انقطاع التيار الكهربائي يتسبّب بتوقّف المضخّات شحّ المياه يتحالف مع الصيف والمواطن يهدرها بدم بارد
بغداد- ملاذ الامين/
يُعدّ الماء العصب الرئيس للحياة سواء لسكان المدن او القرى او البوادي، ولم تكن علاقة الإنسان بالماء عابرة عبر العصور، بل إنّه اتخذ مناطق سكنه قرب مصادر المياه كالآبار والانهار والبحار واجتهد في العمل من أجل تأمين وصول المياه الى بيته ومزرعته.
نشأت أعظم حضارات العالم القديم قرب الأنهر وعلى مشارف جريانه، لأن الانسان اكتشف بفطرته أنّه لا يستطيع الاستغناء عنه،
باعتبار أنّ الماء يدخل في طعامه وشربه ونظافته وعمله وتجلّت هذه العلاقة المستديمة بما ذكره الله في محكم كتابه الكريم: (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
لكن أغلب مدن العراق الذي يمتلك نهرين عظيمين عدا روافدهما تحت رحمة ندرة المياه، ويعاني السكان من قلة الصالحة منها للشرب لا سيما تلك المناطق غير المخدومة او البعيدة عن أنابيب المياه الصالحة للشرب او لأسباب أخرى تتعدد ولا توجد لها حلول.
متاعب الصيف
السيد خالد في حي الاعلام/الكرخ جنوب غرب بغداد يقول: إن “مياه الاسالة ضعيفة جداً في الصيف ويتم قطعها في اليوم لأكثر من ساعة وفي عدة أوقات، ما يعرضنا للارتباك فلا نتمكن من ملء خزانات المياه نهارا؛ فنضطر الى السهر ليلا حين يكون الماء متوفرا لملئها بواسطة المضخة الكهربائية” .
ويؤكد أبو سمير من منطقة الزعفرانية /الرصافة أن “منطقته تشكو منذ تأسيسها من ضعف مياه الاسالة فيها، لذا فإن أغلب البيوت نصبت عدة خزانات للمياه في سطوحها وآخر في الطابق الارضي الذي يُملأ أولا ثم تنقل المياه عبر المضخة الى الخزانات العلوية لتوفير المياه للعائلة”.
أما الاستاذة أم محمد من منطقة الحسينية شمال شرقي بغداد فأوضحت أن أشجار حديقة دارها ماتت عطشاً واختفت زقزقة العصافير والبلابل التي كانت تبني أعشاشها بين أغصان الاشجار العالية بسبب ضعف مياه الاسالة .
وتشير الى أنها تضطر في أغلب الاحيان الى حمل عدد من قناني الماء الفارغة معها في سيارتها الشخصية كي تملأها من المدرسة التي تعمل فيها، وفي حال انقطاع المياه عن المدرسة تتكفّل إحدى زميلاتها بملء القناني من بيتها، مبينةً أن توفير المياه الصالحة في منطقتهم تكلّف أموالاً يكون جمعها صعباً بالنسبة للعائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
الماء والكهرباء
و . ع من منطقة البلديات يشرح حالة الماء في منطقته فيقول :
“هناك تبادل بالساعات للحضور بين الماء والكهرباء في منطقتنا، فعند توفر الكهرباء الوطنية ينقطع ماء الإسالة وكلما انقطعت توفّر الماء، وشح المياه بات جزءاً من تفكيرنا اليومي حتى أننا في البيت قلبنا المثل القائل بالمال ولا بالعيال الى (بالكهرباء ولا بالماء)، لأنه لا يمكن الحياة وممارسة أدنى متطلبات المنزل اليومية من دون الماء، هذا لا يعني أن جيراننا وأهل منطقتنا حريصون على تقنين المياه واستخدامها بالشكل الامثل، بل إن جميع أهالي بغداد لا يبدون قلقين من أحاديث الجفاف ومناظر الشح التي تغزو الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ويتصرفون وكأن نهر دجلة بكامل عافيته ولا يترددون عن غسل سياراتهم بالماء العذب وهدره بطريقة خطيرة”.
الشرب من ماء الحنفية
بالحديث عن شرب الماء بشكل مباشر من الحنفية يقول المعاون الطبي س . م: إن “هذا الامر مستحيل ولا يمكن أن يلجأ اليه عاقل لكن في أغلب الاحيان ما يهمنا هي كمية المياه الواصلة وليس نوعيتها، وفي العموم لا توجد ثقة بالماء الواصل الى البيوت أنه صالح للاستخدام البشري، لا سيما أن العراقيين تركوا عادة الشرب من ماء الحنفية منذ زمن واتجهوا الى استخدام الفلاتر وشراء الماء المعلّب”.
واضاف أن “أغلب البيوت تمتلك فاحصاً الكترونياً لقياس الأملاح ونسب التلوث وأي عملية فحص للمياه الواصلة الى المنازل تثير الرعب لدى المواطنين وأنا واحد منهم وتدفعنا الى القلق من نوعية المياه الواصلة ومدى خطورتها على صحتنا”.
أسباب انقطاع مياه الإسالة
مدير عام دائرة الماء في أمانة بغداد حكمت عبد المجيد أوضح أنّ ” الانقطاع التام في منظومة الكهرباء يتسبّب بتوقّف محطات ضخ المياه عن مناطق بغداد، الأمر الذي يدفعنا الى اللجوء لتشغيل مولدات الأمانة بهدف ضخ المياه الى المناطق”، لافتاً الى أن “القدرة الانتاجية لتلك المولدات لا تستطيع تغطية الضخ بذات القدرة المعتمدة من خطوط الكهرباء”.
وأضاف أن “عملية تزويد المناطق في الوقت الراهن تعتمد على تشغيل المولدات بشكل مؤقت لحين إعادة تشغيل المنظومة الكهربائية”، مشيرا الى أن “الماء الخابط، ربما يتدفق في بعض الأحيان بسبب الركود الحاصل للمياه بعد الانقطاع”.
حلول
المواطن عباس حسين الحسني أحد سكنة مجمع المرور السريع الكائن في الجاون الشرقي لناحية الرشيد الواقعة جنوب بغداد دعا من خلال مجلة الشبكة الجهات المختصة الى ضرورة إيجاد الحلول المناسبة للانقطاع المستمر لمياه الشرب التي تصل الى عدة أسابيع في بعض الاحيان، مشيرا الى أن أغلب الساكنين في المجمع وأكاد أجزم أنّ جميعهم قاموا بحفر الآبار للحصول على المياه التي يستخدمونها للأغراض اليومية كالغسيل وتنظيف البيت وأواني الطبخ وغيرها من الاستخدامات اليومية المعتادة عدا عملية الشرب التي يعتمدون فيها على الشراء، لافتا الى حقيقة يجب الالتفات اليها الا وهي أن أغلب المواطنين امتنعوا عن شرب ماء الاسالة لعدم ثقتهم بدرجة نقاوته.