النــفايات في العاصمة.. بين ثقافة المواطن وغياب الحلول

724

ذوالفقار يوسف – تصوير: يوسف مهدي /

بين غياب الرؤية لدى المسؤلين في الامانة بايجاد حلول علمية واقتصادية للتخلص من الاف الاطنانمن النفايات التي يخلفها الناس خلفهم،وبين عدم وجود قوانين تردع المخالفين الذين لايتوانون عن رميها في كل الاماكن، تظل مشاهد رمي النفايات في الاماكن غير المخصصة لها هي الثقافة السائدة .
أمانة بغداد تشكو عدم رمي النفايات في الأماكن المخصصة لها وتتحدث عن جهود مضنية لجمعها في مدينة كبيرة. لكن في النهاية فإن المسؤولية تقع على عاتق الدولة، كما ينبغي أن نعلم أن القوانين تردع المخالفين، لكن بعد أن تقوم الجهات المعنية بواجباتها بطريقة علمية.
مشاهد
وأنت تقود عجلتك، وبينما يواجهك أحد التقاطعات في العاصمة الذي يستدعي وجود أكثر من عجلة بقربك، تخرج من إحدى نوافذها يدٌ قد ملئت بالنفايات، من أعقاب السجائر والمناديل المتسخة، وبلحظة تراها تلقى من هذه اليد نحو الشارع!
لا يستطيع كل من يشاهد هذا المنظر أن يحرك ساكناً، ليتحدث بما يجب أن يقال، رغم أن البلد للجميع وشوارعه ملك للشعب، وتخريبه أو عدم المحافظة على نظافته من مسؤولية الجميع، إلا أن الخوف من الدخول في جدال قد يؤدي إلى التعرض للمشاكل، يحول بين محاسبة هؤلاء الذين لايريدون سوى دمار البلد بتصرفاتهم..
مخلّفات ومخالفات!
اقتضت ضرورات الحياة أن تطرح الفضلات من كل شيء قابل للاستهلاك، فعند شربك لعصير ما فإنه يستوجب التخلص من تلك العبوة التي امتلأ بها هذا العصير، وكما العلبة هناك مخلفات الطعام والمخلفات العضوية والبلاستيكية والزجاجية والمعدنية، ولكل نوع من المخلفات له تاثير على البيئة بشكل سلبي إذا لم يعالج بصورة ما.
علاء أحمد (33 عاماً) يحدثنا عن تجربته أثناء سفره إلى إحدى الدول الأوروبية ويقول: “لقد كانت حياتي نظيفة طيلة أيام سكني هناك، فقد كان النظام المتبع في التخلص من النفايات مثالي بشكل جميل، فهناك الأماكن التي ترمى فيها أنواع النفايات مفصولة بعضها عن بعض، وهناك أيضاً طرق في الاستفادة من هذه النفايات عبر تدويرها من قبل المواطن، حتى أنك قد تكسب تذكرة باص مقابل رميك لقناني المشروبات الغازية في أحد الأجهزة التي خصصت لهذا الأمر، وفي أثناء مشاهدتي لهذه الأمور كم تمنيت أن يكون العراق كما هذه الدول”.
لاترمِ النفايات هنا يا ……!
وعبر وسائل الإعلام البسيطة كالكتابة على جدران المنازل، صار نبذ وإطلاق التحذيرات من قبل بعض المواطنين الذين عانوا من النفايات التي ترمى قرب منازلهم، إذ اضطر المواطن حسن جبار (40 عاماً) إلى الكتابة على جدار منزله حتى وإن تشوّه هذا الجدار حيث يقول: “كل صباح أجد كميات كبيرة من النفايات ولاسيما بقايا الطعام المتناثر وقد انتشرت قرب جدار منزلي، لم أجد وسيلة تمنع هؤلاء الذين لا اسم لهم غير محاربي النظافة والنظام، ما اضطرني إلى أن اكتب على جدار المنزل عبارة “لاترمِ النفايات هنا يا ………، ولكن بالرغم من إطلاقي التحذيرات لهم لايزال الأمر يتكرر، ما جعلني استعمل كاميرات المراقبة لمعرفة من يرمي النفايات قرب المنزل ولايراعي حقوق الجار، وقبل ذلك لا يقتدي بنبينا الكريم عندما قال في حديثه الشريف ((النظافة من الإيمان))”.
ثقافة النظافة
تعتبر العديد من الدول مشكلة النفايات وتراكمها موضوعاً خطيراً جداً، لما يرافقها من تأثيرات على جوانب عدة منها الصحية ومنها مظهر المدن، وعجز الحكومة عن التخلص من هذه المشكلة ليس السبب الوحيد لهذه المشكلة، إنما هناك ثقافة الشعب ووعيه في التعاون للحد من الكثير من المظاهر التي تزيد من حجم هذه المشكلة. المواطن تحسين الشمري (44 عاماً) يحدثنا بحرقة بهذا الخصوص ويقول: “صحيح أن الحكومة مسؤولة عن حل مشكلة النفايات التي تملأ الشوارع، إلا أن المواطنين لهم الجزء الأكبر في معالجة هذا الأمر، ووعي الشعب في هذا الجانب من الضروريات، كرمي النفايات في مكانها المخصص، وإدامة الشوارع الداخلية عن طريق حملات يقوم بها المواطنون لشوارعهم، فإن الشوارع ليست ملك الدولة وإنما ملك الشعب، لهذا يجب أن يكون لهم الدور الأكبر، وأغلب المواطنين قد يشاهدون بأعينهم كيف ترمى النفايات بصورة خاطئة، إذ واجهني أحد المواقف عندما مر من أمامي أحد الأطفال وهو يحمل كيس نفايات لم يستطيع حينها أن يرميه في الحاوية المخصصة للنفايات بسبب قصر قامته، ما جعله يرميه وسط الشارع، وبالتالي تمزق الكيس لتتناثر هذه النفايات في الشارع، من هذا الموقف يجب أن تكون هناك حملات توعية بهذا الأمر، ولكي يكون العراق أجمل يجب أن نتكاتف جميعاً”.
تدوير وتطوير
المتحدث باسم امانة بغداد حكيم عبد الزهرة يوضح لنا أن”الأمانة ترفع يومياً 7000 طن من النفايات في اليوم الواحد، وأن عملية إدارة هذه النفايات من رفعها ونقلها وتدويرها أو طمرها، مهمةٌ حيوية يومية تتحملها الأمانة والدوائر البلدية، إذ تتولى مديريات الأمانة البالغ عددها 14 مديرية، وأقسامها البلدية رفع النفايات والأزبال وإيصالها إلى تسع محطات تحويلية عن طريق مئات السيارات المتخصصة أو الكابسات”.
يضيف عبد الزهرة: “هناك مشاريع كثيرة لتدوير النفايات في بغداد”، مبيناً أن “الأمانة كشفت عن مشروعي التاجي وبوب الشام لكبس النفايات وتصديرها، لكنها واجهت مشاكل ومعوقات عديدة في بداية طرح هذين المشروعين بسبب النزاعات العشائرية في تلك المناطق، ثم تم تحديدها وتنفيذها سواء من ناحية الموقع وبناء الهيكل وشكل المعامل وذلك بالتعاون مع شركات تركية”.
ويؤكد “يجب أن تكون هناك قوانين رادعة ووعي من قبل المواطن بهذا الجانب، إذ أن هناك العديد من المواطنين غير متعاونين في هذا الجانب وهذه مشكلة بحد ذاتها، والأمانة هي من المواطن وإليه وتعاونهم معاً سيحقق ما نصبو إليه في جعل مدننا نظيفة ومنظمة”.