المختص بتقنية الفيرجوال د.علي مولود.. بطولة خليجي 25 صوِّرت بتخيلات مجسّمة

187

ميساء الفيلي /

جوٌ تقنيٌّ هائل البهجة واللمعان، بواقع افتراضي مجسم وصور تخيلية ثلاثية الأبعاد، عالية الجودة، بمعايير فنية أذهلت العالم، وتجسيد رقمي دقيق للكثير من المعالم التي أراد منظمو افتتاحية كأس خليجي ٢٥ إيصال رسائلها إلى الجمهورين المحلي والعربي، وحتى العالمي.
ولشدة الانبهار ولمعان المشهد كثر الجدل ما بين من أكد بأنها تقنية (الهولوغرام) التي لها القدرة على إنتاج الواقع بصور تخيلية الأبعاد، أما الآخر فقد وضعها في موضع تقنية (فيرجوال)، قاطعاً الشك باليقين، لذلك فإن المختص في علوم الاتصال والإعلام المساعد أ.م.د. (علي مولود فاضل) فك لنا هذا الاشتباك التقني وشرح لنا بأكاديمية عالية التقنيات الافتراضية المستخدمة في افتتاح بطولة خليجي ٢٥ عبر حوار ممتع ومفيد، بدأناه هكذا:
*ما هو سرّ الجو التقني الهائل في افتتاح بطولة كأس خليجي 25، كيف بدا افتراضياً مُبهراً ومجسماً بواقعية جعلت المتلقي يقتنع بها ويتفاعل مع تركيباتها؟
– قدّم العراقيون افتتاحيةً متميزةً بالمعايير التقنية والتنظيمية والفنية خلال بطولة خليجي 25 المنظمة في البصرة الفيحاء، وربما أكثر ما جذب أنظار المُشاهدين في حفل الافتتاح هو الجو التقني الذي ظهر عبر الشاشات؛ وذلك لما رأوه من تجسيد رقمي للكثير من المعالم التي أراد منظمو الافتتاح إيصال رسائلها إلى الجمهورين المحلي والعربي، بل حتى العالمي.
ويجدر الوقوف هنا عند هذه النقطة المهمة، التي اختلف التقنيون في تحديد ماهية التقنية التي استُعملت في حفل الافتتاح، فمنهم من رأى أنها تقنية (الهولوغرام) التي تنتمي إلى تطبيقات الليزر، وتعمل على إنتاج واقع افتراضي مجسم، ومن ثَم تمنح صوراً تخيليةً مجسمةً ثلاثية الأبعاد مسجِّلةً لكل المعلومات المرسلة إليها من قبل القائم بالاتصال. والآخر قال: إنها تقنية (فيرجوال Virtual Studio) التي هي عبارة عن تقنية ديجيتال، تسهم في تحقيق كم كبير من الديكورات أو الأشكال التي تجعل المتلقي يقتنع بها ويتفاعل مع تركيباتها، المقرونة بحركات أو تقديمات للمجسمات أو الأشخاص المراد تقديمهم إلى المشاهد، عبر أجهزة متخصصة وكاميرات وبرامج ثلاثية الأبعاد، تعمل على تقديم مجسم افتراضي مقنع ومؤثر.
*كثرُ الجدل ما بين من وضع التقنية في خانة (الهولوغرام) التي تنتمي إلى تطبيقات الليزر وتنتج واقعاً افتراضياً مجسماً، والآخر قال إنها تقنية (فيرجوال)، هل لنا بشرح عن كل واحدة مع الفارق؟
– طبعاً، بغض النظر عمّا إذا كانت افتتاحية بطولة خليجي 25 قد استعملت إحدى التقنيتين، فإن المشاهد لم يلحظ الفارق بينهما، لكن المختصين يدركون هذا الفارق، وأيضاً مع وجود الواقع المعزز، ودخول تقنية VR ذات القدرة على نقل المشاهد إلى أرض الحدث ومعايشته الزمكانية من خلال ارتداء نظارة، المتزامنة مع مراسل يحمل كاميرا 360 درجة، فإن اليوتيوب والمنصات الأخرى التي تحتوي على نظام 360 VR كفيلان بأن يأخذا المتابع إلى الزمان والمكان المراد الوصول إليهما، وهذا يجعلنا نقف جلياً أمام التقانة الحديثة وقفزاتها غير المتأنية وسباقها للزمن والضوء.
لذلك أعود لأوضح أن الفرق الحاصل بين (الهولوغرام)، و(الفيرجوال) يكاد يكون بسيطاً جداً، إذ أن (الهولوغرام) يمكن مشاهدته أمام العين مباشرةً، بينما (الفيرجوال) يكون عبر الشاشة، ومع وجود ما يعرف فيزيقياً باسم (هدب التداخل)، وإعادة إضاءة الوسيط المسجل عليه هذا الهدب بشعاع ليزر، تظهر في الفراغ صورة مجسمة (ثلاثية الأبعاد) للجسم المراد تجسيده، وأيضا يكون نظام (الفيرجوال) المصنوع في بيئة افتراضية للناظر من خلف الشاشة، الذي لديه القدرة على تحريك الكاميرا وعمل حركات إخراجية و(تراك) و(زوم)، والتنقل بين الكاميرات، الذي يحدث كله مع وجود تقنية الـ 3D.
*بما أن ما عُرض في الافتتاحية كان تقنية (الفيرجوال)، كيف تمكنتَ من إحداثِ هذه الثورة الجديدة العهد على شاشاتنا الرياضية، ماهي العوامل والمحفزات؟
– نعم وبوقت سريع جداً، مع وجود المؤثرات الحركية والثورة الرقمية الهائلة للكاميرات، وجودة البث الفضائي، والسرعة الفائقة للذكاء الاصطناعي، وتنامي دور الواقع المعزز، يصبح العالم أشبه بصورة مختزلة في حجم شاشة يتابعها المتلقي.
وهذا الحدث بدا للمشاهد العراقي وكأنه ثورة جديدة، وسبق تقني غير معهود في العالم الواقعي، أو حتى التقني. ولكي أحيط المتابع لـ “مجلة الشبكة” بوجهة نظري الخاصة، فأقول: “إن ما عُرض في افتتاحية البطولة كان عبارةً عن تقنية (الفيرجوال) وأن الحاضرين في الملعب لم يشاهدوا الحدث مثلما شاهده المتلقي خلف الشاشة.”
*طيب، مع هذه التقانة المهولة التجسيم والذكاء الاصطناعي، هل سنشهد في البطولات المقبلة حياة تقنية يُخلق في فضائها ما لا نتوقعه؟
– قطعاً، وهذا الأمر سينعكس إيجاباً على العالم الافتراضي، إذ سنشهد في السنوات القريبة المقبلة طفرات نوعية أكثر جمالاً وأبهى تجسيداً للواقع والتراث على حد سواء، ولاسيّما مع وجود التعلم العميق، واستحواذ الذكاء الاصطناعي على الكثير من مرافق الحياة، وبزوغ الحياة الثالثة التي وصفتها سابقاً بأنها الجزء الآخر للدنيا والآخرة، وهي حياة مختلفة يخلقها العالم التقني، ويحدد مقدراتها ويخلق فيها ما يشاء من صور، وأحداث، وشخوص، وبيئة، تختلف بنسب متفاوتة عمّا ألفناه.