تين سنجار المجفف.. الألذ مذاقاً والأجود نوعاً
خالد إبراهيم – أربيل/
الهائل من التآلف الساحر، في البادية كانت قطعان غزلان الريم وأسراب الطيور النادرة والصقور والأرانب والحيوانات المفترسة، وفي المسطحات المائية كانت أنواع من الأسماك النهرية التي اختفت، او انحسر وجودها اليوم، إلا في أحواض التربية. زحف الحياة العصرية الجامدة مَسَخَ هذا
من منا لم يتذوق التين المجفف بأنواعه وأشكاله، ما بين المحلي والمستورد. لكن مما لاشك فيه أن التين المحلي المجفف المصنوع بأيدٍ عراقية خالصة هو الأفضل من بين أنواع التين المجفف، وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان، إذ يعتبر التين العراقي ذا طعم لذيذ ومن بين الأنواع الفاخرة للتين على مستوى المنطقة. وللحديث عن التين المحلي المجفف الذي يشتهر به أهالي سنجار، التقينا العم (محمد مصطفى آغا) وهو صاحب أقدم وأشهر محل لبيع العسل والتين والكرزات في سوق القيصرية بأربيل، الذي تحدث قائلاً:-
“هذا السوق هو أحد أقدم الأسواق في أربيل، سابقاً كان يدعى سوق البقالين وسوق الجبن، واليوم سوق الجرزات في سوق القيصرية، وهذا السوق معروف ببيع العسل والتين المجفف والسجق والكرزات بأنواعها، وهي من أجود الأنواع التي تشتهر بها المنطقة الشمالية، لكثرة جبالها التي تبدأ من المصيف الى حاجي عمران والمواد المصنوعة في هذه المنطقة هي الأجود والأفضل.
التين المحلي المجفف
والتين المجفف في سنجار كان سابقاً هو الوحيد الذي يباع ويتوفر في الأسواق، ولكن بسبب الانفتاح وتغير الظروف أصبح التين الموجود في السوق هو المستورد من تركيا وإيران والهند وكازخستان، لكن التين المجفف لمنطقة سنجار هو طبيعي خالص وبدون أية مواد حافظة وبنوعية ممتازة، وزراعته قديمة جداً فأنا منذ صغري منذ ستينيات القرن المنصرم هنا مع والدي في هذا السوق، كان التين السنجاري المجفف هو المرغوب، والناس تقبل على شرائه، وكان يخاط بخيوط خاصة ويعلق، وهو ينفرد عن المستورد الذي يكون (فل) وعلى شكل حبات منفردة.”
وصفة طبيه مجانية
ويعتبر التين المجفف وصفة طبية مجانية، فهو من صنع الباري عز وجل، إذ يمتاز بكونه مليئاً بالفوائد، وعن هذا الجانب أضاف آغا قائلاً:-
للتين المجفف قيمة غذائية عالية، فهو يعتبر وصفة طبية طبيعية للعديد من الحالات كعلاج للإمساك مثلاً، وفوائد غذائية لاتعد ولا تحصى، ويبقى أحسن وأفضل الأنواع، والأغلى ثمناً، يصل سعر الكيلو الواحد من المستورد الى 20000 دينار أما المحلي الذي ينتج في سنجار فيصل الى 30000، وهو نوعية ممتازة وأي زائر عندما يصل الى المدينة لابد له من أن يزور هذا السوق، لأنه سوق قديم ينفرد ببيع الكرزات والعسل الجبلي والتين المجفف بأنواعه، وعلى رأسه تين سنجار المشهور والمعروف كونه من أفخر وأجود الأنواع.
للحديث أكثر عن هذا الموضوع، التقينا أيضاً السيد (مصطفى عبد الله) من سوق القيصرية الذي تحدث قائلاً:-
“نحن نعمل في مجال بيع الكرزات والحلقوم والتين المجفف والعسل ودبس الرمان ومن السما، وفيما يخص التين المجفف لمنطقة سنجار فهو تين عراقي محلي خالص، ولا يتوفر كل أيام السنة، إذ يكثر في نهاية شهر أيلول ولغاية نهاية السنة، وعليه طلب كبير كونه يتميز وينفرد بأنه خالص وطبيعي ولا تضاف إليه أية مواد دخيلة أو أي سكر، وأيضاً يوجد تين عقرة، ولكن ليس بكميات كبيرة فهو محدود، وتين سنجار المعروف بالتين المجفف منذ القدم، فكل منطقة تشتهر بإنتاج مادة معينة، فالموصل مثلاً تشتهر بأجود أنواع الراشي، ولا ينافسها أحد فيه، وفي سنجار الإخوة الإيزيديون معروفون بزراعة وإنتاج وصناعة التين المجفف الفاخر، وهم ينفردون بهذه الصناعة منذ أسلافهم وأجدادهم.”
ظروف مناخية معتدلة
وتتميز سنجار بكونها تتمتع بدرجات حرارة معتدلة، وهذا يساعد في زراعة وإنتاج التين. عن هذا الجانب يضيف مصطفى قائلاً:-
“تتميز المنطقة بدرجات حرارة معينة، وشجرة التين بحاجة الى ذلك، ويجري دفن التين تحت الأرض، إذ يقطف التين قبل نضجه، وبعد ذلك يدفن تحت الأرض بدرجة حرارة معينة، بعيداً عن الضوء، ويضاف زيت إليه الزيتون لكي يتميز بالطراوة، والناس حتما عندما نقدم لهم التين المستورد لا يرغبون إلا بالتين المجفف في سنجار، الذي فيه خصوصية، إذ إنه معروف ولا يقلد ويمتاز بخيوط ذهبية خاصة وبمذاق خاص لذيذ وشهي، وبرغم وجود المستورد، سواء السوري او التركي الموجود بكثرة، لكن يبقى المحلي أفضل، كونه طبيعياً مئة بالمئة، ولأن المستورد تضاف إليه مواد حافظة ، ويكتب على العبوة الخاصة به صالح لمدة سنة، أما المحلي فهو خاص بسكان قرى منطقة سنجار، الذين يعملون بكل اهتمام وعلى الفطرة، ولا تضاف إليه أية مواد حافظة أو سكريات، لذا يكون بمذاق وطعم لذيذين جداً وبجودة فاخرة.”