درّاجات (التكتك).. فوضى بلا رقيب

1٬099

سلام الحسيني /

سائقو الدراجات في بغداد لا يلتزمون بمعايير الأمان والسلامة في حين يقول هواة قيادة الدراجات ومالكوها إن الأسباب الحقيقية لهذه الحوادث تعود إلى افتقاد العاصمة العراقية إلى أماكن وساحات مخصصة لقيادة الدراجات ..!

يحدث أن تُصاب بالدهشة ويتملكك الخوف وأنت تتجول في أحد الأسواق الشعبية المكتظة بالدراجات النارية ( التكتك )، يُخيل اليك الامر وكأنك في بلاد آسيوية كالهند أو باكستان ولست في بغداد. في الآونة الأخيرة انتشر هذا النوع من الدراجات بكثافة غريبة ومرعبة فأخذت تغزو شوارع العاصمة وتحديداً الأحياء الفقيرة ( مدينة الصدر – الشعب – الحسينية – حي أور – البلديات ) وغيرها من المناطق .

استطلعت “مجلة الشبكة” الأمر وغاصت في حيثياته في سوق (الكيارة م. الصدر) حيث سألت الشاب محمد، البالغ من العمر 25 عاماً خريج بكالوريوس علم النفس، وهو يملك (تكتك) عن سبب اقتنائه له فقال: أنا شاب ولدي الكثير من المتطلبات اليومية فضلاً عن كوني معيلاً لعائلة تتكون من أب مشلول وأم تمارس الخياطة وأختين طالبتين في الثانوية، طرقت الأبواب جميعاً بعد أن حصلت على الشهادة الجامعية ولم أحصل على وظيفة، بعد ذلك وضعت شهادتي الى جانب الأحلام المؤجلة، وماأكثرها. وأضاف محمد لـ “الشبكة”: لست راضياً عن عملي لكنني مضطر لكسب لقمة العيش في هذا الوقت الصعب الذي بات فيه كل شيء يُحسب بالمال فقط.

دراجة لكافة الفئات العمرية

المثير للغرابة أن العمل على(التكتك) لايقتصر على عمر معين ولا ضوابط تُحدد الفئة العمرية لقيادتها وما إذا كان سائقها يُجيد قيادة السيارة لتلافي الوقوع في الأخطاء المرورية التي قد تُسبب حوادث مروعة في الشارع. يقول حسين، الفتى الصغير الطالب في الثاني المتوسط : اشتريت (تكتك) بعد أن طلب مني أبي أن أستغل فترة العطلة الصيفية لجمع مبلغ من المال يكفي لشراء متطلباتي الدراسية في الفصل الدراسي الجديد والجميع يعرف غلاء القرطاسية والثياب إضافة الى شراء الكتب والملازم. تحدثنا معه بشأن زحام الشارع بالسيارت وكيف له أن يتمكن من العمل وإزاحة الخوف وهو بهذا العمر الصغير .. فأجاب: “مرة مرتين تتعود والي يخاف من الشارع راح يسوي حادث.”

أثناء انتقالنا الى سوق آخر يعج بالمتسوقين وكذلك بسائقي (التكتك) الذين يقفون في صف مبعثر دونما انتظام وهم ينتظرون الركاب الخارجين للتو من سوق شلال (حي أور) محملين بأكياس مملوءة بالبضائع، تبادلنا أطراف الحديث مع سائق التكسي فاضل إبراهيم، الشاب الثلاثيني، لأشراكه في محور موضوعنا ولنعرف رأي سائقي التكسي بعد موجات تسونامي (التكتك) التي ضربت البلاد. أطلق حسرةً قبل أن يقول: هذه كارثة قد حلت علينا فلم يعد دخلنا اليومي كما كان في السابق، الآن نحن نتوسل في الركاب وحتى دون أن نتعامل معهم على الأجرة لانريدهم أن ينزعجوا(العبري اليوم مدلل) بسبب هذا الغضب (التكتك).

وأوضح فاضل لمجلة “الشبكة” أن هناك تُجاراً شرسين هم من يُسيطر على السوق الاقتصادية في البلد، فهم من يغرق الشوارع بهذا النوع من الدراجات وبارقام خيالية وبسعر مناسب للعاطل عن العمل او لمن يرغب بالمنافسة على اغراء (العبرية)، هذه الدراجة (التكتك) أمست كابوساً يطاردنا لأنها صغيرة وسريعة وأجرتها قليلة لذلك صارت مفضلة لكثير من الناس الذين يريدون إنهاء تسوقهم بالسرعة الممكنة وبسعر أجر زهيد. وأضاف فاضل لمجلتنا: والأدهى من ذلك كله أنها بلا أرقام مسجلة لدى مديرية المرور لذلك فهي لاتلتزم بالاشارات المرورية مايسبب إرباكاً لنا أثناء القيادة وكثيراً من الحوادث الفظيعة.

عجلات بلا رقيب

هل حقا لا تسجل في المرور؟ فتوقفنا عند تقاطع ساحة مظفر مدخل مدينة الصدر لنسأل الملازم ضياء دارم عن عدم تسجيل لوحات لهذا (التكتك)،الذي شرح لمجلة “الشبكة”، بان هناك متابعة والعمل جارٍ لتسجيلها جميعاً لكن بسبب كثرتها وانتشارها السريع في المدن ودخول وجبات بالآلاف يومياً للعراق لاتستطيع مديرية المرور اتمامها بشكل سحري فضلاً عن الروتين المتعارف عليه في لوحات المركبات. نحن ولا أُخفيكم سراً منزعجون جداً من (التكتك) لكننا لانملك سلطة قانونية لردعها مالم تُسجل وتوضع عليها لوحات الارقام،أغلب سائقيها مراهقون وصغار ولايحترمون رجال المرور ولايعرفون ضوابط القانون واحترام الشارع. توجهت مجلة “الشبكة” بالشكر والامتنان للملازم ضياء ولما تنتهِ مهمة تحقيقنا لهذا الموضوع عند هذا الحد.

خطر أمني

رجال الشرطة، من جانبهم، اطلعت مجلة الشبكة على آراء بعضهم حيث بدأوا في منع الدراجات الصغيرة والبطيئة في الشوارع قائلين إنها غير آمنة فيما تتصاعد حوادث الدراجات النارية باستمرار.

ويقول خبراء أمنيون إن الانتحاريين يلجأون عادة إلى استخدام الدراجات في عمليات التفجير الأمر الذي بدأ يدفع رجال الشرطة والجيش إلى توقيف وتفتيش بعض الدراجات وسائقيها .. وأشاروا إلى أن الجماعات الإرهابية استغلت فوضى امتلاك الدراجات النارية والكثافة العددية لها في الشارع العراقي للقيام بعمليات انتحارية ما اضطر مفارز الأمن وشرطة المرور إلى الحيطة من راكبي الدراجات بعدما كثرت التفجيرات سابقاً.

تحذير الجهات المختصة

بعدما بات انتشار الدراجات النارية يشكل ظاهرة اجتماعية ومرورية سيئة حصدت حوادثها أرواح الكثيرين وتسببت في إعاقات متفاوتة للبعض الآخر وقدرت الجهات المختصة لمجلة “الشبكة” أن عدد الحوادث المسجلة يقدر بالآلاف سنويا يتوفى على إثرها المئات من الأشخاص وذلك راجع حسب رأيهم إلى أن سائقي الدراجات في بغداد لا يلتزمون بمعايير الأمان والسلامة في حين يقول هواة قيادة الدراجات ومالكوها إن الأسباب الحقيقية لهذه الحوادث تعود إلى افتقاد العاصمة العراقية إلى أماكن وساحات مخصصة لقيادة الدراجات ..!!