جمعية النحّالين العراقيين.. بين الواقــع وأمنيـــات مؤجلـــة

1٬361

ثريا جواد _ تصوير: صفاء علوان /

جملة رائعة لنابغة الرياضيات والفيزياء العالم آينشتاين لزوجته وهو يحدق في النحل قائلاً “اذا اختفى النحل من على وجه الأرض فلن تبقى أمام الإنسان سوى أربعة أعوام ليعيش”…وهذه حقيقة لأن النحل يلقح الأزهار وعدداً كبيراً من النباتات الضرورية لغذاء البشر وحياتهم، فاذا انقرض النحل فلن توجد حياة على الارض..

هي الحشرة الاقتصادية الوحيدة التي قامت حولها الدراسات في العالم لأنه (مخلصة البشرية) كما وصفوها، هذا ما عرفناه من خلال وجودنا في جمعية النحالين العراقيين في حوار لـ مجلة (الشبكة العراقية).

جهود شخصية

نظرا لتعرض أغلب المناحل في العراق الى الدمار بعد حرب الخليج أصبحت الحاجة ضرورية وملحّة لتأسيس جمعية النحالين العراقيين التي يترأسها السيد قاسم مظفر منذ العام 1991 وأصبح بامكان الجميع الانتساب اليها من الشمال الى الجنوب واعادة بناء المناحل من جديد من خلال عقد الاجتماعات الدورية والندوات التعريفية التي تقيمها الجمعية كل اسبوع ويحضرها النحالون العراقيون من المحافظات وأطراف بغداد للتعاون في مكافحة الامراض بسبب الحالة الزراعية المتردية في العراق. ويضيف: اسهمنا بتأسيس اتحاد النحالين العرب في العام 1994 واصبح للجمعية اسم معروف على المستويين العربي والعالمي من خلال المشاركة في عدة مؤتمرات، ولعل أهمها المؤتمر الدولي الثامن لاتحاد النحالين العرب الذي اقيم في محافظة النجف الاشرف بمشاركة 12 دولة وبجهود شخصية وبدون دعم من أية جهة في العام 2015 إضافة الى المشاركة في المؤتمرات العالمية في بلجيكا وفرنسا واوكرانيا وتركيا.

التلوث والنحل

يعاني النحل من التلوث البيئي واستعمال المبيدات العشوائية على النباتات، ويؤثر بطريقة سلبية إضافة الى ما يتبقى في التربة نتيجة (الرش العشوائي) وكذلك مكافحة الادغال وخاصة (الحنطة) التي يستفيد منها النحل، وهذا بدوره يؤدي الى تلوث المزروعات بشكل عام ولا يزال العراق يعاني من التلوث وبمستوى عال فضلا عن الملوثات الاخرى للبيئة منها تلوث المياه وقلة المزروعات التي يعتمد عليها النحل والتصحر نتيجة قلّة الامطار, ولا يزال التعاون قائما مع دار المتنزهات والمشاتل لزيادة الازهار المزهرة لأن انتعاش النحل هو دليل حي على نظافة البيئة.

الصبر والتحدي

تعشق تربية النحل منذ العام 1996 واتخذتها هواية لها واصبحت شغلها الشاغل.. انها الست سعاد الصفار نائبة رئيس جمعية النحالين العراقيين/ رئيسة لجنة المرأة في اتحاد النحالين العرب، اذ قالت: منذ مدة طويلة وانا اعمل في هذا المجال، والتعامل مع النحل يمنحني الصبر والتحدي والشموخ، وليست كل امرأة لديها القابلية لتربية النحل والاشتغال بهذا الحقل ولكنها عندما تتولع بالنحل فمن الصعوبة جدا ان تتركه وأضافت: ان خلية النحل هي ليست انتاج عسل فقط بل هناك انتاجات كثيرة اخرى منها (الغذاء الملكي) الذي هو ضمن اختصاصها وحبوب اللقاح (العكبر) Propolis وهي المادة التي استخدمها الملوك الفراعنة منذ القدم في التحنيط ويسمى ايضا (الحافظ الامين) ويعني المادة الحافظة، وهناك سم النحل (اللسع) والذي يعمل به حاليا بشكل واسع عن طريق الوخز بالابر الصينية بدلا من الابر الصينية وعن انعكاسات مسار الطاقة التي يستخدمها المعالجون لمعالجة الكثير من الامراض.

تلقيح الملكة

تتكون خلية النحل من: أولاً (الملكة) ويتراوح عمرها بين (6 الى 7) سنين وتمتاز بشكلها الجميل والمتميز وهي أجمل ما موجود في الخلية، فالجميع يلتف حولها وهي الاكبر حجماً ويمكن تمييزها ايضا من خلال البيوت الملكية. وتفرز ملكة النحل 13 هرمونا ومن خلالها تعمل هذه البيوت وتوعز للنحل لتهيئة البيوت الملكية وغذائها خاص يستمر لمدة 5 ايام (غذاء ملكي) وحينها تصبح ملكة وظيفتها وضع البيض داخل الخلية وكل ملكة نحل لها صفات خاصة فنراها يوما نشطة, شرسة, هادئة ويوماً بشكل آخر بحسب الذكر الذي يلقحها حيث يتم تلقيحها في الجو (الهواء الطلق).

ثانياً (الذكور) وظيفتهم تلقيح الملكة في موسم التلقيح وخاصة القوية منها ويتراوح عددهم من 6 الى 16 و9 منهم تقريبا من يقوم بتلقيح ملكة النحل والذكر القوي يلقح الملكة في الجو ومن ثم يموت ويأتي بعده آخر ويموت وهكذا وعادة ما تكون الذكور شرهة للعسل في فصل الصيف.

ثالثا (الشغالات) أو العاملات وهن أكثر فئات النحل عددا وهن المسؤولات عن تنظيف الخلية وجمع الرحيق من زهور الاشجار من الحقول اضافة الى حماية الخلية وجمع العسل ومنع الذكور من الدخول الى الخلية، وتموت الشغالات بين عمر يتراوح من 45 الى 60 يوما في فصل الشتاء.

السر الإلهي

ملكة النحل وحدها غذاؤها (غذاء ملكي) وعند تحليله وجد فيه المختصون احتواءه على الكثير من المعادن والأملاح والبروتينات والدهون والاحماض الأمينية والرماد اضافة الى ما يسمى (السر الالهي) أي الشفاء الالهي بنسبة 3% وعندما يتم انتاج العسل وينتج الغذاء الملكي يستهلك كل 20 كيلوغراما من العسل وينتج 1 كيلو شمع وعليه تكون هذه العملية مجهدة بشكل كبير للخلايا وفقط (الشغالات) وفي عمر معين هي من تنتج الشمع.

انواع العسل

تترواح انواع العسل في العراق من 5 الى 6 انواع ولعل اهمها (السدر) الذي يجمع في شهر ايلول ويتم فرزه في شهري (تشرين الاول والثاني).عسل (البرسيم) الذي يوصف لفقر الدم فضلا عن عسل (الكالبتوس) الذي يفرز في بداية شهر اذار و(عسل الزهور المختلفة)و(الجبلي) في جبل كورك وقنديل وحاج عمران. وللحصول على عسل جيد من (20 الى 25) كيلوغراما يفترض توفر ثلاثة شروط أهمها وجود نحل نشيط وادارة مرعى جيدة وثالثا سلالة نحل جيدة. وأضاف النحال (ياس خضي الجشعمي) .. ان (العسل العراقي) هو من أجود الانواع ويباع بسعر رخيص جدا يصل الى 50 الف دينارعراقي فقط في حين يباع في الدول الاخرى بمبلغ يصل الى 150 دولارا والسبب يعود لكثرة استيراده وعدم وجود حماية للمنتوج الوطني.

وسائل حديثة

هناك كثير من الاجهزة المتطورة والحديثة في العالم وخصوصا ما يسمى (بنك الملكات) ويفتقر العراق الى مثل هكذا جهاز فمن المعروف أن الملكة اذا ماتت في فصلي الصيف او الشتاء فمعنى ذلك موت الخلية لكن في الدول المتقدمة هناك أجهزة خاصة لتلقيح الملكات في اي موسم من مواسم السنة.

دورات لتعليم النحّالين

تعمل جمعية النحالين العراقيين جاهدة للقيام بدورتين في فصلي الربيع والخريف للمبتدئين والمتقدمين لتثقيف النحال العراقي وهي مجانية وبجهود شخصية لغرض توصيل فكرة ان هناك عسلا جيدا في العراق ولدى الجمعية نشاطات متعددة في كلية العلوم /بنات بعد العطلة الربيعية وتأمل الجمعية أن يكون هناك تعاون حقيقي بين الدولة والجمعيات المتخصصة بالنحل وإشعار النحالين قبل 10 ايام في المناطق التي يتم فيها مكافحة المزروعات لحماية مناحلهم لان هذه المبيدات تؤذي البيئة.

وسائل الإعلام

للأسف الشديد لم تسلط وسائل الاعلام الضوء على النحالين وعدم وجود برامج ارشادية وتثقيفية بهذا المجال ففي السابق كان هناك برنامج تلفزيوني(وقفة زراعية) يظهر يوميا قبل نشرة الاخبار الرئيسة على شاشة التلفاز لمدة 15 دقيقة يتحدث عن موضوع زراعي معين اما الان فنحن نفتقر الى هكذا برامج.

اجازة تأسيس منحل

تقول الدكتورة افراح صباح عبد الحميد من وزارة الزراعة/دائرة وقاية المزروعات..إن الهدف الرئيس من وضع شروط للنحال الذي يرغب في تأسيس منحل خاص به ان يكون لديه (اجازة تأسيس منحل) كي تكون لدينا قاعدة بيانات ومسح ميداني لكل المناحل ومناطق وجودها لغرض السيطرة على الامراض التي تصيب المناحل وخصوصا مرض (الفاروة) Varroa وهذا النظام معمول به في كل دول العالم ودعت الى ضرورة التعاون والثقة المتبادلة بين النحال ووزارة الزراعة من خلال الدورات التي تقيمها الوزارة لتعليم النحالين العراقيين كيفية استخدام المبيدات ومنها (أورجانيك) Organic ومنشأه ايطالي ضد مرض (الفاروة) الفتاك الذي يلتصق بجسم النحلة ويشكل هذا المرض خطورة كبيرة بالنسبة للنحالين اذ اعتبروه آفة خطرة لانه موجود بكل مراحل دورة حياة النحل اي في اليرقة والذكور والملكة والشغالات وأول اكتشاف لمرض (الفاروة) كان في العام 1904 في جزيرة جاوة الاندونيسية ووصل الى العراق في العام 1985 باستثناء استراليا وهي الدولة الوحيدة التي لا يوجد فيها هذا المرض لوجود شروط حجر صارمة ومضبوطة.