المدير العام للموانئ يتحدّث للشبكة: ميناء الفاو.. بديل حيوي عن النفط

179

البصرة – محمد العبودي/
في بداية التسعينيات من القرن الماضي ظهرت الحاجة الملحة لبناء ميناء كبير يسهم في دعم الاقتصاد المحلي ويدعم التجارة البحرية محلياً ودولياً، وبدأ التفكير الجدي بتخطي العقبات التي قد تحصل مع الجارتين الكويت وإيران، فلطالما حدثت مشاكل تهدد الملاحة في موانئنا الوطنية عبر خور عبد الله وشط العرب،
فعمدت الحكومة في النظام السابق إلى التعاقد مع كبريات الشركات الإيطالية واليونانية لوضع دراسة ومخططات لبناء ميناء يلبي طموحات البلاد، فوقع الاختيار على شبه جزيرة الفاو جنوبي محافظة البصرة لبناء أكبر ميناء في المنطقة يربط قارتي آسيا وأوروبا عبر طرق وسكة قطار تمتد من البصرة إلى العقبة وإلى تركيا مروراً بمحافظات عراقية عديدة، الأمر الذي شجع الصين للسعي بجدية لربط طريق الحرير بهذا المشروع الحيوي.
وبعد عام 2003 والتغير الكبير الذي حصل في العراق عمدت الحكومة للبدء الحقيقي ببناء هذا المشروع الذي عدته الأوساط السياسية والاقتصادية بمثابة نفط دائم، إذ إنه سيسهم مساهمة كبيرة بتعظيم الموارد والعملة الصعبة لدعم الاقتصاد المحلي من جهة، كما أنه سيمنح العراق مكانه خاصة من جهة أخرى.
كيف بدأ المشروع ..؟
لتسليط الضوء على هذا المشروع الحيوي، التقينا الدكتور فرحان الفرطوسي، مدير عام شركة موانئ العراق ليحدد لنا أهميته الاقتصادية وتأثيره المستقبلي على الأجيال والاستفادة منه كبديل حيوي عن النفط، الذي تحدث قائلاً:
وضع حجر أساس هذا المشروع في 5/ نيسان / 2010، وحينها قدرت كلفته المالية بنحو 4.6 مليار يورو على مساحة 54 كيلو متراً مربعاً تمتد من الفاو إلى أم قصر (الواجهة البحرية العراقية المطلة على حوض الخليج العربي)، التي ستكون الملاحة فيها في مأمن كبير من الدوريات الكويتية والإيرانية لأنها ستكون على سواحل عراقية ومياه دولية خاضعة تماماً لسيطرة العراق. وجرى اختيار موقع الميناء في الجانب الغربي لشبه جزيرة الفاو طبقاً لعقد التصاميم والخدمات الاستشارية بين وزارة النقل في العراق وتكتل الشركات الإيطالية (تكني كال).
وأضاف: باشرت الجهات المعنية والمستفيدة من المشروع بالعمل بعد انطلاق المرحلة الأولى، وهي بناء كاسر أمواج بطول 14,5 كلم باتجاه البحر، الذي جرى تشييده على مدى 5 سنوات، وكلف 591 مليون دولار. وفي شهر نيسان من عام 2020، أصدرت موسوعة غينيس للأرقام القياسية شهادة بأنه أطول كاسر للأمواج في العالم، بحسب تقارير سابقة.
وخطط لهذا الميناء أن تكون أعماقه بأكثر من 19 متراً، ليكون قادراً على استقبال السفن الكبيرة، لذا حل في التسلسل الثاني عشر بين الموانئ العالمية الكبرى، ليكون طريقاً آمناً للتجارة البحرية الدولية بين آسيا وأوروبا.
وعن تفاصيل المشروع الأخرى أوضح قائلاً:
إنه يتكون من 99 رصيفاً، منها النفطي ومنها التجاري، وباشرت الشركة العامة لموانئ العراق بإرساء ركائز 5 أرصفة لتكون بداية العمل في هذا المشروع، التي من المؤمل أن تدخل الخدمة في عام 2024 المقبل، لتكون هذه الأرصفة الخمسة بداية الانطلاق في إكمال بقية الأرصفة التي قدرت طاقتها الاستيعابية بـ 99 مليون طن سنوياً.
واختيرت شركة دايو الكورية بعد اكتمال كاسر الأمواج للعمل في بناء المشروع، الأمر الذي أثار تحفظات العديد من المختصين، إذ رفض العقد الذي قدمته الصين في بناء المشروع، ولكون الشركة غير قادرة على هذا إنجاز المشروع، بحسب تقارير صحافية، إلا أن وزارة النقل العراقية وشركة الموانئ نجحت بتوقيع العقد وإحالته إلى شركة دايو الكورية التي مازالت تعمل بإشرافنا لإكمال المشروع.
وأشار الفرطوسي إلى:
أن نسب الإنجاز تتقدم وبلغت مراحل متقدمة في بناء المشروع والأرصفة الخمسة التي من المرجح اكتمال العمل فيها نهاية عام 2024، إضافة الى ساحات لخزن الحاويات والبنى التحتية التي ترافق الأرصفة.
وعلى الرغم من كل ما يدور من صعوبات، إلا أن المشروع قائم على أرض الواقع، وأن العمل فيه يتطلب وقتاً وجهداً، إذ إن الأرض التي يجري العمل فيها خاضعة لتقلبات جوية وبحرية قد تسهم في تأخير أو التأثير على الأداء في العمل، لكنها لن توقفه.