير أيضاً على كفاءة الفقرات، لذا تؤكد أنها لا تزال تعيش على المسكنات ومستمرة بتناول العلاج الذي وصِفَ لها في الإقليم على أمل أن يتحقق لها الشفاء.
أما (د. فارس القاضي) – اختصاصي مفاصل وفقرات من أهالي بغداد- يسكن في الإقليم ويمارس اختصاصه فيه، فحدثنا عن واقع السياحة العلاجية في الإقليم قائلاً: إن ٢٠ بالمئة من المراجعين لعيادته الخاصة هم من خارج الإقليم، يتوافدون طلباً للعناية الطبية الجيدة والمُتطورة التي لا تتوفر لهم في محافظاتهم، وإن الوافدين من خارج الإقليم يتوجهون عادة الى المستشفيات الأهلية لأنهم يبحثون عن خدمات لا تتوفر -حسب اعتقادهم- في المستشفيات الحكومية الحكومية في محافظاتهم.