المرصد الفلكي في النجف لرصد الظواهر الفلكية والأهلّة

58

عامر إبراهيم
تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية

ضمن مشاريع مرقد صافي الصفا اليماني (رض) في محافظة النجف، وتلبية للحاجة الملحة لرؤية الهلال في أول الشهر الهجري، وحالات الخسوف والكسوف، وسائر الظواهر الفلكية الأخرى التي يحتاج إليها المؤمنون وإلى توضيحها وبيانها، أنشأ ديوان الوقف الشيعي المرصد الفلكي في أعلى مزار صافي صفا اليماني وسط مدينة النجف الأشرف.
يندرج اختيار إنشاء المرصد الفلكي فوق مرقد صافي الصفا (رض) في إطار ما يحتله الموقع من بعد تضاريسي مهم، كون الموقع الأعلى ارتفاعاً في مدينة النجف،وما يحمله الأمر من دلالة فلكية مرتبطة بحركة الأفق، فضلاً عن أنه يشكّل نقطة جيدة لرصد الهلال، فهو يطلّ على منخفض وسهل بحر النجف الأشرف، كما أنه يشكّل أعلى موضع غربي المدينة، وقربه من العتبة العلوية المقدسة ومكاتب المرجعيات في الحوزة العلمية الشريفة.
مراقبة الهلال
الراصد ياسين رياض أحمد، من هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي، تحدث لنا عن بعض تفاصيل المرصد بالقول: “اختيار مكان المرقد تمت دراسته بعناية، وإنشاؤه أعلى مزار العبد الصالح صافي الصفا أثيب اليماني (رض) كونه الأعلى ارتفاعاً في مدينة النجف، وقريباً من العتبة العلوية المقدسة.” مبيناً أن للمشروع أهمية في تعزيز الواقع المتعلق بحركة الهلال والظواهر الفلكية الأخرى التي ترتبط بعمل هذا المرصد النوعي والمتخصص.
يضيف أحمد: إن “عملنا هو مراقبة الهلال والأحداث الفلكية ومتابعتها، وإقامة دورات ومحاضرات لطلبة المدارس والجامعات لشرح كل الظواهر الفلكية، وأود أن أبين أننا نمتلك تلسكوبين، أحدهما في القبّة الفلكية، والثاني في قاعة المحاضرات للتعليم، وكل تلسكوب منهما يضمّ مجموعة من العدسات نستطيع من خلالها تصوير كوكبي المشتري وزحل.”
مجمع بحثي
وعن الهدف من إنشاء المرصد، يقول الفلكي ياسر ياسين ناجي: “لعلّ مسألة الاختلاف في بداية الشهر القمري وثبوت رؤية الهلال من أكثر المسائل التي تثير جدلاً بين أوساط المؤمنين، لما يترتب عليها من أمور شرعية واجتماعية مهمّة، كالحج والصوم والعيد والمناسبات. لذا كانت فكرة إنشاء المرصد الفلكي الإسلامي في النجف الأشرف من أجل المساعدة في تشخيص موضوع الحكم الشرعي وبيان وضع الهلال أول الشهر الهجري، وحالات القمر والشمس من ناحية الخسوف والكسوف وغيرهما، ويعدّ هذا المرصد نواة لمركز أبحاث فلكية وفضائية عبر إقامة بنك للمعلومات المفصّلة والأرصاد والظواهر الفلكية التي تنمو مع الزمن لتكون أرشيفاً شاملاً للدراسات والأبحاث، فضلاً عن أنه مشروع حضاري إسلامي بالدرجة الأولى، ومحاولة لتوظيف الوسائل الفلكية والخبرات الحديثة لخدمة القضايا الإسلامية التي لها ثقل عبادي واجتماعي، وكذلك الاستفادة من المعلومات الهائلة التي وفَّرتها وكالة ناسا الفضائية الدولية والمراكز البحثية الأخرى، ومن أهداف المرصد أن يكون مجمعاً بحثياً ومعرضاً فلكياً يستقبل الوفود والطلاب لتقديم العروض وإقامة الندوات التي تخصّ الشأن الفلكي.”
توثيق الظواهر الفلكية
يضيف ناجي أن هذا المرصد هو الوحيد في النجف الأشرف المعتمد من قبل المرجعية والحكومة، مبيّناً: ليس بالضرورة أن يكون الاعتماد فقط على هذا المرصد في رصد الهلال، بل يمكن الاعتماد على مراصد عدة من داخل العراق وخارجه، كمرصد القطيف في السعودية.
ويؤكد ناجي أن “عملنا لا يقتصر على رؤية الهلال، بل نحاول توثيق جميع الظواهر الفلكية، كما أن للمرصد نشاطات أخرى في إقامة الدورات والمحاضرات في الرصد وعلوم الفلك، ويشهد مرصدنا زيارة علماء من جميع المذاهب والأديان لتبادل المعلومات وتقريب وجهات النظر فيما يخص رؤية الهلال، والفرق في ولادته، الى حد ظهوره في الأفق، وعملنا في أغلبه ذو طابع ديني وشرعي.” مختتما حديثه بالقول: إن “هذا المرصد التابع إلى ديوان الوقف الشيعي/ الأمانة العامة للمزارات الشيعية، هو الوحيد في محافظة النجف الأشرف المعتمد من قبل المرجعية الرشيدة، وأن هناك مراصد عدة في المحافظة، لكنها غير معتمدة.”