دييغو مارادونا محبوب الفقراء في نابولي
نابولي / آمنة عبد النبي/
لم يبق مارادونا في هذا العالم، لكن كل شيء هنا يضج باسمه، تخيل أنه قد يباع على هيئة ميداليات بسيطة يستقتل على شرائها السياح من (جنابر) النابوليين، أو ربما تسترخي صوره بشعره المجعد على الأرصفة المعدمة، وأحياناً تقف ركلاته الأسطورية المرسومة على حيطان مدينة، كل (دربونة) فيها تعتبر عجيبة من عجائب التاريخ والأركيولوجيا، لا يمكن وصفها إلا بتلمسها كالأعمى، لذلك كانوا يسمونه (معبود الفقراء)، كما كان في بوينس آيرس. والغريب أنك حينما تمشي بين أزقة نابولي، مدينته الغارقة بالفقر، يقفز من بين حيطانها سؤال مُر: ماذا يفعل مارادونا هنا؟ القديس الذي يمنحك القدرة الخارقة بتشفٍ وتحدٍ أن تُشير الى مناوئيك بالمرتدة التي أسقطت زيكو وسقراط وجونيور..
غيوم نابولي الصافية
يقول المهندس (علاء الأسدي)، الذي كان قادماً لزيارة نابولي -تحديداً- مأخوذاً بسحر المغناطيس: “كان اسم نابولي يعني لي (البيتزا)، لكن ما رأيته في الحقيقة هو مشهد مارادونا وهو ينزل إلى ساوباولو في نابولي من المروحية أمام آلاف المشجعين الذين ينتظرون بطلهم يهبط من غيوم نابولي الصافية، كانوا ينشدون نشيداً يملأ القلوب بصوت واحد: رأيت مارادونا، رأيت مارادونا. الجميل هو أن كل شيء في هذه المدينة يضج باسمه، أتذكر ما قاله في سيرته الذاتية: إن كرة القدم هي الحياة لدى أهالي نابولي، الناس هنا يوماً ما قيدوا أنفسهم بالسلاسل على سياج ستاد (سان باولو) يترجونني أن آتي، مستحيل أن أخذلهم.”
ربح العالم بعبقريته
في حين تذكر المترجمة المُقيمة في روما (جنان سليم)، أن دييغو عالم آخر، نبكيه اليوم مثل أطفال سرق منهم الأشقياء صُوَرَه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، مكملة:
“شغل مارادونا العالم بمواهبه ومشكلاته، وحتماً سيتذكره الجميع بأنه ذلك اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته، وخسرناه للأسف بسبب المخدرات، وقد ابتعد عن ملاعب كرة القدم مرغماً، بعدما خدّر هذا المنشط أسلوبه وفنه، ونقله من أمام مرمى كرة القدم إلى رهبة القضاء والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية.”
برحيله ماتت الكرة
أما الدكتور حيدر العتابي، فقد اعتبر أن برحيل مارادونا ماتت كرة القدم، إذ قال مسترجعاً الذكريات بألم:
“أتذكر جيدا عندما جمعت (دينارين) لمدة خمسة أيام في التسعينيات من مصروفي، وذهبت الى مكتبة (غسان المسيحي) في البلديات (العلوة) واشتريت كتاب (ماردونا.. أسطورة كرة القدم العالمية)، ورجعت مسرعاً الى البيت وقرأته أكثر من مرة في نفس اليوم، برغم أن الكتاب كان أكثر من ثلاثمئة صفحة في حينها. ثم عدت مرة أخرى وأخرى وأخرى وقرأته، كأنني أقرأه لأول مرة، إنه نجمي المفضل الوحيد الذي جعلني أحب كرة القدم (في فترة ما). رحل عن الدنيا تاركاً محبيه وجماهيره، حتى اليوم نحن نعيش حالة من الصدمة والحزن على رحيله.”