سائح برتغالي عن العراق.. أكرم شعوب الأرض وبلد الحضارات

188

آية منصور /

“لم أكن أتخيل أن يكون العراقيون بهذه الطيبة والكرم، لقد صورهم العالم في الإعلام على أنهم عكس ذلك تماماً، لكنهم يحبون الحياة والمرح، ويستقبلون الضيف بكرم بالغ، ويقدمون له الغالي والنفيس من أجل رؤيته مبتسماً ومرتاحاً في مكانه.”
كيف تبدو الحياة في العراق؟
يبدو (جوان فيراي)، السائح البرتغالي الذي قدم الى العراق، من أجل تجربة استثنائية ومميزة، سعيداً للغاية وهو يتنقل بين أحياء مدينة بغداد، ويستمتع بتناول الطعام المحلي والوجبات الشعبية بين المواطنين. أراد جوان توثيق رحلته للعالم والأصدقاء في بلاده، وإخبارهم أن الطعام هنا لذيذ، والأماكن التاريخية والحضارية كثيرة جداً، وأن العراقيين يحبون الحياة رغم جميع الحروب. في حديثه لمجلة “الشبكة العراقية”، أكد جوان أنه لم يشعر بخوف أو رهبة مطلقاً، بدا المكان بالنسبة له عاطفياً وحميمياً، كان الناس يسألونه عن أصله وبلده، يجيب إنه من البرتغال، يمزحون معه: تقصد من بلد رونالدو؟ تقصد من البرتقال؟ هل ود أحدهم تقشيرك؟ يضحكون، ويضحك معهم.
-احببت روحهم المرحة، حتى الغرباء الذين كنت أصادفهم في لحظة سريعة وعابرة يرفضون دفعي لمبلغ الشاي، يا إلهي لقد مررت بدول كثيرة لكني لم أر مثل هذه الطيبة.
أماكن كثيرة بوقت قياسي
أراد جوان تجربة التنقل الى الأماكن المختلفة من العراق، أكثر من عشرة أيام زار فيها الموصل وسامراء وكربلاء وبابل والناصرية، كان يتنقل وحده من مرآب الى آخر دون خوف. يقول إن الجميع متعاونون، حينما أسألهم عن مكان محدد أريد الوصول إليه يقومون بإيصالي والاطمئنان علي حتى يشعروا بارتياح. ويكمل بحديثه لـ “مجلة الشبكة” قائلاً:
-أحببت أن أستقل سيارة (كوستر) في طريقي الى كربلاء، نعم، كان الطريق حزيناً إذ يفتقد للتبليط او التشجير لكن ما ذنب المواطن، شعرت وكأن التشجير موجود في أرواح الناس، فهم من يمنحون المكان رونقاً، وكانت كربلاء مدينة ساحرة وروحانية ومهيبة حيث شعرت بسكينة وسلام كبيرين، وأحببت أن أبقى ليلة كاملة لنيل فرصة رؤية الطقوس الدينية المتنوعة.
الموصل وناسها الطيبون
كما انتقل جوان الى الموصل براً بعد سنوات من تحريرها، يتساءل لم يخشَ بعض الناس حتى يومنا زيارة الموصل؟ هناك الكثير من قطعات الجيش المنتشرة، كما أن الموصل مدينة جميلة جداً وتحوي الكثير من المعالم المهمة، يضيف بقوله:
-الموصل مدينة تضج بالحياة، فرغم الخراب إلا أن سكانها يحاولون الحياة مرة أخرى، هذا أمر عظيم، إنهم متمسكون بالأمل رغم كل شيء، وكانوا كرماء للغاية، أخذوني لرؤية آثار الحضر، يا إلهي إنها ساحرة، أعتبر نفسي محظوظاً لرؤيتي الكثير من الأماكن الآثارية في العراق.
حضارة العراق بعين برتغالية
استطاع جوان زيارة عدد ليس بالقليل من المناطق الأثرية، ومنها ملوية سامراء وزقورة أور العظيمة وآثار بابل، مع الحضر، وكان يتمنى لو أنه امتلك وقتاً أطول للاستمتاع بالأماكن الأخرى:
-كنت أرغب بزيارة باقي الحضارات العراقية، ما رأيته كان مدهشاً وخيالياً، البلاد هذه تضرب جذورها في عمق التأريخ، لكن ليس هنالك تسليط للضوء على أبسط حضاراتها.
الطعام العراقي.. يا إلهي
كانت واحدة من مهام جوان تناول الطعام العراقي لكونه محباً للأكلات الشعبية العالمية، ويشارك صديقاً بإدارة مطعم، فيقول إن ما يميز الطعام العراقي هو انه مطبوخ بحب وروح صادقة، فيمكنك الشعور بالطعم الذي لم تره في مكان آخر:
-لأكن صريحاً وأقول إن أكثر أنواع الطعام الذي أحببته في العراق كان في مدينة الموصل، ولاسيما الكبة المصلاوية، لكنني أيضاً استمتعت بتناول السمك المسكوف في منزل عائلة عراقية قاموا بشوائه أمام عتبة دارهم، وكان الأمر جنونياً ورائعاً، كما أحببت الدولمة كثيراً من يد سيدة بغدادية جمعت أبناءها وبناتها وجلسنا معاً على الأرض وتناولنا طعاماً عراقياً مع لبن أربيل اللذيذ.
الذكريات الأبدية
استطاع جوان أن يخلق ذكريات ويصنع مواقف رائعة مع العراقيين الذين صادفوه وقدموا له الحب غير المشروط، يؤكد لـ “مجلة الشبكة” أنه سيتذكر دائماً كيف قدموا له المساعدة والطعام اللذيذ، كيف ساعدوه على اكتشاف مدنهم وأقاموا له الولائم، هذا الأمر لا يحدث في بلد آخر، يقول جوان ويؤكد أنه سيعود الى العراق مرة أخرى لأنه ترك في داخله شعوراً هائلاً بالمحبة.