رمضان في أربيل.. مساجد عامرة وطقوس راسخة في الذاكرة

262

خالد إبراهيم – أربيل/
يستقبل المسلمون في كل بقاع المعمورة كل عام واحداً من الأشهر المباركة، ألا وهو شهر رمضان المبارك. وفي أربيل لهذا الشهر طقوس ومراسم خاصة، ونكهة جميلة في المدينة.
يقول الشيخ (حسام الدين جودت)، إمام وخطيب وكاتب إسلامي: “جرت عادة المسلمين قبل حلول هذا الشهر الفضيل المبارك أن يستعدوا لاستقباله، وهذا الاستعداد يكون على جانبين، استعداد روحي واستعداد مادي. الاستعداد الروحي حين يقوم المؤمنون أثناء شهر شعبان بالصيام الى الخامس عشر منه، ولاسيما في الليلة الخامسة من الشهر، التي تعتبر ليلة مباركة ومن الأيام المشهودة. أما الجانب المادي فإنهم يستعدون لشراء مستلزمات الصيام والاستعداد لهذا الشهر بحيث لا يشغلهم شراء الحاجيات عن الصوم، كما أنهم لا ينشغلون عن ختمة القرآن الكريم، وعن المكوث في الجوامع وقيام الليل لأداء صلاة التراويح والتسابيح. وفي هذا الشهر يكون الجو أكثر ملاءمة لصفاء النفوس وترك المعاصي، وأن يفتحوا صفحة جديدة مع الآخرين كإبراء الذمة، وزيارة الأشخاص الذين بينهم سوء في العلاقات لأي سبب من الأسباب، فلابد في هذا الشهر من تصفية القلوب، وأن يطلبوا من الله عز وجل أن يتقبل منهم الصيام والقيام، وأن يكون هذا الشهر شفيعاَ لهم بفضل تلاوة القرآن الكريم.”
التعايش الأخوي
في مدينة أربيل نجد التعايش الأخوي والسلمي يعم القوميات والأطياف والمكونات كافة، وإضفاء حالة جمالية بين الجميع، وبالأخص في أيام الشهر الفضيل. عن هذا الجانب يضيف الشيخ جودت قائلاً:-
” أربيل هي مدينة مشتركة، يعيش فيها الكردي والتركماني والعربي والمسيحي وبقية المكونات والأطياف، كلهم يحترمون هذا الشهر ولا يعلنون الإفطار العلني، حفاظاً على قدسية هذا الشهر المبارك واحتراما لطقوسه، واحتراما لمشاعر المسلمين، ونحن كذلك نحترمهم، ضمن المعايشة الأخوية مع الآخرين، إذ يجمعنا الدين ويطلب منا أن نكون عند حسن ظن الآخرين، وأيضا هنالك الكثير ممن يذهبون الى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة، لأن العمرة في رمضان تعد كحجة في هذا الشهر الفضيل. كما نقوم بتوزيع الصدقات والزكاة، فالأغنياء يؤخرون دفع زكاتهم الى شهر رمضان، لأن أي عمل يقوم به الإنسان في شهر رمضان فيه أجر كبير، والزكاة تصرف على الفقراء والمحتاجين، وهذا المال يصبح لهم وسيلة للخير والفرح الوئام.”
خصوصية الشهر
في أربيل تبقى المساجد مفتوحة أمام المصلين والمعتكفين حتى السحور وصلاة الفجر، وأيضاً تفتح الأسواق أبوابها أمام المتبضعين والسياح، كما تتزين الشوارع العامة والأسواق والمولات والمراكز التجارية بالألوان والنشرات الضوئية ابتهاجاً وفرحاً بقدوم الشهر الفضيل، هذا الشهر الذي هو خير من ألف شهر. عن هذا الجانب يردف الشيخ حسام الدين قائلاً:-
“طبعا مدينة أربيل تشبه بقية المدن العراقية، لكن تبقى لها خصوصية خلال ليالي الشهر الفضيل، إذ تبقى أسواقها مفتوحة، كذلك المساجد للاعتكاف وقراءة القرآن الكريم، كما يستغل الأئمة والخطباء أيام هذا الشهر الكريم بإلقاء المحاضرات والدروس الإيمانية، وفي بعض الأحيان يطرحون الأسئلة عن شهر رمضان وعن القرآن الكريم، ويوزعون الجوائز لمن يفوز بالمسابقات والأسئلة الدينية، وأيضا هنالك خصلة جميلة أخرى خلال الشهر الفضيل، هي زيارة المرضى والمحتاجين والنازحين، إذ إن أهل أربيل معروفون بأنهم يفتحون صدورهم وقلوبهم للناس قبل أن يفتحوا مدينتهم، نحن قلوبنا مفتوحة للجميع فنحن في الإنسانية إخوة، لأننا كلنا من آدم.. وآدم من تراب.”
المواطنون في المدينة يتقدمون بالتهاني والتبريكات للعالم الإسلامي أجمع، والعراقيين خاصة بحلول شهر رمضان المبارك، متمنين أن يعم السلام والمحبة والخير والفرح، وأن تكون أيام العراقيين كلها فرحاً وبهجة وسروراً، وأن يتقبل الله عز وجل الطاعات والصيام والقيام خلال هذا الشهر الفضيل.
يتحدث أحد المواطنين من أهالي المدينة عن الطقوس والعادات خلال ليالي شهر رمضان المبارك قائلاً:-
“كل مدينة أو محافظة هي جميلة ورائعة بتراثها وتاريخها التي تمتلكه، ولابد للجميع من أن يفتخروا ويعتزوا بها، ولهذا الشهر الكريم سمات وخصائص تميزه عن بقية أيام وشهور السنة، لما فيه من فضل كبير عند الباري عز وجل، فيتوجه المسلمون الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والصلوات والتراويح والتسابيح.
لعبة الصينية
كذلك هنالك عادات وألعاب رمضانية تمتاز بها أربيل دون سواها، مثل التجمع لممارسة لعبة الصينية، او كما تسمى باللغة الكردية (سينى سنيانى)، وهي تشابه الى حد ما لعبة (المحيبس)، وهي لعبة قديمة جداً كان الآباء والاجداد يمارسونها في أربيل منذ القدم، وهي مستمرة وتعتبر من الألعاب الفلكلورية التراثية للمدينة. نتمنى أن يتقبل الله عز وجل الدعوات والصلوات والطاعات وان يجعل أيام جميع المسلمين وبقية الأديان مليئة بالفرح والسرور.”