شجرة الميلاد والعناقيد المضاءة.. جـــــذور مــــــــن الماضـــي وبهجة متوارثة

37

أمستردام / آمنة عبد النبي

تراث هولندي متوارث، وطقوس ميلادية محببة وساحرة يحملها ديسمبر لعشاقه، بدءاً من اختيار شجرة الميلاد المتراصفة في البيوت على هيئة مغارة صغيرة، تتدلى من بين جوانبها أجراس الترنيمات، ومروراً بالساحات العامة التي تتوسطها منصات العروض الموسيقية والأسواق العملاقة المزدحمة بحركة الشراء والتقاط لُعب الكرسمس الصغيرة ورائحة الفطائر ورقائق البطاطس.

تراث هولندي
تقول الفنانة التشكيلية المقيمة في أمستردام حنان الصالحي عن طقوسها المتوارثة في ليلة الميلاد: “تخيل أن تبدأ طقوس استقبال السنة الميلادية بفكرة جنونية، كاستضافة سيرك عملاق يجسد ثقافة الكريسمس، متوزع داخل ساحات العاصمة أمستردام، إضافة إلى تفعيل التزلج داخل المدن في أعياد الميلاد، باعتباره من الطقوس المحببة جداً لدى الهولنديين في شهر كانون الأول، وطقوس نهاية السنة الميلادية، حين يجرى تحويل ساحة المتاحف إلى حلبة تزلج كبيرة في كل فصل شتاء، يحيطها لزيادة المتعة الكثير من الأكشاك المتنوعة المنتشرة لبيع لوازم ليلة الميلاد، وأيضاً ما يبرز من طقوس متوارثة منظر وإطلالة سوق الزهور العائم الشهير في أمستردام، المنسجم مع روح الاحتفالات، كونه يعرض كثيراً من أشجار عيد الميلاد المزينة بالزنبق للبيع.”
طقوس دافئة
أما الكاتب الصحفي راجي سلطان، فقد اعتبر أن طقوس وترتيبات ليلة الميلاد مهمة جداً، وتحظى باهتمام العائلة الهولندية، قائلاً: “طقوس ليلة الميلاد هي ثقافة متوارثة، بدءاً من اختيار زينة الميلاد التي تكون متراصفة في البيوت على هيئة مغارة صغيرة تتدلى من جوانبها أجراس الترنيمات، والتهيؤ الكامل لصناعة أطباق المعجنات مثل كاتو الميلاد، أو كعك الفانيليا، والبسكوت الذي تتنوع نكهاته من الفانيليا إلى الشوكولاتة والليمون والبرتقال والقهوة، فصنع المُعجنات من التراث التقليدي الهولندي، إذ اعتاد الهولنديون على تحضيرها في هذا الشهر تزامناً مع احتفالات الكريسمس، ولا ننسى عادة الهدايا الخفيّة التي تحضّر قبل أسبوعين، حتى لساعي البريد أو بواب البناء، وحتى للضيوف الذين لا يمتون لهم بصلة قربى.”
غلاء وشراء
من جانبه، عبّر رجل الأعمال المغترب رائد الحمداني عن تأثير التضخم الذي تشهده هولندا وأوربا ككل، وتأثيراته على الطقوس، قائلاً: “نشاهد منصات متعددة للعروض الموسيقية الحية ونشاطات متنوعة وفعاليات ثقافية رائعة، فضلاً عن زيارة أكبر أسواق عيد الميلاد في البلاد، كلها تمثل طقوس الكرسماس، الذي تبدأ فيه الناس معايشة أعياد الميلاد والتمتع بأسابيعه المليئة بحركة الشراء. وهنا لا يمكن التغافل عن الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية، الذي -بصراحة- لا يوجد معه أي توفير، أو حتى زيادة في الراتب، ما قوّض طقوس الميلاد وترتيباتها التي أصبحت مكلفة، لأن -باختصار- ما نكسبه في العمل يذهب بأكمله لسداد فواتير الماء والكهرباء والإيجار والغذاء والدواء، أشعر أحياناً أن الحكومات هنا تفكر في سحب أموال الناس عن طريق ضرائب عالية جداً.”