المدارس الأهلية: تنتشر على حساب تراجع الحكومية

1٬370

 عدي فلاح الهاجري _ تصوير: حسين طالب/

بعد أن كان أولياء الأمور منشغلين بتوفير المستلزمات المدرسية والملابس لأبنائهم، عند انطلاق كل موسم دراسي، بات العديد يقتطع جزءاَ كبيراً من مصروفات المنزل واحتياجات العائلة من أجل توفير مبالغ وأجور الدراسة لأولاده في المدارس الأهلية، لتضاف أعباء جديدة على العوائل.
فالرسوم والأقساط المرتفعة التي تتقاضاها المدارس الأهلية، بدأت تثير الكثير من اللغط وعلامات الاستفهام، خاصة في ظل عدم وجود رقيب، بل أن هذه المدارس، بدأت تفرض شروطاً متتالية على أهالي الطلبة وأولياء الأمور في ظل عدم وجود قانون يحدد الرسوم، فهذه المدارس التي بات أولياء الأمور يرونها استثماراً تجارياً مربحاً ومرتفعاً في ظل غياب عين الرقيب، والتي وصفت بالنائمة.

مجلة الشبكة العراقية، تابعت الموضوع للوقوف على حيثياته ومناقشته مع أطراف العملية التربوية.

اختلاف في الأسعار

يقول نبيل البيضاني مدير مدارس الرازي الأهلية أن مجلس محافظة البصرة حاول تشريع قانون حول موضوع التسعيرة وزار عدد من أعضائه أغلب المدارس الأهلية ولاحظوا وجود فروقات بين مدرسة وأخرى، وبالتالي لا يمكن وضع قانون يوحد أسعار كل هذه المدارس، كما الخدمات التي تقدمها هذه المدارس تختلف بين واحدة وأخرى.

ويتابع البيضاني “أن بعض المدارس تضيف مناهج أخرى وكتباً خارجية للدراسة، كاللغة الفرنسية والعلوم باللغة الانجليزية وزيادة المخصصات الوقتية للبحوث والمختبرات، وكل هذه الأمور تخضع لمتابعة واشراف مديرية التربية ومشرفيها”، منوهاً إلى أن هذه المدارس أيضاً تواجه معاناة كبيرة، لعل أبرزها قلة الكتب الموجودة في مخازن التربية، اذ أغلب المدارس الأهلية لا تستلم حصتها من الكتب، وبالتالي فهي تلجأ للطبع وشراء القرطاسية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدارسة أكثر، فضلاً عن تلكؤ الكثير من أولياء الأمور في تسديد أقساط الدراسة ما يوقع ادارات المدارس في حرج، مع الطلبة، خصوصاً قبل انطلاق الامتحانات النهائية.

مكاسب مالية

ونفى نبيل البيضاني، الأخبار التي تقول أن بعض المدارس تلجأ لجذب بعض الطلبة المتفوقين في المدارس الحكومية، من أجل زيادة نسب النجاح، مؤكداً أن المدارس الأهلية برغم أنها تقدم خدمة عامة للمجتمع المحلي، لكنها تهدف بالأساس لتحقيق مكاسب مالية وتجارية، ولا يمكن لها أن تكون بديلاً للمدارس الحكومية، لكنها منافسة ومساعدة لها في تقليل زخم الطلبة.

تسعيرة محددة

رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة البصرة أمين منصور التميمي، أوضح لمجلة الشبكة العراقية، أن مجلس المحافظة، ناقش في جلساته مشروع قانون وضع تسعيرة محددة للمدارس الأهلية في البصرة، موضحاً أن وزارة التربية رفضت وبشكل قاطع هذا الأمر.
وتابع:” الوضع التربوي الحالي، والزخم الذي تشهده المدارس الحكومية، يجعلنا مضطرين نقبل بوجود المدارس الأهلية، برغم جشع بعض ملاكها، وهناك تنافس حاد بين هذه المدارس، مما جعل البعض يخفض التسعيرة وهذا انتصار لأولياء الأمور.
وحول مستوى التدريس ونسب النجاح، أوضح وجود مدارس سجلت نسب نجاح عالية بل وأصبحت علامة تفوق على مستوى العراق، وهناك مدارس تسعى لتحقيق أفضل المعدلات.

المدارس الأجنبية

وعن المدارس الأجنبية التي بدأت تنشر بدورها في العراق بشكل عام والبصرة على وجه الخصوص، بين أن المدارس التركية والأجنبية، لقيت قبولاً من بعض أثرياء المواطنين، لارتفاع أسعارها التي تبدأ من 3000 دولار، وهي تتبع أساليب الدراسة العالمية وفي مقدمتها طرق التدريس باللغة الانجليزية، ونتمنى من وزارة التربية ومديرياتها في المحافظات الاستفادة من تجارب المدارس الأهلية والأجنبية وتطبيقها على بعض مدارسها لتكون نموذجاً للآخرين.

تجربة ناجحة

ووصف مستشار محافظة البصرة لشؤون التربية حسن العطبي تجربة المدارس الأهلية بالناجحة وهي تستقطب الكثير من الطلبة مما يخفف من الزخم الحاصل في المدارس الحكومية”، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك سقف مالي محدد للدراسة فيها، وأن لا يترك لمؤسس المدرسة لتحديده.

وتابع:” وزارة التربية حددت أن لا تقل نسب النجاح في المدرسة الأهلية عن 30% وإلا فأنها تتعرض للغلق من قبل الوزارة، لكن هذا الأمر لم ينفذ وجرى التريث به، شريطة أن لا يحدث أي خروقات في المدرسة بأي مجال، سواء الأبنية أو التعامل مع الطلبة أو طرق التدريس والإدارة”.
وحول التعشيق والمزج بين المدارس الأهلية والحكومية، أوضح أن هذا الأمر موجود، فأغلب المعلمين والمدرسين في المدارس الأهلية هم في الأساس موظفين في وزارة التربية، ونتمنى على الوزارة أن تشرع قوانين تخدم من لا يمتلك وظيفة لتشغيل أكبر عدد ممكن من المعلمين.
قبل الخاتمة طرقنا باب مدير شعبة التعليم الأهلي والأجنبي في مديرية تربية البصرة جواد كاظم العطواني للوقوف على الأسس القانونية لعمل المدارس الأهلية.

اذ أشار العطواني إلى المدارس الأهلية العاملة في العراق يستند عملها إلى نظام التعليم الأهلي والأجنبي رقم 561 لسنة 2013 القاضي بمنح اجازات تأسيس مدارس أهلية، فالمشرع حدد التعليمات كافة في تفسير نظام التعليم الأهلي والأجنبي وفق شروط التنمية والمعايير المطلوبة لمنح اجازات افتتاح المدارس وتحديد الكادر التربوي وإدارة المدرسة وكل ما يتعلق بعمل المدرسة ونشاطاتها خلال العام الدراسي، وهذا الأمر يشمل المدارس الأهلية التي يؤسسها عراقيون، والمدارس الأجنبية التي تفتح بالعراق.
وحول التسعيرة المحددة للمدارس الأهلية، ذكر أن القانون لم يتطرق إلى تحديد أسعار الدراسة في المدارس الأهلية كون هذا الموضوع عائداً لرضا وقبول أولياء الأمور وأصحاب المدارس.

وعن متابعة الوزارة واشرافها على هذه المدارس أوضح وجود عدة ملاحظات على بعض المدارس التي منحت الاجازة قبل صدور التعليمات في عامي2013 و2014 ومجلس الوزراء اعطاهم فترة زمنية اسماها فترة تكييف أوضاع، وتم تسجيل ملاحظات حول بعض المدارس التي لديها تلكؤ في ابنيتها وتم انذارهم ووزارة التربية بدورها اعطت فترة تكييف أخيرة ونهائية تنتهي في 18/3/2018 وبخلافه لا تجدد الاجازة وتغلق المدرسة، لافتاً إلى وجود ما يقارب 600 مدرسة أهلية في البصرة بمختلف مستويات الدراسة فيها.

اما عن العاملين في هذه المدارس، ومن يتابع أمورهم، أشار الى التعليمات ضمن القانون تلزم المؤسس أو أصحاب المدارس لتسجيل العاملين لديه ممن لا يتقاضون راتباً حكومياً، لدى دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي، لضمان حقوقهم، عبر استيفاء نسبة محددة هي 17% من الراتب المتفق عليه، على أن يكون 12% على صاحب المؤسسة، و5% على المتعاقد، والعمل ساري بهذا الموضوع ومن يخالف هذا الأمر يتعرض لعقوبات.

وإلى أن يعود المشرع العراقي في تعديلاته لقانون رقم 561 لعام 2013 ويحدد أو يضيف تعليمات جديدة ملزمة تحدد أسعار الدراسة في المدارس الأهلية، أو ترسم سياسة واضحة بهذا الخصوص، سيبقى أولياء الأمور صاغرين لتنفيذ متطلبات وجشع بعض أصحاب هذه المدارس.