بعد أن كانت تُطبع في الخارج المناهج الدراسية تولد من رحم مطابع “الشبكة”

811

ذوالفقار يوسف – تصوير: حسين طالب /

ترقب ولهفة وحركة لا تستكين عند المرور في أروقة مطبعة الصباح التابعة لشبكة الإعلام العراقي، إنه تحدي المنجز، وضرورة الاحتكام الى النجاح مهما كانت الصعاب، أوراق وأحبار ومكائن، وأيادٍ لا تكل ليل نهار، لجعل بغداد لا لتقرأ فقط، وانما لتطبع مناهج أجيالها بأيادٍ عراقية، هنا كانت قصة النجاح تحت ظل شبكة الإعلام العراقي ومطابعها…
مطابع فتحت أبوابها لإصدار مناهج تليق بأبنائها، ولأنها من أرقى ماتوصلت اليه التكنولوجيا العالمية في عالم الطباعة، من حيث كمية الإنتاج ونوعية الطباعة العالية الجودة التي تمكنها من طباعة الكتب والمجلات والصحف والبوسترات بجميع أنواعها وقياساتها، استمر هذا المشروع على قدم وساق لتجاوز هذا التحدي والوصول الى التطورات الجارية في حقل الطباعة الحديثة.
بداية التحدي
بات كادر مطابع الصباح يصبو الى تحقيق ما لم يحدث قبل ذلك في العراق، وهو طباعة المناهج الدراسية لجميع المراحل وبمدة أقصاها (60) يوماً، إلا أن الشبكة تميزت لتنهي هذا التحدي قبل التوقيت المتفق عليه، بإنجاز أكثر من (63) مليون ملزمة، اي ما يقارب الـ (9) ملايين كتاب.
فقد أشار رئيس شبكة الإعلام العراقي الأستاذ فضل فرج الله الى: “أنه بسواعد العاملين في مطابع الشبكة، استطعنا تسليم ماتم الاتفاق عليه مع وزارة التربية، لسرعة الخطوط الإنتاجية التي لاتضاهيها أية مطبعة أخرى.”
مؤكداً: “أنه لم تقتصر القوة الإنتاجية للمطابع على الصحف والمجلات التابعة للشبكة، بل استطعنا من خلال هذا التحدي أن نصل الى الحالة القصوى لمطابعنا الضخمة، ومميزاتها التي هي بالتالي إضافة مهمة للمردود المالي لكافة مرافق الشبكة، التي تقسم الى: (مطابع الشيت 4) و (مطبعة الرول ستة أبراج)، وقوة هذا الإنتاج وجودة المطبوع وفر للشبكة فرصة للحصول على عقود طباعية كبيرة، من شأنها رفع اسم مطابع شبكة الإعلام العراقي في مجال المطبوع الورقي، وأنها قادرة على طبع كل ماتحتاجه الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة بجودة عالية، مهما كانت نوعيتها”.
22 عنواناً
مدير مديرية المطابع في شبكة الإعلام العراقي محمود جاسب خضير يبين: “بكميات كبيرة بدأنا العمل بطبع عشرة جداول، بعد أن أحالت وزارة التربية هذا المشروع الى مطابع الشبكة ودار الكفيل التابعة للعتبة العباسية، اي ما يقارب الـ 22 عنواناً موزعة بين المراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية”.
يضيف جاسب: ” لقد تم طبع هذه الكميات على مكائن طبع الرول، أما مكائن طبع الشيت فصارت حصتها من المجموعات الصغيرة وفق جداول ووجبات طباعية، ومنها كتب القراءة للصف الأول الابتدائي وكتب الأحياء والكيمياء والفلسفة والجغرافية والحاسوب للصفوف المتوسطة والثانوية.”
سرعة وجودة
دأبت رئاسة شبكة الإعلام العراقي على تطوير وتعزيز الجانب الطباعي في الشبكة كمديرية مهمة وحيوية، وقد تم التعاقد مع أفضل الشركات الألمانية التي تتميز في مجال صناعة المكائن الطباعية، إذ جرى تعزيزها بخطوط إنتاجية عملاقة ومتطورة، منها ماكنات طبع الرول بماكنتين تتكون الأولى من ستة أبراج والثانية من برجين، وتعدان من أسرع الماكنات الطباعية في العالم، اذ يصل الإنتاج فيهما الى 100 ألف ملزمة في الساعة الواحدة، وبواقع 32 صفحة ملونة بالكامل وبدقة طباعية تصل الى pdi 2400 كمعدل إنتاج للبرج الواحد، وكل هذا بتوليفة واحدة للعمل معاً وبنفس الوقت الحصول على إنتاج أعلى بفترة زمنية أقل.
يوضح حيدر مجيد، مدير التحضير الطباعي، أن “النوع الثاني من المطابع هي (الشيت فيد) وهي خطوط بأربع مكائن طباعية ذات صناعة ألمانية ذات الأربعة والخمسة ألوان مع منظومة التجفيف الحراري، وبخاصية استخدام الأحبار السرية والخاصة كالذهبي والفضي والميتاليك والبرونزي، اذ تصل سرعة الماكنة الواحدة منها الى 16 ألف ورقة في الساعة الواحدة وبقياس 100*70سم، مزودة بأجهزة مراقبة لدقة المطبوع بواسطة الماسح الضوئي كل 3 دقائق، وتعتبر من أكثر المكائن دقة في العالم، وذلك مايجعل الشبكة ترفد الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية والإعلامية والجامعات بمختلف مطبوعاتها، كالخطابات والفواتير والدفاتر الامتحانية والصحف، اما مطبوعات الشبكة فهي الأجود كجريدة (الصباح) ومجلة (بين نهرين) ومجلة (الشبكة) ومطبوعاتها الأخرى.”
“شفتات”
أربع وعشرون ساعة من العمل يرافقها مسح الجبين في كل دقيقة حرصاً على إنجاز المشروع بأسرع مايمكن وبأفضل نوعية، إذ تضافرت جهود جميع العاملين في المطابع لإنهاء هذا المشروع الكبير.
مايؤكد ويعزز المعنويات الكبيرة عند الجميع هو حديث السيد قاسم الحلفي، مدير مخازن المطابع وعضو لجنة طبع المناهج الدراسية، رداًعلى تساؤلنا عن كيفية إنهائهم هذا المشروع الضخم بفترة قياسية، ليجيبنا: “كلنا فداء لكل مشروع يخدم العراق وأبناءه، ولدينا الاستعداد على المبيت عاماً كاملاً اذا ما اقتضى الأمر، إذ أنه منذ إحالة مطبوعات الوزارة الى مطابع الشبكة، ولإنجاز التعاقد حسب السقف الزمني المحدد من قبل وزارة التربية، تم تقسيم العمال على نظام (الشفتات)، والذي يبدأ الأول منها من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، ليأخذ (الشفت) الآخر عمله حتى ساعات الصباح، وهناك (الشفت) الثالث الذي يسد الفراغ بين هذين (الشفتين) اذ يبدأ من الرابعة عصراً وحتى الحادية عشرة مساءً”.
مضاعفة الإنتاج
يتم التاكيد على المطبوع وألوانه وجودته بعد إنهاء طباعته، بعدها تتم إحالته للدخول بعدة مراحل (كالفرز والتكسير والتصحيف)، وكل مايتعلق بمقتضيات الإنجاز النهائي للمطبوع وتسليمه ومن ثم نقله الى المخازن دون ترك أية معوقات تقلل من قيمة هذا المنجز.
العامل عمار هشام يوضح لنا ما عاناه خلال هذه الأيام بعد أن احتكم الأمر أن يمارس وزملاؤه العمل لمدة 12 ساعة في اليوم ويقول: “بمجهود وتكاتف الجميع تمت مضاعفة الإنتاج، اذ عند الطلب منا عمل 30 ألف نسخة نقوم بدورنا بمضاعفة الإنتاج وإنجاز 60 ألفاً، وكل ذلك لتحقيق طموح الشبكة والعاملين فيها في كسر السقف الزمني الذي حدد بعقد الوزارة، وتقليص هذه المدة لكسب المطبوعات التي كانت تطبع خارج البلد، وأن نبعث بذلك رسالة الى الجميع بأن العراق وأبناءه قادرون على جعل المستحيل ممكناً، وأن ندحر الفساد والعقود الوهمية، وأن نفتح المجال لتشغيل العاطلين وطبع مناهج مدارسنا بأيدينا، بعد أن كانت تطبع خارج البلد، وأمنياتنا أن يثمن مجهودنا الذي أثبتناه من خلال جودة المطبوع وسرعة الأداء.”