بعد مرور 67 عاماً على افتتاحه من قبل نوري السعيد ما حكاية النجمة التي تربط ضفتي جسر الهندية؟

160

علي لفتة سعيد/
للكثير من المدن علامات دالة، كأن تكون بناية مسجد، أو حتى مئذنته، وقد تكون بناية سراي أو مجلس حكم أو سوقاً تاريخياً، أو حتى مستشفى. كذلك تكون لبعض المدن معالم ترتبط بالجسور، كما هو جسر الهندية، أو جسر طويريج، الذي يربط جنوب العراق بكربلاء، إذ يعبر عليه الزوار القاصدون زيارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام).
الهندية مشهورة باسمها ومكانتها التاريخية والجغرافية، فهي المدينة التي يعود تاريخها إلى عام 1793م 1207هـ حين قام (آصف الدولة بهادر يحيى خان) وزير محمد علي شاه الهندي سلطان الهند، بشق النهر لإيصال الماء من الفرات الى مدينة النجف من الضفة اليمنى لنهر الفرات. واستمر العمل طويلاً، وجرى الماء في هذا النهر أوائل القرن التاسع الميلادي، واستقام مجراه عام 1800م لتولد المدينة من رحم هذا النهر لتكون بعدها وحدة إدارية عام 1859م.
حكاية الجسر
لم يكن الجسر الحديدي موجوداً بكل تأكيد، بل كان هناك جسر خشبي حين كان التنقل بواسطة القوارب. وقد أنشئ عام 1913م في العهد العثماني، وسمي بجسر (الدوَب) لأن أكثر من 21 (دوبة) كانت تحمل هذا الجسر. عن هذا الجسر الخشبي، يقول الباحث (عباس محسن الجبوري) إن أهالي المدينة، ومع اشتعال ثورة العشرين ولكي يعيقوا تقدم القوات البريطانية قاموا بإحراقه. ثم أعيد بناء الجسر خشبياً أيضاً.
يضيف الجبوري أن الحركة التجارية زادت بين مدن الجنوب وكربلاء والنجف وبغداد، فبرزت الحاجة إلى انشاء جسر جديد. حينها قام الإنكليز بإحالة مشروع الجسر الحديدي إلى شركة (دورمان لنج) التي باشرت ببنائه في عام 1954 وكان يتألف من عشر ركائز كونكريتية. يستدرك الجبوري فيقول إنه أثناء صب الركائز سقط عامل هندي وتوفي في الحال. ولهذا ارتأت الشرطة ربط جهتي الجسر وبناء ما يمكن تسميتها (سقيفة) في فضاء الجسير الذي تمر تحته المركبات فكانت علامة (+)، وهو شعار علم بريطانيا وشعار الشركة ذاتها، فتكونت ما تشبه النجمة الثمانية وهي متصلة بالقوسين. ويشير إلى أن لا أحد قد غير هذه السقيفة او علامتها، لأنها تمسك بضفتي الجسر والكتل الحديدية التي تشكل الجسر. كما يذكر الجبوري أن الجسر تعرض للتفجير عام 2003 أثناء تقدم القوات الأمريكية الى مدينة كربلاء، فقد جرى تلغيم الجسر لإعاقة تقدم القوات المحتلة، لكن الجسر لم ينفجر أو يفجر. ليبقى شامخاً.
الذكرى 67
مرت هذا العام الذكرى السابعة والستين لافتتاح الجسر من قبل رئيس الوزراء نوري السعيد عام 1956. يقول الباحث (حسن الوزني) إن هذا الجسر لم يتغير منذ أن جرى إنشاؤه من قبل الشركة البريطانية، ولم تجر إزالة العلامة التي تربط حافتي الجسر. ويشير إلى أن العلامة ربما لا تعني العلم البريطاني، لكن علامة (الزائد+) ثم (الضرب ×) تشكلان العلامة الفارقة. ولهذا فهو يعد واحداً من أقدم الجسور في العراق الذي ظل هو الوحيد الذي يربط الجنوب مع شرق كربلاء. ويشير الوزني الى أن طول الجسر يبلغ أكثر من 173 متراً، وبلغت كلفته في ذلك الوقت ثلاثمئة وواحد وخمسين ألفاً ومئتين وتسعة وتسعين ديناراً عراقياً (351 ألفاً و299 ديناراً). وكانت مواده الأولية تأتي من خلال ميناء البصرة عبر نهر الفرات إلى طويريج عن طريق المراكب المجهزة بـ (الماطورات) التي تعود ملكيتها للمقاول العراقي (حسن علي السلمان). وأضاف أن الجسر يتألف من عشر ركائز ضخمة مزدوجة تبعد الواحدة عن الأخرى 39 متراً، لكي تمر المركبات النهرية والسفن. ويعلو الجسر قوسان متوازيان من الحديد الصلب يستندان إلى الركائز من الوسط لحمل الفناء بواسطة تسعة أعمدة حديدية من (الشيلمان)، شدّت بين كل قوس وسقيفة الفناء. وعن الفضاء الحديدي في منتصف الجسر قال إن القوسين وصلا من بريطانيا بشكلهما الهندي الموجود حتى الوقت الحاضر، الذي يشبه شعار علم المملكة المتحدة.