شباب يطيلون لحاهم بحثاً عن التميز.. وفرص العمل!
حيدر قاسم/
أن تجد شاباً لا يتجاوز عقده الثاني وقد أطلق لحية مخضبة بلون أحمر فاتح، أو حتى ألوان أخرى صار مشهداً مألوفاً.
الظاهرة التي تزداد يوما بعد آخر، يرجعها العديد من الناس الى تأثير المسلسل التركي الشهير”حريم السلطان” وخصوصاً شخصية السلطان الذي ظهر بلحية كثة.
فيما يرى بعضهم أن الظاهرة أبعد من تأثير المسلسل الى تأثيرات الحرب التي يخوضها العراق ضد ما يسمى بتنظيم “داعش”، الذي يطلق الكثير من عناصره المتطرفة ذقونهم بشكل مستفز،
وحتى بعض قادة فصائل داعش الذين حرصوا على الظهور بذقون طويلة،لكن هذا الرأي يرفضه شباب مولعون بإطالة لحاهم ويؤكدون أن لاعلاقة لإطالة اللحى بالتنظيمات الرديكالية لاسيما داعش، فهنا يعتني الشباب كثيراً بلحاهم ويعملون على تخضيبها بلون آخر لاضافة لمسة جمال لها، فالزينة والجمال هما ديدنهم.
تأثيرات غربية
يشير محمد عبد الحسين الذي يعمل حلاقاً الى أن ” هذا “النيولوك” الجديد، أخذ بالانتشار بشكل متزايد بين الشباب، خصوصاً فئات مادون سن الـ 25 عاماً، ممن يحرصون على اطلاق ذقونهم، بل ويميلون الى استخدام مساحيق ودهون لاطالتها، والعمل على تسريحها
ويشير الى أن هذا “النيولوك” فيه تأثيرات غربية بالدرجة الأساس، حيث أن قيم وسامة الرجل تتبدل بين فترة وأخرى، ففي الوقت الذي كان الاهتمام بـ “الشارب” موضة في وقت ما، وكان أغلب الرجال يتفاخرون بكثافة شواربهم، والتي تعد رمزاً للفحولة والقوة وفقا لما يعتقدون، أصبح اطلاق اللحى اليوم يمثل جزءاً لا يتجزأ من مظاهر الوسامة بحسب هولاء الشباب.
البحث عن الجاذبية
ويرى محمد البالغ من العمر 23 عاما وقد ترك ذقنه طويلاً، وصبغه بلون أحمر فاتح، أن مظهر الرجل سيكون أكثر جاذبيةً، وقدرة على ابراز شخصيته، فلكل مرحلة تقليعة تجذب الشباب.
ويمضي محمد ساعات طويلة أمام المرآة يومياً وهو يصفف ذقنه ويطليه بدهون وزيوت مرطبة.
ويؤكد لـ”الشبكة” أنه ” يعشق بعض الشخصيات المشهورة التي تظهر الآن بلحى طويلة.
متطلبات شرعية
ويرى فاضل عبد الباقي وهو في الخامسة والعشرين من العمر، أن أطالة ذقنه يمثل جزءاً من المتطلبات الشرعية، فالإسلام اوصى الرجل باطلاق ذقنه، بل ويرى بعض الفقهاء أن حلاقة الذقن غير جائزة.
ويرى محمد بظاهرة إطالة اللحى والذقون التي تنتشر بين الشباب بإنها حالة غريبة لكننا نميز بين من يطيلها لدواع شرعية وبين من يطيلها لأسباب البحث عن التميز وربما التزين.
(فاضل) المتخرج في كلية الشريعة، يقول لـ “الشبكة” لم أتأثر بأي شخصية مشهورة، أو لداعش علاقة بالأمر، بل هي قناعة شخصية، وأنا رجل مؤمن، وأرى من الضرورة تطبيق ما جاءت به الشريعة السمحاء.
التزاحم الاجتماعي
الخبير النفسي رياض كريم الحاصل على دبلوم عالي في العلوم النفسية، يقول لـ “الشبكة” أن ” ثمة علاقة ايحائية في شيوع هذا النمط من التسريحات، أو اطلاق اللحى بين أوساط الشباب”
ويضيف ” المتابع لانتشار هذه الظاهرة، يكتشف أنها لم تكن لتنتشر لولا وجود عوامل مساعدة، منها، وسائل الإعلام التي اسهمت كثيراً في الترويج لهذا الشكل، وقد اختارات نماذج من “الميديا” وركزت عليها، ما اسهم في رواجها بشكل لافت.
ويلفت الى ثمة مشكلة نفسية أخرى يمكن الاشارة اليها في هذا المجال، تتمثل في المنافسة الشديدة على التميز، وهي نزعة فطرية لدى الانسان، وحين يكون تحقيق هذا الأمر صعب او يشهد تنافساً، يلجأ المرء الى خيارات غير متوقعة أو متطرفة، كردة فعل لفشله في تحقيق تميز لافت في عمله، أو كصوت آخر يدعو الى الانتباه..
في العراق اليوم، نجد أن التنافس قائم على أشده، الرغبة في الامتلاك كجزء من التميز، الميل للتعلم الاكاديمي، البحث عن تحقيق الذات، ولهذ تكون الوسامة والتميز في طليعة اهتمامات الشباب العراقي ايضاً، لاسيما فئة المراهقين منهم.
ويجد هذا التطلع ضالته في ” الستايلات” الوافدة بمساهمة الميديا كما اشرنا، ، لذلك فإطالة اللحية ليس حكراً على العراق وحده، بل أن العالم بأسره يشهد هذه الظاهرة، حتى ان كبار مشاهير هوليوود كجورج كلوني وبراد بيت، ديكابرو، وغيرهم كانوا قد اطلقوا لحاهم، ليتحولوا الى نجوم المنصات الرقمية الى جانب مايتمتعون به من شهرة.
تأثيرات الكساد العالمي
وفي رأي غريب وطريف، يشير البروفيسور الاسترالي بروكس سان في دراسة اطلعت عليها “الشبكة” إلى أن عودة هذا النمط من اللحية ربما ترجع في أحد أسبابها إلى الأزمة المالية التي شهدها العالم عام 2008.
ويقول: “أعتقد أن أحد أسباب عودة اللحية إلى الظهور هو هذا الوقت الصعب، حيث يسعى الشباب الذين يتنافسون للحصول على فرصة عمل يسعون لجذب انتباه أصحاب العمل ومن ثم فإن إظهار بعض السمات الذكورية ربما يحقق الهدف.”.
ويضيف: “عقب انهيار بورصة وول ستريت في عشرينات القرن الماضي عادت اللحى للظهور مرة أخرى، ومن ثم ربما تكون الظروف الاقتصادية قد هيأت الوضع لعودة اللحى مؤخرا..”